قائد عسكري مسلم لم يعرف طعم الهزيمة
شيماء مدان/
كان خالد بن الوليد، الملقب “بسيف الله” من بين القادة العسكريين القلائل الذين لم يعرفوا طعم الهزيمة طوال حياتهم، خاض أكثر من 100 معركة أمام قوات كانت الاعظم في التاريخ، وساهم في حروب الردة و الفتوحات الاسلامية.
ولد أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي في (30 ق.هــ / 592 – م)، كان صحابيا وقائدا عسكريا مسلما، حارب ببسالة في غزوة مؤتة، حيث كسرت في يده يومئذ تسعة أسياف، وبعد أن عاد إلى يثرب، أثنى عليه الرسول ولقّبه “بسيف الله المسلول”.
نسبه، خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، المكنّى بأبي سليمان، وقيل: أبو الوليد. يلتقي في النسب مع الرسول في مرة بن كعب الجد السادس للرسول.
والده، الوليد بن المغيرة سيد بني مخزوم أحد بطون قريش، رفيع النسب والمكانة حتى أنه كان يرفض أن توقد نارغير ناره لإطعام الناس خاصة في مواسم الحج وسوق عكاظ، وأحد أغنى أغنياء مكة في عصره حتى أنه سمّي “بالوحيد” و”بريحانة قريش”، لأن قريش كانت تكسو الكعبة عامًا ويكسوها الوليد وحده عامًا.
أمه، لبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية
ووفقً عادة أشراف قريش، أرسل خالد إلى الصحراء، ليربّى على يدي مرضعة ويشب صحيحًا في جو الصحراء، عاد لوالديه وهو في سن الخامسة أو السادسة. مرض خالد خلال طفولته مرضًا خفيفًا بالجدري، لكنه ترك بعض الندبات على خده الأيسر.
تعلم خالد الفروسية كغيره من أبناء الأشراف، ولكنه أبدى نبوغًا ومهارة في الفروسية منذ وقت مبكر، وتميز على جميع أقرانه، كان صاحب قوة مفرطة كما عُرف بالشجاعة والجَلَد والإقدام، والمهارة وخفة الحركة في الكرّ والفرّ. واستطاع “خالد” أن يثبت وجوده في ميادين القتال، وأظهر من فنون الفروسية والبراعة في القتال ما جعله من أفضل فرسان عصره.
اشتهر خالد بن الوليد، بعبقرية تخطيطه العسكري وبراعته في قيادة جيوش المسلمين في حروب الردة وفتح العراق والشام، في عهد خليفتي الرسول أبي بكر وعمر في غضون عدة سنوات من عام (632 حتى عام 636). و يعد أحد قادة الجيوش القلائل في التاريخ الذين لم يهزموا في معركة طوال حياتهم، فهو لم يهزم في أكثر من مائة معركة أمام قوات متفوقة عدديًا من “الإمبراطورية الرومية البيزنطية” و”الإمبراطورية” الساسانية الفارسية” وحلفائهم، بالإضافة إلى العديد من القبائل العربية الأخرى.
كما اشتهر بانتصاراته الحاسمة في معارك “اليمامة” و”أُلّيس” و”الفراض”، وتكتيكاته التي استخدمها في معركتي “الولجة” و”اليرموك”، بالاضافة الى دوره في انتصار قريش على قوات المسلمين في غزوة أحد قبل إسلامه، كما شارك ضمن صفوف الأحزاب في غزوة الخندق. ومع ذلك، اعتنق خالد الدين الإسلامي بعد صلح الحديبية، وشارك في حملات مختلفة في عهد الرسول، أهمها غزوة مؤتة وفتح مكة.
كانت غزوة أحد أولى معارك خالد قبل إسلامه، في الصراع بين القوتين، والتي تولى فيها قيادة ميمنة القرشيين.
وأسلم قبل الفتح، و عمره “40 سنة”، حيث دخل يثرب في (صفر عام 8 هـ ) ومعه عثمان بن طلحة العبدري، وعمرو بن العاص معلنين إسلامهم، وحينها قال الرسول: “إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها”
وفي عام 638، وهو في أوج انتصاراته العسكرية، عزله الخليفة عمر بن الخطاب من قيادة الجيوش لأنه خاف أن يفتتن الناس به، فصار خالد بن الوليد في جيش الصحابي أبو عبيدة عامر بن الجراح وأحد مقدميه، ثم انتقل إلى حمص حيث عاش لأقل من أربع سنوات حتى وفاته ودفنه بها.
توفي خالد بن الوليد في مدينة حمص بالشام، عام( 21 هـ / 642 م)، وروي أن خالد قال على فراش موته:
“لقد شهدت مئة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر، إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء”.
ويذكر أن لخالد بن الوليد جامع كبير في حمص يحمل اسمه، كما يزعم البعض أن قبره يوجد داخله.