الهزيمة المدوية للمنتخب الجزائري و إقصاؤه المبكر من نهائيات كأس الأمم الإفريقية 2024 و الخروج المذل من المنافسات القارية
متذيلا ترتيب مجموعته لها أسباب أخرى لا علاقة لها بكرة القدم و لا علاقة لها بالرياضة بشكل عام ، الملاحظ أنه في جل المباريات التي خاضها المنتخب الجزائري في السنوات الأخيرة يسجل غياب الروح التنافسية السليمة عن المنتخب الجزائري الذي توهج في مونديال البرازيل 2014 بمشاركة مشرفة نالت إعجاب كل الجماهير العربية و معها الجمهور المغربي الذي تابع مسيرة المنتخب الجزائري حيث كان هذا الأخير هو ممثل العرب الوحيد في هذه المونديال و كلنا نتذكر الهدف الجميل لعبد المؤمن جابو في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع في مباراة مثيرة بين الجزائر و ألمانيا لينتهي مشوار ممثل العرب الوحيد في المونديال 2014 ما بين تصفيق و إعجاب و يدخل التاريخ أول منتخب أفريقي يسجل أربع أهداف في مقابلة واحدة في مباراته مع كرويا الجنوبية، كما إستطاع تحقيق كأس الأمم الإفريقية 2019 بقيادة مدربه جمال بلماضي ( عندما كان مستقلا في قراراته الكروية ) لكن في السنتين الأخيرتين إبتدأت متاعب المنتخب الجزائري و خرج في نسخة الكاميرون 2021 من الدور الأول بعد إخفاقات من بينها تعادل ضد سيراليون في اللقاء الأول ، وهزيمتان ضد غينيا الإستوائية وساحل العاج ، وإستمرت إخفاقات الجزائر تحت قيادة بلماضي في نسخة 2023، ليكتفي بتعادلين ضد أنغولا وبوركينا فاسو، ثم هزيمة مفاجئة في اللقاء الأخير ضد موريتانيا، وهذا ما أنهى مشوار “الجزائر ” من الدور الأول كباقي الفرق الصغرى الإفريقية .
الناخب الجزائري جمال بلماضي فقد هويته كمدرب و تحول إلى “صانع خطط على المقاس ” تتناسب و أهواء و رغبات نظام شنقريحة في الجزائر العاصمة و بالتالي فقد دمر مستقبله الكروي بوضعه تحت تصرف رجال لا علاقة لهم بالرياضة أو بكرة القدم و لا إيمان لهم بالروح الرياضية و لا باللعب الجماعي و لا إدراك لهم بمفهوم المسؤولية الجماعية داخل رقعة الميدان ، جمال بلماضي كان يظن أن الهرج الإعلامي في البلاتوهات الشبه رياضية هو عامل يحشد به الجمهور الرياضي الجزائري لكن في الحقيقة تحول إلى هذا السلوك إلى هستيريا مرضية و ذهان كروي و كابوس حقيقي يلاحق المنتخب الجزائري و يؤثر بشكل كبير على آداء لاعبيه و قدرة مدربه على إتخاذ القرارات المناسبة في الزمكان المناسبين .
الحقيقة الواضحة التي أمامنا اليوم أن جمال بلماضي هو مدرب فاشل بقرار سيادي جزائري ومفلس تكتيكيا ومنتهي الصلاحية وبدون مستوى وبدون هوية تنقصه الثقة بالنفس يعيش وضعية نفسية جد حرجة خاصة بعد الإقصاء المثير أمام الكاميرون بعد هدف ” إيكامبي ” القاتل في الدقيقية الأخيرة حيث تعرض بلماضي لمشاكل أخرى تؤكد الضغوطات الكبيرة التي يعيشها، على غرار دخوله في إشتباك على خط التماس مع النجم التونسي علي العابدي، خلال مباراة ودية مع المنتخب التونسي في شهر يونيو الماضي ، ثم تكرر نفس الأمر مع اللاعب الجزائري سعيد بن رحمة، حيث قام المدرب الجزائري بتعنيف لاعب ويستهام يونايتد الإنكليزي و جره من قميصه في حركات لا رياضية بعد أن رفض الأخير مصافحته غضباً من التغيير أثناء ودية مصر التي لعبها المنتخب الجزائري في الإمارات أكتوبر الماضي ، الوضعية النفسية للسيد جمال بلماضي تنبئ بضغوط رهيبة يمارسها نظام الجنرالات على إختياراته كمدرب و على فلسفته الكروية داخل المستطيل الأخضر حيث حولته الآلة الدعائية المجنونة للنظام إلى ” مدرب دمية ” بدون رأي .
