اسرار الجمال ومقاييسه في الثقافات العربية القديمة
إعداد: حنان الطيبي
عبرالعصور القديمة للثقافات العربية، نجد أن أسرار الجمال ومقاييسه كانت تختلف بشكل ملفت من منطقة إلى أخرى، لكنها جميعً كانت تشترك في الاحتفاء بالجمال بأشكاله المتعددة وتعظيم قيمته كرمز للنفوذ والصحة والمكانة الاجتماعية.
الجمال في الشعر والأدب:
الأدب والشعر العربي القديم يعج بالوصف الدقيق والمعبر عن الجمال، خصوصا جمال النساء وحتى الرجال على حد سواء. فقد كان الشعراء يتغزلون بالعيون الواسعة والشعر الطويل الأسود كليل قاتم، والبشرة الصافية كاللؤلؤ المكنون. الجمال لم يكن مقتصرًا على المظهر فقط، بل كان يشمل أيضًا الأخلاق والقيم، فالفصاحة والبلاغة وسرعة البديهة كانت تعتبر من سمات الجمال المثالي.
مقاييس الجمال:
مقاييس الجمال كانت تختلف بين الثقافات وحتى بين القبائل. ففي بعض الثقافات البدوية، كان الجمال يقاس بالقدرة على تحمل الصعاب والشجاعة والمهارة في الركوب والقتال. في حين في الحضارات الأكثر استقرارا كالحضارة الأموية والعباسية، بدأت تظهر مقاييس جمالية معقدة تشمل الأزياء الفاخرة، العطور النادرة، والمجوهرات الثمينة كدلالات على الجمال والثراء.
أسرار الجمال:
أسرار الجمال في الثقافات العربية القديمة كانت تتضمن مزيجًا من المعرفة بالطبيعة واستخداماتها. الحناء، الكحل، الزعفران، وماء الورد كانت ليست فقط للزينة ولكن للعناية بالصحة والبشرة أيضا.. الحمامات العامة والسونا (الحمام المغربي) كان لها دور بارز في تعزيز النظافة والجمال، حيث كان يُعتقد أنها تنقي الجسم والروح.
الجمال والهوية:
الجمال كان أيضا يعبر عن الهوية والانتماء الثقافي. الوشم، على سبيل المثال، كان يستخدم بين بعض القبائل للدلالة على الانتماء القبلي أو المرور بمراسم البلوغ. الأزياء وأساليب الزينة كانت تتباين بشكل كبير بين البدو وسكان الحضر، مما يعكس التنوع الثقافي والاجتماعي.
في عالم اليوم، حيث الجمال أصبح يقاس غالبا بمعايير عالمية ضيقة، تذكرنا الثقافات العربية القديمة بأهمية التنوع والتفرد في تقدير الجمال.. وفي الختام فإن الجمال الحقيقي يأتي في أشكال متعددة ويعكس قيما وتقاليدا تختلف من مجتمع لآخر.