صادق مجلس الحكومة المنعقد يوم الخميس 09 ماي 2024 على مشروع المرسوم رقم 2.22.1075 المتعلق بمنح بطاقة شخص في وضعية إعاقة. و حسب تصريحات وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة فيأتي هذا المرسوم تنزيلا لأحكام القانون الإطار رقم 13-97 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها ولا سيما المادة 23 من جهة، وتنزيلا للبرنامج الحكومي الذي أولى اهمية بالغة للمشاريع والمبادرات التي تستهدف الأشخاص في وضعية إعاقة، بحكم أن هذه الفئة تحتاج إلى اهتمام خاص من أجل تمكينهم من المشاركة في مختلف مناحي الحياة اليومية في إطار يصون الكرامة ويعزز مبدأ تكافؤ الفرص من جهة أخرى ويندرج في إطار ملاءمة التشريع المغربي مع أحكام الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري.
لقد اعتمد المغرب القانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والنهوض بها ، و قد صدر في الجريدة الرسمية رقم 6466 بتاريخ 19 مايو 2016 ، وهو القانون الذي نص في مادته 23 على منح الشخص الذي ثبتت إعاقته بطاقة خاصة تخول حاملها من الاستفادة من الحقوق و الامتيازات التي ينص عليها هذا القانون و النصوص التطبيقية لتنفيذه. و يأتي هذا النص كاولى النصوص التطبيقية الضرورية لاعمال القانون الاطار الدي يفتقر الى تحديد زمن تشريعي لاصدار النصوص التنظيمية الضرورية، فالمشرع يعتبره قانونا يتلائم و الاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الاعاقة التي صادق عليها المغرب، فقد اعتمدت المادة 2 منه تعريفًا جديدًا للإعاقة يتجاوز النهج الطبي ويتبنى نهج الحقوق الاجتماعية بما يتماشى مع التعريف الوارد في الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة و هذا يلزم الحكومة على تبني المقاربة الاجتناعية و الحقوقية في كل القضايا التي تخص هذه الفئة من المجتمع. و بناء عليه فقد كان من المفروض أن يتبنى المرسوم المتعلق بمنح بطاقة الشخص المعاق نفس المقاربة و أن يجعل المشرع من البطاقة وسيلة للتمكين من الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية والسياسية و ليس غاية تفرغ البطاقة من قوتها و نجاعتها و اعتبارها معرفا رقميا بدون جدوى،و من خلال قراءة نص المرسوم يمكن الوقوف على مجموعة من الملاحظات التي تحول و نجاعة النص بحيث لا يرقى الى انتظار و تطلعات الأشخاص في وضعية اعاقة
مرسوم بطاقة الشخص في وضعية اعاقة الذي طال انتظاره،
لقد أحدث المشرع المغربي مندوبية سامية للأشخاص المعاقين بمرسوم يحمل رقم 2.94.201 صادر في 13 من ذي الحجة 1414 (24 ماي 1994)، صدر بالجريدة الرسمية عدد 4262 بتاريخ 26 محرم 1415(6 يوليو 1994) و قد أوكل اليها بناء على المادة الثانية منه في نقطته السادسة “أن تسلم بطاقة المعاق و البطاقة الخاصة بالمكفوفين المنصوص على الأولى في القانون رقم 07.92 و على الثانية في القانون رقم 05.81″، مما يعني أن الأشخاص في وضعية اعاقة عموما ضلوا ينتظرون اصدار بطاقة الشخص المعاق لمدة 32 سنة والأشخاص في وضعية اعاقة بصرية لمدة 43 سنة، فقد حدد المرسوم رقم 218-97-2 صادر في 18 من شعبان 1418 (19 ديسمبر 1997) بتطبيق القانون رقم 81-05 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للمكفوفين وضعاف البصر الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 246-82-1 بتاريخ 11 من رجب 1402 (6 ماي 1982) والقانون رقم 92-07 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 30-92-1 بتاريخ 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993. ) التدبير الاداري و المعايير االتقنية لمنح البطاقة و رغم ذلك فلم تتمكن الحكومات المتعاقبة من اصارها لأسباب يمكن اختزالها في غياب الارادة السياسية لتمكين الأشخاص في وضعية اعاقة من حقوقهم الأساسية و عدم تضمين السياسات العمومية لسلة من الخدمات الاجتماعية، الطبية و الاقتصادية .. التي يمكن الحصول عليها بمجرد الحصول على بطاقة الشخص المعاق، بالاضافة الى عدم اعتماد المغرب لنظام لتقييم الاعاقة يقطع مع المقاربة الطبية و يعتمد المقاربة الاجتماعية الحقوقية.
