الجرائم الإعلامية المشينة التي ترتكب في بلاطوهات و صفحات الإعلام الجزائري من خلال تغطياته المستمرة لمشاركة المنتخب المغربي في التظاهرات الدولية و القارية ، تظهر بشكل جلي حجم الهجوم الإعلامي المنظم وفق خطة دقيقة لإستهداف المغرب ملكا و حكومة و شعبا بمناسبة او بدون مناسبة بهدف تحقيق عزيمة نفسية للشعب المغربي المنتصر دائما و أبدا ، هذا السلوك المهني يتطلب من الباحثين في “علم إجتماع الإعلام ” أو ” سوسيولوجيا التواصل” الحديث النشأة و هو بالمناسبة أحد فروع علم الإجتماع حيث يدرس العلاقة بين وسائل الإتصال الجماهيرية والمجتمع ؛ قلنا أن السلوك الجماعي البذيئ لوسائل الإعلام الجزائرية يتطلب من الباحث في هذا المجال التدقيق و الدراسة و التقييم لما يوفره من مادة علمية غزيرة و حالات مرضية تمكنه من معاينة سلوكها و تصرفاتها بشكل مباشر و إستخلاص النتائج عن التطبيق الخاطئ لطروحات الامريكي تالكوت بارسونز و الفرنسي فرونسوا ليوطار و باقي مفكري علم الإجتماع ، حيث تحول الإعلام الجزائري إلى ” إعلام حربي” يروج للفكر البومديني التوسعي و ينخرط في المخططات الخبيثة للجنرال شنقريحة لتكريس الهيمنة الإقليمية و بناء دولة الخوف الدكتاتورية بإسم الحفاظ على الدولة من العدو الخارجي و التهديدات الأجنبية .
علاقة الإعلام الجزائري بجمهورية الخوف البومدينية و مؤسساتها القمعية هي ليست بالطارئة فتأسيس التلفزيون الجزائري سنة 1958 على يد الإستعمار الفرنسي سبق تأسيس الكيان الجزائري المستقل ( ظاهريا ) لأول مرة منذ فجر التاريخ ، كما أن سيطرة دولة المخابرات و الجيش عل مفاصل الدولة و تسخير وسائل الإعلام لتبرير عمليات القتل و التهجير و الإختطافات و التصفيات التي عرفتها الجزائر مباشرة بعد إنقلاب بنبلة على الحكومة الجزائرية المؤقتة صيف 1962 و إنقلاب الكولونيل بومدين بدوره على الرئيس بنبلة يونيو 1965 ، فطوال عقود و إلى اليوم كان في مقر التلفزيون الجزائري بشارع الشهداء في بلدية المرادية بالجزائر العاصمة مكتب دائم للرصد و المراقبة ملحق به عناصر و أفراد من الحزب الحاكم “جبهة التحرير الوطني” و الجيش و المخابرات بكل أفرعها مهمته تدقيق البرامج التلفزيونية و المواد الإذاعية التي تبث إلى الشعب الجزائري ، لذا فالباحث في علاقة الدولة العميقة في الجزائر بوسائل الأعلام سيجد تناغما كبيرا في المواقف و التوجهات بل في مرات عديدة تم إستخدام التلفزيون و الإذاعة لتهديد الشعب الجزائري و خدمة الأجندات العسكرية الجزائرية فالجميع يتذكر كيف كان التلفزيون الجزائري يعيد مشهد إغتيال الرئيس الجزائري المغذور الشهيد محمد بوضياف و مشاهد مذابح العشرية السوداء لإرهاب الشعب الجزائري و توريط جبهة الإنقاذ الإسلامي في هذه الاحداث خدمة لمصالح جنرالات الجيش في إطار الحرب الأهلية التي راح ضيحتها ربع مليون جزائري .
الوضعية الحالية التي يعيشها الإعلام الجزائري في العقد الثاني من القرن العشرين لا تختلف عن الوضعية التي عاشها الإعلام الجزائري في العهد البومديني البائد عندما كان المتحكم الأول و الأخير هذا القطاع هو الدكتور محيي الدين عميمور المساشار الإعلامي للهواري بومدين و وزير الإعلام السابق و الذي حول الآلة الإعلامية الجزائرية من تلفزيون و إذاعة و صحف و مجلات كالمجاهد الأسبوعية و المساء و الجمهورية و الثورة الإفريقية إلى نشرات داخلية خاصة تتبع للمحافظة السياسية للجيش الجزائري .
السقطات المتتالية للإعلام الجزائري في وحل الكراهية و الحقد و التمييز و الإفتراء و الكذب إبتدأ بوضع الميكروفونات الممولة من ثروات الشعب الجزائري الشقيق في يد المرضى و المعتوهين و الأغبياء لكيل الإتهامات المجانية للشعب المغربي و ترويج الشائعات و نشر الاخبار الزائفة و تضليل الحقائق في عملية مخابراتية طويلة الأمد هدفها المعلن هو دق إسفين في عمق العلاقات الأخوية التاريخية العميقة بين الشعبين المغربي و الجزائري ،فالشعب المغربي الأصيل و القديم المنتمي لإمبراطورية عريقة بحدودها التاريخية المعروفة و بمؤسساتها الحضارية الضاربة جذورها في التاريخ الإنساني ظل دائما و أبدا إلى جانب سكان” بلاد المغرب الأوسط ” في كل المحن و الأزمات التاريخية التي عاشها هذا الشعب المظلوم سواء من طرف الإحتلال التركي العثماني إلى الإستعمار الفرنساوي البغيض .
