دخيسي..”أسئلة الباحث الأدبي”ترجمة لعشق “برواضي” الروحي للأدب بكل أجناسه
صدر للكاتبة والروائية آمنة برواضي كتاب “أسئلة الباحث الأدبي” وهو دراسة أدبية اشتملت على مجموعة من الأدباء والشعراء والنقاد، قدم لهذا المؤلف الجديد الدكتور محمد دخيسي أبو أسامة وللقيمة الأدبية لهذا التقديم ، ننشره كالتالي..
متحت الأستاذة آمنة برواضي من معين الإبداع ماهيته، ومن منهل البحث الأدبي هويته، ومن مورد الثقافة العربية بتجلياتها الكتابية والحضورية عنوانها؛ فسارت دماء البحث الأكاديمي ترتوي بعشق الكتابة، وكتابة العشق الروحي للأدب بكل أجناسه.
كتب وسمتُه ب”أسئلة الباحث الأدبي”، كونه يجمع بين الأسئلة الراهنة (السِّيَر الذاتية)، والأسئلة الموَثَّقة بالحوار، وأسئلة الاستشراف المستقبلي (الآفاق المنتظَرَة. وهو مؤلَّف يرتقي بالإبداع إلى درجة الوعي بأهمية الكتابة عامة، والبحث الأدبي بصفة خاصة. لذلك فتصفح فهرس الأسماء وبعض خصوصياتهم ينبئ بأهمية الاختيار المبني على المعايير الآتية:
- أن يكون المشارك (ة) باحثا أدبيا بالدرجة الأولى، أو ناقدا بالمصطلح المتوارث والمتعارف عليه؛
- أن يكون مساهما في الثورة الفكرية والثقافية الراهنة؛
- أن يكون قادرا على وسم صوته بالحضور الفعال، وطنيا أو عربيا.
إلى جانب –طبعا- الجانب الشخصي الذي يجعل الكاتبة المبدعة الروائية والقاصة آمنة برواضي باحثة عن الأسماء التي ترى فيها شعلة النقد الأدبي، وذات رؤية ثاقبة للتفاعل مع السؤال، وإثارة فضول القارئ العربي.
إن المتصفح للكتاب الذي نحن بصدد تقديمه، ينتبه منذ الوهلة الأولى إلى التنوع الذي يطبع الاختيار؛ فمن الجنس (ذكر أو أنثى)، إلى الهوية والانتماء (المغرب، الجزائر، مصر، فلسطين، العراق). إلى جانب ذلك، يبقى القاسم المشترك بين كل المتدخلين هو البحث الأدبي (النقد)، إلى جانب تخصصات أخرى تمثل الاستثناء، والمتعلقة أساسا بالإبداع؛ من القصة، والرواية والمسرح والسينما والتشكيل، والكتابة الصحفية.
كما أن التنوع الثقافي مميَّز بين الأسماء المشاركة، فالأغلبية إن لم نقل الكل حاصل على شهادة الدكتوراه في الأدب العربي أو بعض العلوم الإنسانية (الفلسفة وعلم الاجتماع)، والتنوع في مجال الاشتغال الوظيفي بالتدرج في أسلاك التعليم.
قد يبدو للوهلة الأمر سهلا، بجمع أسماء عربية مختلفة، والقيام باستجوابهم عبر حوار ثنائي، حول تجاربهم الشخصية، واهتماماهم الأدبية، وآفاقهم المفتوحة على المستقبل؛ لكن الصعوبة تكمن في الاختيار أولا، ثم البحث عن خصوصية كل كاتب، لجعلها نقطة انطلاق للتساؤل والحوار. ومرد ذلك بالأساس إلى الهم الثقافي الذي يسلب ذات وفكر الباحث عن الجدي في مجال التأليف، والمفيد للقارئ العربي في كل أرجاء وطننا العربي الكبير.
من هنا، قدمت الباحثة آمنة برواضي هذا الكتاب للإمتاع والإفادة، للمؤانسة والتعريف بأسماء شغلت بالها بالإبداع والنقد. ومن الصور المثيرة للانتباه في هذه الإطلالة الأدبية، كون الكاتبة تخاطب المحاوَر وعينها على الجاذبية لخلق جسر المحبة مع القارئ، وتكثيف الرؤى البحثية للنبش في أغوار المستجوَبين.
إنها الحقيقة المطلقة التي تبثها تصريحات كل كاتب، وأملها أن تستجيب لتساؤلات المنشغل بهم الإبداع والنقد، ورجاؤها تحقيق الترابط الشعوري والوجداني والمعرفي معها.
وأخيرا، فكتابة آمنة برواضي، تتجلى انعكاساتها في مضمون التساؤلات التي تحمل أبعاد واقعية وتخييلية (إذا لم تكن كذا.. فمن ستكون؟)، والانتقال من الأبعاد الواقعية الحية، إلى الآفاق لمفتوحة، للاقتراب أكثر من الحلم والرؤى الخفية.
فلا يسعنا حينئذ إلا أن نشد بأيدينا على ما قدمته الباحثة للمكتبة العربية، من عمل يساهم في التعريف بالكاتب، من حيث حياتُه، وتجاربه، وشخصيته الإبداعية والنقدية، ومؤلفاته، ومشاركاته… لتكون رافدا للعمل البيبليوغرافي والنقدي على السواء، وتقدم الوصفة الجاهزة للطالب الأكاديمي في بحثه دراسته.
فاللهَ ندعو بالتوفيق للأستاذة آمنة برواضي، على أمل الوقوف عند أسماء أخرى لم تُدرج في هذا المؤلف، ولمَ لا في مجالات أدبية وفنية أخرى.