و قد اعتمدت الوزارة المعنية لحل هذه الاشكالية و الاستجابة الى بعض النصوص التنظيمية التي تستوجب توفر الشخص المعني على بطاقة الشخص في وضعية اعاقة ، بما فيها تلك الصادرة عن الوزارة المعنية، على اصدار شهادة الاعاقة كاجراء مرحلي و مؤقت، و بأتي المرسوم الحالي دون تحديده لزمن محدد لتغطية التراب الوطني و اعتماده التدرج ترابيا في منح البطاقة و أمام محدودية الموارد البشرية “الاخصائيين الاجتماعين” على مستوى مراكز توجيه ومساعدة الأشخاص في وضعية إعاقة « COAPH » باعتبارها شباكا وحيدا من المفروض أن يقدم مجموعة من الخدمات الى جانب تدبير البطاقة ليزيد من هضر الزمن التشريعي و الحيلولة دون انزاله ترابيا في أقصر مدة زمنية، فكيف لهذه المراكز المحدودة ترابيا و بشريا أن تستجيب لتلاتة مليون طلب للحصول على البطاقة في زمن قياسي؟.
اشكالية عدم اعتماد منظومة لتقييم الاعاقة واضخة و مجربة،
اعتمد المغرب في المادة 2 من القانون الاطار الإطاري رقم 97.13 تعريفًا جديدًا للإعاقة يتجاوز المقاربة الطبية ويتبنى نهج الحقوق الاجتماعية بما يتماشى نسبيا مع التعريف الوارد في الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ، مما يتوجب على الوزارة اعتماد نظام لتقييم الاعاقة يعتمد مؤشرات قياس تعتمد على تفاعل الشخص مع محيطه و تحديد الوضعيات الاجتماعية و الاقتصادية المعيقة ، وقد فتحت الوزارة و إطلقت ورش عمل لتحديد و اعتماد منظومة لتقييم الإعاقة تتكيف مع التعريف الجديد للاعاقة و أن تعتمد معايير للقياس علمية و موضوعية وهو المشروع الذي لم يكتمل الى حد الان رغم تعاقب ثلات مكاتب للدراسات دون التمكن من اعتماد نظام واضع و قابل للتنزيل وفق مقاربة اجتماعية حقوقية.
فالمادة 2 من المرسوم تشترط من أجل حصول الشخص على البطاقة أن يخضع لتقييم الإعاقة من خلال: . تقييم القدرات عبر تحديد طبيعة القصور أو الانحصارفي المرحلة الأولى، و هي مقاربة طبية، يليها تقييم المشاركة الاجتماعية وعوامل المحيط من أجل تحديد مستوى الصعوبات التي تمنعه من المشاركة الكاملة والفعالة في المجتمع. و سيتم تحديد المعايير الطبية والاجتماعية التي يتم الاستناد إليها في تقييم الإعاقة بقرار مشترك للسلطة الحكومية المكلفة بالصحة والسلطة الحكومية المكلفة بالأشخاص في وضعية إعاقة مما يؤكد على عدم الجاهزية و القابلية للتنزيل الفعلي للمرسوم.
فاشارة المرسوم على ضرورة خضوع الشخص الراغب في الحصول على البطاقة لنوعين من التقييم الأول طبي حيث سيتم الاعتماد في التقييم الطبي على لجنة طبية اقليمية ثم بعده في الدرجة الثانية قياس المشاركة الاجتماعية وعوامل المحيط خيث سيعتمد على اخصائي اجتماعي واحد في غياب كامل للجنة متعددة التخصصات ( اخصائي تقويم النطق، اخصائي الحس حركي ، الاخصائي الاجتماعي ..) مما يسائل نجاعة التقييم الاجتماعي المعتمد على شخص واحد. هذا يجعل من المقاربة الطبية هي السائدة و في حال رفض اللجنة الطبية للطلب لا يمكن الانتقال الى المستوى الثاني من التقييم مما يؤكد أن المغرب لم يتمكن بعد من تجاوز المقاربة الطبية في التعامل مع الاعاقة، في حين أن التقييم الاجتماعي.
