رحاب امرأة ملهمة في عالم فضاءات “العمل المشترك”
في قلب مدينة الرباط، افتتحت رحاب أوحليس الشابة النشيطة والطموحة التي عادت إلى المغرب بعد 14 سنة قضتها في فرنسا، فضاء للعمل المشترك coworking، وهو مقهى فني يعد الأول من نوعه بالمدينة، يحمل اسم “Work Studio” ويجمع بين مساحة عمل مشتركة ومعرض فني.
تتمتع رحاب، الحاصلة على شهادة في التسويق الرقمي والتجارة الإلكترونية، بروح المبادرة، وقد بادرت إلى إنشاء فضاء “Work Studio” بعدما خطرت لها فكرة المشروع خلال فترة الحجر الصحي، الذي استلهمته من المقاهي الباريسية، لكي يكون مكان عمل مريح وملهم للأشخاص الذين يعملون عن بعد ولأصحاب المهن الحرة ولرواد الأعمال.
بابتسامة تنم عن ثقة عالية، أوضحت رحاب، في حديثها لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الفضاء يعد مكان عمل خلال النهار، وركنا للتواصل والتشبيك في المساء، ويوفر أجواء تجمع بين المهنية وجو المقهى، مشيرة إلى أن هذا التجانس في وظيفة المكان هو ما ولد لديها فكرة المشروع.
واستحضرت رحاب بدايات المشروع بقولها إن “هذه الفكرة خطرت لي خلال فترة الحجر الصحي المرتبط بكوفيد-19، الذي قضيته حينها في بيت والديها بالمغرب، وقررت إنشاء موقع للتجارة الإلكترونية لبيع السج اد، وشكل منصة مكنتني من التعامل مع الحرفيين والمصممين الجدد”.
يقع “Work Studio” في حي حسان بالرابط، وهو عبارة عن فضاء دافئ ومشرق، ويضم زاوية لتناول القهوة وتوفر أجواء الاسترخاء والتواصل بين مرتادي المكان. كما تتميز مساحة العمل المشترك بكونها قابلة لإعادة التعديل كي تحتضن مختلف أنواع التجمعات كالاجتماعات والورشات.
وأبرزت رحاب أن اختيارها لمدينة الرباط منطقي، فهي مسقط رأسها، وأيضا عاصمة تحظى بتنوع ثقافي في نواح كثيرة، مؤكدة أن هذا الاختيار يعتبر كذلك وسيلة لإبراز قدرة الرباط على احتضان أفكار جديدة يمكن تطويرها.
وتضيف أن الحاجة إلى خلق هذه الدينامية الثقافية دفعتها إلى اختيار حي حسان، الذي يقع في قلب المدينة، بالقرب من المواقع الثقافية ووسائل النقل لمن يقطنون في سلا أو تمارة أو أكدال.
ويعتبر “Work Studio” فضاء للعمل والفن، ومساحة ثقافية وإبداعية. ويتكون المكان من فضاء عمل مخصص للاجتماعات، وزاوية مخصصة للتواصل والمواعيد، ولكل مساحة سعر ثابت، والقاسم المشترك هو إمكانية احتساء أكواب القهوة والشاي حسب الرغبة.
وأكدت رحاب أن “Work Studio” هو أكثر من مجرد مساحة عمل، بل هو أيضا مكان للإبداع والتعبير الفني، حيث يعرض المعرض الفني أعمال الفنانين المحليين، ويحتضن عدة فعاليات ولقاءات.
وأفادت بأنها مدفوعة بالإرادة القوية لتثمين الحرف اليدوية والإبداعية بطريقتها الخاصة، مضيفة أن المساحة الفنية لهذا المقهى تسعى إلى تعزيز الشراكة بين المبدعين والحرفيين وتعزيز التواصل بين مجتمع الفنانين.
رحاب أوحليس مقتنعة بأن مشروعها يمكن أن يلهم رائدات أعمال أخريات، وهي تشجع الشابات على التحلي بالجرأة ومواجهة العقبات التي تحول دون تحقيق أحلامهن.
وتعتبر رحلة رحاب مثالا للنجاح والمثابرة، إذ تمكنت لدى عودتها إلى المغرب من وضع مهاراتها في خدمة مشروع مبتكر وشامل. ويشكل “Work Studio” واحة حقيقية للإبداع والإلهام من شأنها أن تساهم في ازدهار المرأة وتطوير المشهد الفني بالرباط.
وتؤكد بهذا الخصوص أن “هذا المسار المهني الذي سلكته، هو مثال جيد لإنعاش الأمل وللتحفيز، إذ يجب على أي شابة تفكر بخوض غمار ريادة الأعمال أن ت قدم على التغلب على الصعوبات الإدارية والمالية والأحكام المسبقة للمجتمع”.
وترى رحاب أن مشروعها يساعد على تغيير العقليات، ويمنح العزيمة للتجربة والابتكار، مؤكدة أن المرأة المغربية تتمتع بكل الكفاءات والمهارات اللازمة لإنجاح مشاريعها، لكنها بحاجة فقط إلى المثابرة وتعبئة الجهد والثقة بالنفس، من خلال تسليح نفسها بهذه المبادئ، لتصبح مثل هذه المبادرات ممارسة شائعة في المجتمع المغربي.
وردا على سؤال حول الوضع الحالي للمرأة في المغرب، لاحظت رحاب واقعا مزدوجا؛ إذ يتعلق الأمر بتقدم بطيء وفوارق بين النساء في المناطق الحضرية والقروية.
وأبرزت أنه في المناطق الحضرية، تناضل المرأة من أجل حقوقها وتعتمد على كفاءتها الفكرية، ومن ناحية أخرى، ما زالت النساء القرويات، يعانين في كثير من الأحيان من الأمية، في مواجهة طابوهات المجتمع.