بسبب سياسات النظام العسكرتاري المنتخب الجزائري يلعب وحيدا دون دعم جماهيري عربي أو إفريقي متسلحا بعقيدة الإستعلاء المرضي و تضخم الأنا المفرط الذي أصبح جزءا من التفكير الجماعي للشعب الجزائري الذي يعيش في أوهام صنعتها القيادة العسكرية الجزائرية و الرئيس عبد المجيد تبون مفادها أن الجزائر قوة عظمى مهيمنة على محيطها الإقليمي و لها وضعها الإعتباري .
عديدة هي أسباب تراجع الكرة الجزائرية لكن السبب الرئيسي هو تدخل نظام الجنرالات لتحويل المنتخب الجزائري إلى منصة هجومية متقدمة للفكر البومديني التوسعي المتهالك حيث فقد هذا المنتخب هويته الرياضية و تحول إلى أحد ملحقات الجيش الجزائري، و تحولت المجموعة من مجرد فريق لكرة القدم يقدم الفرجة و اللعب النظيف في إطار رياضي تؤثثه الروح الرياضية إلى ثكنة عسكرية عابرة للقارات لإستعراض قوة وهمية عن ” الجزائر القوة الإقليمية ” و تحول المنتخب الجزائري إلى إحدى أهم وسائل القوة ” الخشنة ” للنظام العسكرتاري الجزائري و أضحى اللاعبون و معهم الطاقم التقني المرافق إلى قوات ” كوموندو ” عسكرية تابعة بشكل مباشر للجنرال شنقريحة مهمتها القيام بعمليات متقدمة في العمق الإفريقي و في حالة الإنتصار يتم إصدار بلاغات عسكرية من قبيل البلاغ رقم 1 و البلاغ رقم 2 .
الجزائر اليوم في حاجة إلى ثورة رياضية حقيقية لإستعادة توهج منتخباتها الوطنية في المناسبات القارية و الدولية عن طريق تحرير هذا القطاع من سيطرة الفكر البومديني البائد و الإستفادة من التجارب الإقليمية التي في جوارها و بشكل خاص “التحربة المغربية العالمية ” حيث إستطاع الفاعل المؤسساتي في الجامعة الملكية المغربية التنزيل الدقيق للرؤية الملكية المستنيرة للنهوض بكرة القدم المغربية التي اليوم تحقق معجزات حقيقية في العديد من المحطات القارية و الدولية كالملحمة المغربية في كأس العالم بقطر 2022 .
الإتحاد الجزائري لكرة القدم يدرك جيدا أن الجامعة الملكية المغربية بأطرها و كوادرها اليوم هي قاطرة إفريقية للنهوض بالكرة الإفريقية و فتح قنوات للإستفادة من التجربة المغربية سيكون مفيدا لمستقبل الجزائر الكروي ، الهزيمة المذلة أمام المنتخب الموريتاني الواعد في كأس إفريقيا للأمم هي جرس إنذار بقرب نهاية التجربة الجزائرية في كرة القدم و سقوطها في غياهب النسيان ، فالواجب اليوم على مستوى الإتحادية الجزائرية هو العمل بشكل جدي و مسؤول بلورة إستراتيجية واضحة المعالم تساهم في إخراج الكرة الجزائرية من متلازمة الهوس المرضي لنظام الجنرالات بالتفوق على المنتخب المغربي ، متناسين أن هذا منتخب أسود الأطلس العالمي اليوم عينه على مقارعة الكبار و الفوز بكأس العالم و ليس الدخول في متاهات المعادلات الحسابية و إنتظار نتائج مباريات أخرى لضمان بطاقة التأهل إلى الدور الثاني !!!