أخبارالناس و الحياةمجتمع

ثاني رمضان.. عندما سمح السلطان لملك إسبانيا باسترجاع جثة الملك البرتغالي

بعد الانتصار الساحق في معركة وادي المخازن، استقبل المولى أحمد المنصور بضواحي فاس خلال شهر شعبان  86هـ/ أكتوبر 1578 م،  وفد إسبانيا – برتغاليا حمل إليه خطابا من (فيليب الثاني) ملك اسبانيا يتعلق باسترجاع جثة (دون سباستيان) ملك البرتغال.

 وفي اليوم الثاني من رمضان عام 86هـ أجاب المنصور ملك اسبانيا بالرسالة التالية التي تحدد الملامح  الجديدة للعلاقات المغربية – الإسبانية غداة معركة وادي المخازن.

وقد تم العثور على هذه الرسالة ضمن المسودة المخطوطة لترجمان الملك الاسباني أللونسو القشتالي Allonso del castillo  التي توجد بالمكتبة الوطنية بمدريد.

وفيما يلي نصها الكامل المنقول عن الترجمة الإسبانية :

“كتاب بعثه أمير المومنين أبي العباس أحمد الحسني الشريف إلى مقام سلطاننا الملك المعظم السلطان دون فيليب نصره الله جوابا لكتابه العزيز الذي بعثه في تصريح جثة السلطان المرحوم دون سبستيان نصه:

بعد التسمية والتصلية

 من عبد الله المتوكل على الله المعتمد في جميع  أموره على كبير حوله أمير المومنين أبي العباس أحمد المنصور ابن  أمير المومنين إلى عفوه وفضله أبي عبد الله محمد الشيخ الحسنى أحسن الله إليه وأفاض نعمه ظاهرة وباطنة عليه، إلى السلطان المعظم القدر والشأن ذي الأصالة العريقة والمناقب الحسان ملك المسيح وكبيرها ومجيل قداح سياستها ومدبرها قطب تلك الدائرة والمختص بمزاياها الفاخرة السلطان دون فيليب ابن السلاطين الكبار المعروفين بجلالة المقدار أدام الله لك الخيرات ووجه إليك وفود السعادة وركائب المسرات.

أما بعد، حمدا لله مستحق الحمد ومستوجبه مولى الفضل والسلام على نبينا محمد وكافة الرسول والأنبياء بدور الهدي وصفوة الخلق في الأرض وفي السماء فأنا كتبناه إليكم كتب الله لنا ولكم خيرا يتجدد، وتوفيقا يشتد  إبرامه ويتأكد من محلتنا السعيدة ومناخ رجال عساكرنا  العديدة، ولا ناشئ بفضل الله إلا التيسير والإقبال والسعد الصافي السربال، وأنه وصل إلينا خطابك الجليل وكتابك المنطوي على كل جميل، فتناولنا بيد الاعتناء بوصوله، وحسبنا ركائبنا للتعليم والاستقصاء على أبوابه وفصوله، فألفينا من بدائع المعني ونفائسها ما عبر عن نبإ ذلك المقام السلطاني أي تعبير وعطر بطيب شداه أنفاس العنبر والعبير، وفي ضمن  توجيهكم الرغبة في تصريح جثة السلطان دون سبستيان واقتنائنا بذلك عندكم من صروح الخير يفوق كل بنيان، فأهلا بها من غرض ما أوسع له عندنا ساعة الإسعاف والإسعاد، وأسرع العوارض لتنميمه  في طريق  الإقصاء والإبعاد.

فلرغبتكم بهذا المقام  العلوي محل الرحب والإكرام، وأغراضكم فيه محمولة من الاهتبال على الغريب والسنام، لو توجهت في ما هو أكثر للقيت وجه  القبول  مشرق  الجبين والتيسير، يمد إليها اليد المطلوب باليمين، وقد جرت الأقدار على وفق مشيئة الله وإرادته بذلك الواقع، وليس لما يقدره سبحانه ويقضيه من مدافع، وكان المبتغى أن يتخلص إلينا من تلك الأزمات وأن لا تعدو عليه فيها عوادي المحلات، ليظهر حسن صنيعنا فيه، ويتعرف من تحفينا به، ما نرجو أن يطيه بقوادم الذكر الجميل وخوافيه، لكن صدمته أمواج الفتنة مجهولا، وجدلته حملتها بين حصى الموت مقتولا، وبعد حين رفع إلينا من طاف على صرعى المعركة خبره، وأنه أوقع عليه بين تلك الجثث نظره.

فأمرنا في الساعة بحمله وإيداعه صون مستودع، ووكلنا به من يحبو في رعيه وحفظه ويضع، أخذا بالفضل الذي لا تحيد الملوك عن الأخذ به، والسعي على مذهبه، وإذا وصل كتابك فيه فها نحن سرحناه مكرما، ورفعنا لائتمام غرضك فيه علما، لو بعثت فيه وهو حي لنشرنا لك من حسن الصنع إسعادا وإسعافا، ما لا يعتذره بحول الله طي، ولعلمنا على تلك الشاكلة فككنا عن خديمكم جوان ذي شلبا قيود الأسر وعاملناه مراعاة لمقامكم بالتسهيل واليسر، فإذا تمكنت المحبة ليسرت للأغراض كل حجة، فلا يمنعكم من أغراض بهذا المقام العلوي مانع، فنور الاعتناء بها في  أفق التكرمة ساطع، والله يديم لكم الخير ويعرفكم اليمن والسعادة.

في الثاني من رمضان  المعظم عام ستة وثمانين من الهجرة، عرفنا الله خيره وخير ما بعده، وكتب في التاريخ للسلطان  المعظم القدر والشأن المتبوئ من الأصالة أرفع مكان، السلطان دون فيليب عرفه الله عوارف الخيرات.

المصدر: مجلة دعوة الحق عن المكتبة الوطنية بمدريد- مخطوط تحت رقم 257

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button