الحادث الإرهابي في “كروكوس” قد يصبح نقطة تحول نوعية
الكاتب والمحلل السياسي/ رامي الشاعر
أعلنت السلطات الروسية عن مقتل أكثر من 60 قتيلا ووقوع أكثر من 100 جريح في الهجوم الإرهابي على مركز “كروكوس سيتي هول” بضواحي العاصمة الروسية موسكو.
وقد أبلغ مدير هيئة الأمن الفيدرالية الروسية ألكسندر بورتنيكوف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صباح اليوم عن اعتقال 11 شخصا، من بينهم 4 إرهابيين شاركوا بشكل مباشر في الهجوم الإرهابي ليلة أمس. وأوضحت الهيئة أن المجرمون حاولوا الهروب متوجهين إلى الحدود الروسية الأوكرانية، وتم اللحاق بهم. وتابع الأمن الفيدرالي أنه بعد تنفيذ الهجوم، كان الإرهابيون يعتزمون عبور الحدود الروسية الأوكرانية وكانت لديهم اتصالات في الجانب الأوكراني.
وقد وردتني أسئلة كثيرة من مواقع ووكالات، اعتذرت عن الإجابة عليها جميعاً، نظراً لعدم توفر المعلومات الكافية حتى اللحظة، لتكوين وجهة نظر أقرب ما تكون إلى الدقة والموضوعية بشأن ما حدث، إلا أن المعطيات الأولية، من وجهة نظري المتواضعة، لا تشير، من قريب أو من بعيد، إلى ضلوع “الدولة الإسلامية” أو “داعش” في الحادث، حتى وإن كانت الأيادي المجرمة التي قامت بهذه الجريمة الإنسانية البشعة انتمت أو تنتمي إلى أي من هذه التنظيمات على المستوى الفردي.
أفضل أن ننتظر نتيجة التحقيقات الرسمية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية الروسية المختصة، لكن ما أريد أن أشير إليه أن هذا العمل الإرهابي الجبان، والجريمة النكراء، وحرق منشآت مدنية في العاصمة موسكو، يعلن، وبشكل واضح لا جدال فيه، عن إفلاس سياسي وعسكري صارخ، ورغبة حاقدة كارهة للإضرار بالشعب الروسي تحديداً، وليس الرئيس الروسي أو حتى “النظام الروسي” على حد تعبيرهم.
فقد ادعى الغرب، ولا زال يدّعي زوراً، ولم يعد أحد يصدقه، بعد كم العقوبات والحصار واستهداف الشعب الروسي والثقافة الروسية وحتى اللغة الروسية، ادعى ويدعي أنه لا يستهدف الشعب، لكن هذه العملية الإرهابية الخسيسة ليلة أمس انقضت على الشعب الروسي شخصياً، دون أي اعتبار لشيوخ أو أطفال أو أهداف مدنية بحتة، لا يمكن أن ترتبط بأي شكل من الأشكال بأي أهداف استراتيجية عسكرية.
ولا أجزم أو أقول إن الغرب أو أوكرانيا هم من قاموا بهذه العملية، ولتقل كلمتها في ذلك الجهات الأمنية الروسية المختصة، لكني فقط أضع الحقائق والبيانات جنباً إلى جنب، حيث حذرت السفارتان الأمريكية والبريطانية من أعمال إرهابية وشيكة، وحذرت رعاياها من التواجد في أماكن التجمعات بالعاصمة الروسية. ثم سارعت نفس السلطات بنفي أن يكون هناك ارتباط بين العمل الإرهابي وأوكرانيا، خلال ساعة واحدة من وقوع العملية الإرهابية.
لننتظر ونرى، لكن ما أريد الإشارة إليه أن هذه الجريمة بقتل المدنيين وحرق المنشآت المدنية، لا تعني بأي حال من الأحوال وجود ضعف أو خلل من جانب الأمن الروسي، فالمركز التجاري هو منشأة مدنية، تستخدم في حراستها شركة خاصة للحراسات المدنية، وتلك الشركات في روسيا لا يرخص لها بحمل أو استخدام السلاح قطعياً.
لكن أحد الخبراء، أعجبني تحليله لأحد الفيديوهات حيث يقوم أحد الإرهابيين بتخيير مخزن السلاح الآلي باحترافية شديدة، قال إن هذا المجرم الإرهابي هو عسكري وليس مدنياً، بمعنى أن من قام بالعملية حصل على تدريب عسكري، ويبدو أنه ينتمي لإحدى التنظيمات العسكرية وربما الجيوش. كما أن الثبات الواضح في تنفيذ العملية وبدم بارد يؤكد على أن ما قام بذلك ربما حصل على جرعة من عقار ما يمكنه من مواجهة هذا الكم من المدنيين وقصفهم بهذه الطريقة الدموية البشعة دون أن يهتز له جفن. وهو ما أثبته الجيش الروسي في غير مرة حينما وجد عقاقير بحوزة الجنود الأوكرانيين القتلى أو الأسرى، ترفع من عتبة الخوف لديهم، وتعزز الثبات الانفعالي لديهم.
مرة أخرى، أفضل أن ننتظر نتيجة التحقيقات الرسمية، ويكون لكل حادث حديث. لكني أظن أن هذا الحادث الإرهابي الأليم سيكون له تداعياته، وسيصبح نقطة تحول نوعية في العملية العسكرية الروسية الخاصة.