ظلت المملكة المغربية، وهي من أقدم الممالك في العالم، صامدة وشامخة في وجه الغزاة وقوى البغي والشر عبر التاريخ، فقد راهنت دول كثيرة على أدية هدا البلد الأمين، بلد الزوايا والمساجد وحفظة القرآن الكريم، فتحطمت أحلامهم في معارك تاريخية كبيرة، وخابت آمالهم في تحقيق أحقادهم، وظلت المملكة شامخة لقرون طويلة، واليوم تواصل المملكة حلمها النهضوي الحديث.
“أسكنتُ هنا من يثبتون في البر ويبطشون في البحر، وخير من يُؤتـَمنون على المسجد الأقصى وعلى هذه المدينة”. هكذا تحدث صلاح الدين الأيوبي، القائد الإسلامي الذي استرجع القدس قبل أكثر من ثمانية قرون، وحررها من يد الاحتلال الصليبي، حين طلب من المغاربة الإقامة بشكل دائم في المدينة المقدسة، بعد أن شاركوا في تحريرها، وسمي حيهم بحارة المغاربة.
لا يمكن لمملكة بناها أمراء وسلاطين واتخذوا فاس ومكناس والرباط ومراكش عواصم لهم عبر التاريخ، أن تهزها مناوشات شرذمة من حثالة البشر أو دول لا تاريخ ولا حاضر لها، تحاول بكل حقد دفين أن تقسمها أو تقف في طريق تطورها، او تحد من نشاطها الاقتصادي عربيا وإفريقيا.
والتاريخ يشهد على عظمة امبراطورية مغربية حكمت من البحر إلى نهر السينغال، وكانت صخرة عاتية في وجه الغزاة، راهن الإسبان على دخول المغرب في معركة الزلاقة فأتت بخيلها وخيلائها فباتو ليلهم في حفرة تحت أقدام السلطان مولاي يوسف ابن تاشفين، راهن البرتغاليون على فناء المغرب وأهله حين بعت ألفونسو وملوك أوروبا جيوشهم الجرارة، فلم يمر يوم حتى صارت عروشهم تحت حوافر خيل المغاربة.
كان المغرب صخرة تتحطم عندها أوهام الغزاة، ولا زال، راهن ملوك قشتالة على زوال المغرب حين صاح البابا “دمروا المغاربة وأبيدو أمير المسلمين يعقوب المنصور وأبيدو أهله” فباتت جيوشهم الجرارة ليلها جيف يأكل منها الطير، بحفظ من الله.
قبل معركة وادي المخازن، كتب عبدالملك إلى ملك البرتغال سيباستيان قائلا: “إن سطوتك قد ظهرت في خروجك من أرضك، وجوازك العدوة، فإن ثبتّ إلى أن نقدم عليك، فأنت نصراني حقيقي شجاع، وإلا فأنت كلب بن كلب”، هكذا كانت ثقة الأمراء بجيوشهم، وهكذا ستظل حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
سيطرت الإمبراطورية العثمانية على جل مناطق الوطن العربي، لكن وقفت عند حدود المغرب ولم تستطع الدخول لأراضيه، فأرسل سليمان القانوني جيوشه مقنعة بالحديد لاجتثاث المغاربة من أرضهم. فأمضت جيوش الخليفة المغربي عبد الله الغالب نهارها تحصد رؤوسهم وأجسادهم في حرب واد اللبن، فعادت جيوش العثمانيين مهزومة و بقيت المملكة شامخة مستقلة.
كما راهنت القوى الامبريالية في القرن الماضي، فناء الامبراطورية المغربية، ففرضت فرنسا حمايتها وليس استعمارها، وبجهد المغاربة أعيد المغرب للمغاربة أقوى من أي وقت مضى، إنها فقط بعض الملاحم التاريخية لمملكة ترفض الركوع، وستظل شامخة بفضل الله وجهود أبناءها.
اليوم نواصل عملية البناء، والقضاء على الفساد، وتطوير التعليم وجلب الاستثمار والانفتاح على الآخر، وتنويع الشراكات الاستراتيجية، والبحث عن أسواق جديدة، والاستثمار في الصناعات الدقيقة، كل هذا بفضل الأمن الذي ينعم به البلد وأهله المعروفين بالجود والكرم والتسامح والتعايش مع الآخر.