لازال المغاربة يتذكرون الضجة التي أحدتثها عمليات سقي أراض فلاحية بالمياه العادمة نواحي الدارالبييضاء في الطريق ، الرابطة بين برشيد والدروة، وتدخل الأمن حينها لمنع نقل مياه الواد الحار عبر شاحنات وصهاريج و التوجه بها نحو هذه الأراضي ، حفاظا على سلامة المواطنين، حديث المغاربة لحد اليوم ، ناهيك عن إعتقال صاحب ضيعة بشيشاوة كان يستعمل البراز البشري في زراعة الدلاح نظرا لتكلفته المادية البسيطة جدا ، ولتأثيره على نمو المزروعات دون الإعتناء بصحة المواطنين ، وهو الأمر الذي تسبب في إنتشار الروائح الكريهة في المناطق المعنية بهذا النوع من السقي والأمراض والأوبئة الجلدية والهضمية المنقولة عن طريق الخضار والمحاصيل البقولية أو الأوراق التي تلامس التربة مباشرة أو تلامس مياه الصرف الصحي كتوت الأرض ، كما سبق للفرقة البيئية أن اخذت عينات من البطيخ الأحمر والتربة لإخضاعها للتحاليل المخبرية بتعليمات من النيابة العامة .
وقد سبق لتقارير قضاة المجلس الأعلى للحسابات في عهد إدريس جطو أن أشارت إلى خطورة بعض التسممات الناتجة عن طريقة السقي وذكرت بالإسم العديد منها ، كما تدخل المكتب الوطني للسلامة الصحية ” أونصا ” من أجل إجلاء حقيقة الأمر .
هذه المرة ، إنتقلت العدوى أو الإشاعات صوب التوت الأحمر ، والذي إتهمت بشأنه منظمات زراعية إسبانية التوت المغربي وانها اكتشفت فيروسات وسموم إلتهاب الكبد به ، ونادت بالتوقف العاجل عن إستيراده إلى جانب فواكه أخرى، وتمت مطالبة الحكومة الإسبانية والإتحاد الأوربي بالتدخل العاجل للحسم في أمر الفيروس الكبدي المتواجد بحسبها في الفراولة المغربية لتجاوز المرحلة التي تتسم بالتوتر والإحتجاجات والمطالبة بالحد من منسوب منافسة الفراولة المغربية لنظيرتها الإسبانية بالأسواق ، وفي نفس الوقت تنتظر توضيحات من المغرب بخصوص النازلة .
في نفس السياق ، ومما رفع درجة التوتر هو ما ذهبت إليه جمعية مزارعي “فالنسيا” أن المياه العادمة تستعمل لسقي التوت في المغرب، والإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بسبب إكتشاف وباء تلوث الفراولة المروكية يعرف ب ” جيل ” واصفين الأمر بالخطر الجدي ، فيما طمأنت المفوضية الأوربية الإسبانيين بأن كمية 15 كيلو غرام التي دخلت الميناء في 19 فبراير المنصرم لم تصل إلى المستهلكين بعد أن أجريت ضوابط مسبقة .
لحد الساعة ، ومنذ التصعيد الذي عرفه الموضوع الإثنين المنصرم ، لم نسمع ردة فعل وزارة الصديقي والمغرب الأخضر ، أو وزارة. الصحة ، أو المكتب الوطني للسلامة الصحية، لطمأنة الشعب المغربي وبعدها الإسبان ، مما حرك بعض جمعيات حماية المستهلك والمؤثرين على السوشل ميديا نموذج ” منبر المستهلك رئيس جمعية حماية المستهلك بأكادير الكبير ورئيس الاتحاد المغربي جمعيات مستهلكي ” الدخول على الخط بشكل لايخدم المصلحة المغربية وإقتصادها في شيء لأن الصمت لازال سيد الموقف الرسمي، وأصبح هذا الإنتقاد يزكي الطرح الإسباني ، ويقوي موقف اللوبيات الإسبانية المنافسة ضد المغرب .
الفريز الآن يباع بشكل عادي في الأسواق المغربية وبأثمنة في متناول الغالبية سيما بعدما توقف عن التصدير، كما وقع للخضروات الأخرى التي منعت لأسباب ارتفاع الرسوم من طرف بعض الدول المستوردة ، فأصبح المغاربة يرفعون أكفهم بالدعاء لهذه الظاهرة ليرتاح الجيب من الغلاء الفاحش الذي أرهقهم لسنوات ، غير آبهين لا بالسموم ولا بالسقي بالمياه العادمة ، والخطير في الأمر إذا ماتبثت التقارير المغربية صحة ماذهبت إليه إسبانيا ، فإن صحة المغاربة هي الأخرى في خطر سيما وأن شهر رمضان على الأبواب والإقبال الكبير على إقتناء الفراولة والفواكه لتهييئ العصير يعرف ذروته في هذا الشهر المبارك، وبالتالي فإن تداعيات استنزاف الفرشة المائية بشكل عشوائي أبان عن فشل خطط الحكومات التي تعاقبت على تدبير الشأن العام ،أدت إلى ظهور عمليات السقي بالبراز بشكل خفي يبين عدم نجاعة الرقابة للفرق البيئية ومعها .
المؤسسات الوصية الفلاحية منها والصحية، فهل ستتحقق هذه الجهات من الأمر وفق المسؤوليات الملقاة على عاتقها ، وتمنع تسويق الفراولة حفاظا على الأمن الصحي احتراما لروح الدستور وربط المسؤولية بالمحاسبة، والإهتمام أكثر بتقارير المجلس الأعلى للحسابات ومندوبية التخطيط ؟أم أن البراز المغربي سيصبح أغلى سماد في العالم يباع بالعملة الصعبة لما له من أهمية على الإنتاج الفلاحي ؟