قراءة في محاضر الضابطة القضائية، لعلها في نظري أهم من القراءة في قانون الحريات العامة و قانون الصحافة وقانون الأحزاب، و قانون الانتخابات، و قانون فصل السلط لكونها المؤشر الحقيقى لأسس الحق والعدل، و برهان صريح على احترام حقوق الإنسان عند القيام بالبحث والتحريات في المظالم و الشكايات، و تجميع الحجج والبيانات و استنطاق كل من له علاقة بوقوع الجريمة والعبرة باسلوب التعامل مع القضية.
سنوات الرصاص بأحكام لا هي قضائية ولا هي ادارية
ليس الغرض من هذه القراءة جرد طرق التعامل مع الجرائم على اختلاف درجاتها وعلى مر الزمن بدءا بما اصطلح على تسميته بسنوات الرصاص حين كانت الأحكام لا هي بقضائية ولا هي بادارية. ألم يكن القائد لا يزال في كثير من الأحيان في البادية و الحاضرة على حد سواء يتقمص دور القاضي حين يفصل في المنازعات دون حق اللجوء إلى القضاء وما يضمن هذا الأخير من حقوق الدفاع و مباشرة طرق الطعن عن الاقتضاء. عهد لا يزال بكل أسف يهيمن على بعض مسؤولينا بمن فيهم من أوكل إليهم مهمة قضائية بدأ بالضابط الذي لم يتخلص رغم تكوينه و خبرته من روح التعليمات التي لا صلة لها بالمساطير و البراهين. لا بد من صيانة حقوق المتضررين و لا بد من ضرورة الحسم في شأن المعتدين شريطة احترام جميع القوانين.
عمل الشرطة القضائية ورش كبير
عمل الشرطة القضائية ورش كبير ينبغي الاهتمام به و الانكباب على معالجته ليس على مستوى بعض العقليات التي أصبحت إلى حد بعيد متجاوزة إذا أردنا فعلا الالتحاق بركب الدول التي تتعامل بالنظم والقوانين و البداية بتوفير شروط التأهيل أو ليست الموارد البشرية و التجهيزات المادية و التكوين المستمر و المكافآت و الترقيات المستحقة تحفيزات لا محيد عنها للتخلص من رواسب الملل و غض الطرف والهروب من المسؤولية أحيانا إلى الأمام.
إن الإرادة العملية تبدأ بالقرارات السياسية التي من المفروض أن توجد بيد الأغلبية إذا كان الأمر فعلا يرتكز على القواعد الديمقراطية.
قيم العدل و الحرية مجرد أمنية
عفوا، لقد انزلق قلمي حين عاد إلى اجترار خطاب تنظيماتنا السياسية عند قيامها بحملاتها الانتخابية فتبوأ بعضها مكان الصدارة في وزاراتنا الحيوية و بداية البدايات كما هو معلوم، إحساس الفرد قبل الجماعة بقيم العدل و الحرية التي لا تزال مجرد أمنية.
و لنؤجل إذا سمحتم مطالبنا الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية الثقافية لنركز اهتمامنا على عمل الضابطة القضائية التي من المفروض أن يدبر شؤونها وكلاء الدولة و لنطلع بإمعان على ما جد في قانون المسطرة الجنائية الذي توخى منه المشرع تصحيح مسار السلطة القضائية.
لقد دخل هذا القانون الجديد، كما هو معلوم، حيز التطبيق في الآونة الأخيرة و أكد وزير العدل في مقدمته بأنه : ” يعد نتيجة لجهود بذلتها مكونات المجتمع المغربي من مسؤولين و سياسيين و فاعلين في العمل القانوني، و قد استمرت هذه الجهود طيلة عشرين سنة احتدم فيها النقاش و الخلاف الى أن تم التوافق على حل متوازن يأخذ بعين الاعتبار متطلبات الأمن العام دون الإخلال بما تتطلبه حماية حقوق الانسان …”.
لا أريد الرجوع الى بعض السلبيات التي أكد عليها الحقوقيون في قبة البرلمان أو إثارة بعض الثغرات التي سجلها المحامون في أيام دراسية ما دامت الغاية المتوخاة من ذوي النيات الحسنة توفير جميع شروط السير ببلادنا الى الأمام.
**محامي في هيأة المحاماة في الرباط وفاعل حقوقي