ما يقوم به الإعلام الجزائري من فضائح إعلامية لا علاقة لها بالمصداقية و المهنية التي تعتبر الرأسمال الحقيقي لكل مؤسسة إعلامية و صحفية تحترم مسارها و مصداقيتها فالتعتيم و الكذب البواح على الشعب الجزائري الشقيق و محاولة قلب الحقائق و تضليلها فيما يخص الإنتصارات الكبيرة التي يحققها المنتخب المغربي هي دليل ملموس على تورط هذا النظام منذ سنوات في حملات ممنهجة لترويج الاخبار المغلوطة و التضليل و الكذب في حق المملكة المغربية .
ما قام به الإعلام الجزائري هو أمر إعتاد على فعله منذ سنوات و لا يشكل أي فرق لمتتبع هزائم النظام العسكرتاري في الجزائر ، لكن الأكيد أنه سيشكل إحراجا كبيرا لهذا النظام في تعاطيه مستقبلا مع مظلومياته و كذبه و نظرية المؤامرة التي يعتمد عليها لشيطنة المغرب و الإضرار بمصالح الشعب المغربي و تهديد وحدته الترابية بتنسيق مفضوح مع العصابات الإنفصالية في تندوف المكونة من المجرمين و الخونة الأوبَاش و ألْقاطِ الصّحراء و أوقاشِ لحْمَادة و أخلاطِ القَوم و أرَاذِلُ النَّاسِ من القَتَلَة و قُطَّاع الطُّرُق و مُمتَهِني التَّهريب و الإتْجَارِ في البشر و المُدَلِّسين و محترفي الكذب البَوَاحِ و التَّضليل بتنسيق مع شرذمة معارضة اليوتوب والجواسيس من الطابور الخامس و العملاء و مروجي الخطاب التيئيسي العدمي و تجار الأزمات و طريطورات الإحتجاج و متلاشيات اليسار المخصي الذين هم أيضا أظهروا وجههم الحقيقي كمناوئين لطموحات الشعب المغربي يعيشون و يسترزقون على آلامه و أحزانه و أزماته و يعتبرون فرحه و إنجازاته إنتكاسات لهم و بوارا لتجارتهم المقيتة و بالتالي يلتقون و النظام العسكرتاري البومديني الجزائري في نفس المسار و الأهداف حيث تظهر العلاقة الموضوعية بينهم كمجموعة من الكراكيز الذين يخدمون أجندات تخدم الطموحات الإستعمارية لبعض الدوائر التي يؤلمها أن ترى المغرب الجديد ينهض كقوة إقليمية عالمية و لو في مجال كرة القدم .
ما يقوم به النظام الشمولي الجزائري من تفاهات إعلامية دأبت عليه الانظمة الشمولية الدكتاتورية عبر العصور هو نفس ماقام به النظام الكوري الشمالي بعد مشاركته في كأس العالم جنوب إفريقيا 2010 فبعد سلسلة من الهزائم أمام البرازيل 1-2، والبرتغال بسباعية نظيفة، وساحل العاج بثلاثية نظيفة ، إلتجأ النظام الكوري الشمالي إلى تزييف الوقائع و النتائج و إدعى أن منتخب كوريا الشمالية إنتصر بنتيجة خيالية على المنتخب الذي ظفر بالكأس أي اقوى منتخب في العالم رغم ان البرتغال خرجت من ثمن نهائي البطولة بعد هزيمة أمام إسبانيا التي واصلت مسيرتها حتى رفع لاعبوها الكأس لأول مرة في تاريخ إسبانيا ، فهناك الكثير من الأخبار التي تتحدث على أن الآلة الإعلامية للنظام الكوري الشمالي تروج أن منتخب بلادها فاز بكأس العالم مرتين وأن لاعبيها و رياضييها يحققون فوزا كاسحا في جميع مواجهات دورات الألعاب الأولمبية التي شاركوا ويشاركون فيها و النظام الشمولي العسكرتاري البومديني الجزائري يسير في نفس الإتجاه الكوري الشمالي بنفس النهج و إن تغيرت الأساليب .
التطاول على رمز الأمة المغربية و مؤسسات الدولة لن يحل المشكل البنيوي الخطير الذي يعيشه النظام الجزائري العقيم و محاولة إهانة الشعب المغربي في بلاطوهات برامج تقدم تحليلات و أحكاما تمس شرف المنتخب المغربي و محاولة تحوير النقاش الداخلي في الجزائر الذي تحول لصراع بنيوي داخل الدولة الجزائرية و أجنحتها المتصارعة على نهب ثروات الشعب الجزائري و مقدراته لن يقف في وجه رياح التغيير القادمة بلا شك و التي ستنهي عقودا من السياسات الفاشلة و تنهي عملية التبديد الممنهج لمقدرات و ثروات الشعب الجزائري في سياسات تسليحية تمتح من الفكر البومديني التوسعي المتهالك ، فلا يخفى على أحد اليوم داخل الجزائر و خارجها أن الأزمة الداخلية التي تعيشها الجزائر أصبحت تهدد المنطقة ككل و الأزمة السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية تحولت لدمالة جيوسياسية مليئة بالمخاطر و الازمات تهدد الأمن الإقليمي و القاري و العالمي.