منذ وصول قيس سعيد لقصر قرطاج ودخول البلاد في أزمات متتالية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، اتجه الرئيس نحو نظام جنرالات قصر المرادية، ربما يجد راعيا وممولا له، خصوصا أن الرئاسة الجزائرية أنفقت ملايير الدولارات على الدول الإفريقية للاعتراف بجمهورية الوهم.
كما لا ينسى التونسيون زيارة العاهل المغربي لتونس بعد اضطرابات الخراب العربي، ومكوثه هناك لأكثر من عشرة أيام، وتجول بشوارعها والتقى بأناسها، ليبرهن للعالم أن تونس لا زالت آمنة وأنها بخير.
ويعد قيس السعيّد، أول رئيس تونسي يستقبل زعيم حركة البوليساريو الإرهابية بشكل رسمي، وهو الأمر الذي لم تألفه الدوائر السياسية والأحزاب التونسية التي ظلت على الحياد في المشاكل التي تعصف بالمنطقة بسبب غباء الجنرالات، وظلت تونس الخيط الأبيض الذي يتدخل دوما لتلطيف الأجواء بين الإخوة.
ويعتبر نظام الجزائر العسكري الداعم الرئيسي لمرتزقة البوليساريو، ويعد هذا الدعم السبب الأول في مشاكل المنطقة، إذ يأوي النظام الجزائري مليشيات مسلحة على أراضيه مهددة أمن الجارة وأمن المنطقة بكاملها، فهي تحاول تقسيم المغرب منذ نصف قرن وأنفقت أموالا طائلة من أجل ذلك.
فالنظام العسكري، لا يمكنه أن يستمر في السلطة إلا في ظل التوترات الإقليمية وهذا ما عبر عنه أيضا من خلال تدخلاته في القضايا الداخلية لمالي وتشاد والعديد من الدول المجاورة، كما يجيد النظام العسكري أيضا مسرحية المؤامرة والعدو الخارجي.
قيس السعيد، يمشي على خطى الجنرالات، في بث الحقد والكراهية والتفرقة بين شعوب المنطقة. في حين كان لا بد من الوحدة والتكامل الاقتصادي والسياسي من أجل مواجهة تحديات الأزمات الاقتصادية العالمية.
يأتي هذا الاستفزاز الجديد من قيس السعيد بعد مرور أكثر من عام ونصف على الخلاف بين تونس والرباط الناجم عن مشاركة قائد الميليشيات في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الإفريقية (تيكاد) المنعقد يومي 27 و28 غشت 2022 في تونس العاصمة.
وكانت الرباط قد اعتبرت في قرار سحب سفيرها من تونس أن الأخيرة راكمت مواقف غير سليمة تجاه قضية وحدتنا الترابية، وذلك في إشارة واضحة إلى الموقف المثير للجدل لتونس في مجلس الأمن خلال التصويت على تمديد بعثة المينورسو. قيس السعيد يجدد اليوم استفزازه للجيران باستقبال مجموعة من المرتزقة بالمشاركة في معرض صفاقس الدولي للصناعات التقليدية والحرف، والذي ينظم من 31 يناير إلى غاية 4 فبراير الجاري.
تتحدث تقارير كثيرة ومتطابقة اليوم، عن وجود تأثير جزائري على سياسة تونس الخارجية، وهو الأمر الذي رصدته بشكل ملموس المملكة المغربية من خلال استفزازات قيس السعيد. مما يدفعنا لمساءلة الإخوة التونسيين عن ما يريده الرئيس من مجاراة نظام سياسي عسكري لم تجن من وراءه المنطقة إلا الخراب؟ وأنفق ثروات الجزائر النفطية على الدول الإفريقية، عوض تنمية البلد والمنطقة المغاربية ككل.