“عن الحب و العزلة “تنطق بأدب المهجر النسوي اليمني
هايل المذابي/
صدرت عن منشورات المتوسط المجموعة القصصية الأولى للقاصَّة اليمنية مريم القحطاني وضمت المجموعة 12 قصة في 80 صفحة من القطع المتوسط و قد اختارت الكاتبة أن تكونَ معظم عناوينِ القصص بأسماء نساء يمنيات “عرفتهُنَّ شموسٌ وعرفنَ الظلمَة”، كما جاء في إهداء الكتاب
تكتب القحطاني و هي مسكونة باليمن و من هنا تكمن اهمية المجموعة في كونها تمثل ادب المهجر النسوي اليمني و الذي لا يزال شحيح النتاج .
كانت دار المتوسط قد ذكرت في موقعها الالكتروني خبر اصدار المجموعة و جاء ضمن التقديم : (.. من هديَّة التي تعيشُ في ذاكرةِ حاملِ رسالةٍ تخبرُ بموتِ ابنها، وهي الميِّتة منذ سنواتٍ بعيدة. إلى نورِّية التي ضيَّعت بوصلة الحبِّ واكتفت بمسايرة قدرها المحتوم، مروراً بخديجة التي رمتها عزلتها لتكون شاهدة على تزويج فتاة صغيرة، وصولاً إلى جميلة التي ربَّت حقداً دفيناً تجاه ظُلم الرجال، وليس انتهاءً بمارلين إعصارُ الشقاوة والبراءة. تكتبُ القحطاني قصصها بعدسةٍ خاصَّةٍ ترصدُ تلك التفاصيل التي كثيراً ما يُخفيها الزَّمن، وتتكدَّس فوقَها طبقاتٌ من الغبار، في وطنٍ يشي بجبروته وقسوةِ الحياةِ بين جنباته، حينَ تكونُ المرأة في قلب الأحداثِ العاصفة، مقاومةً لتصاريف القدر، مرتبكةً، تائهةً، وصاحبة موقف في آن واحد.)
تطرح قصص المجموعة موضوعات الحرب و الحرية و الكرامة الانسانية بلغة حسية لاذعة و توظيف للعامية و الموروث الشفاهي و رسم متقن للشخصيات و نسج سلس لعناصر السرد في نصوص ملتحمة بالواقع دقيقة الوصف و التحليل .
من المهم التعريف بصاحبة الاصدار مريم القحطاني، كاتبة يمنية من مواليد صنعاء. هاجرت إلى الولايات المتحدة في التسعينيات مع عائلتها. أسست موقع قنبوس لحفظ التراث. تكتب مريم القصة القصيرة منذ سن مبكرة، ولها مقالات وقصص منشورة في الصحف العربية. تكتب القصة باللغتين العربية والإنكليزية. حاصلة على بكالوريوس في علم النفس العام من جامعة كابيلا في ولاية مينيسوتا. تعمل حالياً معيدة ومرشحة ماجستير في استشارات الصحة العقلية السريرية في جامعة نورث وسترن، وتعيش بالقرب من واشطن العاصمة.
من اجواء المجموعة :
إنَّ الأسى لا يعني إلَّا أنكَ توقَّفتَ عن الانشغال بنفسكَ، ووقفت موقف المتفرِّج تُراقب حظوظ الآخرين. السعيد يصيبُكَ بالتعاسة لأنه أسعد منكَ، والتعيس يصيبكَ بالتعاسة لأنه أتعس منكَ. معرفة الفارق أصل المأساة. هذا ما تعلَّمتُهُ وأنا أشاهد نُوْرِيَّة. عندما تزوَّجتْ وهي ابنة أربعة عشر ربيعاً بقايد ابن القاضي الذي يتربَّع على نصف أملاك الناس وأعناقهم، تعدَّدت أسباب حسدنا وغَيْرَتنا منها، ولم يعد وجهها المضيء ولا شَعْرها الكستنائي الطويل وقامتها الفتية كلّ ما نحسدها عليه. لا. لقد أصبحت زوجة رجل تُحبُّه النساء لحُسْنه ودَمَاثته، ويحبُّ نُوْرِيَّة بلا سبب. بل إنه لم يكن يحبُّ أحداً أكثر منها، حتَّى أُمّه التي ظننَّا أنها قد عقدتْهُ وعَقَرَتْهُ بحُبِّها له، استطاعت نُوْرِيَّة بنظرة منها في إحدى الجِرب، في يوم من أيَّام الحصاد، أن تُخلِّصه من سطوة أُمِّه وتصطاده وتأسره وتجعل من نفسها شمساً يدور في فَلَكِهَا كما لو أنه خُلِقَ هكذا