في الأخير كيف يمكن اصدار بطاقة للشخص المعاق في غياب مرسوم يحدد نضام قياس و تقييم الاعاقة ينسخ قرار وزير الصحة رقم 1977.98 الصادر في 2 رجب 1419 (23 أكتوبر 1998) بشأن المقاييس الطبية والفنية المعتمدة من أجل تحديد صفة شخص معاق و الدي يحدد درجات الاعاقة في خفيفة ، متوسطة و عميقة بناء على تقرير طبي فقط.
المعيايير التقنية و الفنية للحصول على البطاقة
وفق المادة المادة 4 من المرسوم يقدم طلب الحصول على البطاقة من خلال تعبئة استمارة معدة لهذا الغرض بالمنصة الإلكترونية المحدتتة لذلك مرفقة بمجموعة من الوثائق التعريفية لصاحب الطلب ، كما أنه و فق المادة المادة 5 يخضع الشخص المعني لتقييم القدرات تجريه لجنة طبية على المستوى الترابي استنادا إلى التقرير الطبي المقدم و يمكن للجنة، كلما دعت الضرورة إلى ذلك، أن تستدعي الشخص المذكور لإجراء تقييم القدرات عند الاقتضاء، بحضور أبويه أو أحد أقاربه. و بعدها يخضع الشخص المعني لتقييم المشاركة الاجتماعية وعوامل المحيط يجريه مساعد اجتماعي تنتدبه السلطة الحكومية المكلفة بالأشخاص في وضعية إعاقة لهذا الغرض و يتم تسجيل ملاحضاته في ملف خاص يسمى “ملف المشاركة الاجتماعية وعوامل المحيط”. يحدد نموذج ملف المشاركة الاجتماعية وعوامل المحيط بالقرار المشترك المنصوص عليه في المادة 2 من المرسوم. هنا لدينا الملاحظات الثالية حول عدم جاهزية منظومة تنزيل المرسوم :
- سيعتمد على المنصة الرقمية التي تعتمد عليها الوزارة في تقديم مجموعة من خدماتها و بالثالي فالمنصة التي ستعتمد في استقبال الطلبات غير جاهزة و يلزم تجريبها أولا،
- تقييم الاعاقة طبيا من طرف اللجنة الطبية على المستوى الترابي سيستند على التقرير الطبي المقدم الا ادا ارتأت اللجنة استدعاء المعني بالأمر مما يسائل مصداقية بعض الشواهد الطبية التي قد يكون مشكوكا في مصداقيتها ،
- نمودج “ملف المشاركة الاجتماعية وعوامل المحيطيستوجب اصدار قرار مشترك وفق المادة 2 من المرسوم و نعرف كم من الوقت يلزم اصدار القارات المشتركة،
كل هذا يوضح بشكل جلي أن مجموع الاستمارات التقييمية لاتزال في طور الاعداد مثل المنصة الالكترونية.
و بناء على عملية التقييم الطبي و الاجتماعي على علاته فان اللجنة الاقليمية لتقييم الاعاقة تبدي رأيها بشأن منح البطاقة إلى السلطة الحكومية المكلفة بالأشخاص في وضعية إعاقة، كما يمكنها تحديد احتياجات الشخص المعني وفق طبيعة الإعاقة ودرجتها. و هنا نطرح أكتر من علامة استفهام حول الخدمات و الامتيازات التي يمكن أن تمنحها البطاقة لحاملها و خاصة تلك التي لايضمنها أي نص قانوني، أيضا من هي السلطة الحكومية المخولة قانونا أن تمكن الأشخاص حاملي بطاقة الشخص في وضعية اعاقة من حقوقهم الاجتماعية و الاقتصادية أو تلك التي قد ترى اللجنة وجوب ضمانها له و تضمنها بالبطاقة، وأدكر على سبيل المثال لا الحصر : – الحصول على الأدوية و حصص الخدمات الشبه الطبية مدى الحياة للأشخاص المصابين بالشلل الدماغي أو ضرورة توفر الطفل على مساعد الحياة المدرسية .. و غيرها كثير.
المعرف الرقمي للبطاقة، هل من علاقة بالسجل الاجتماعي الموحد أو منصات الخدمات الاجتماعية ؟
وفق المادة 12من المرسوم و تطبيقا لأحكام المادة 23 من القانون الإطار السالف الذكر رقم 97.13 يحدد شكل البطاقة والبيانات التي تتضمنها بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالأشخاص في وضعية إعاقة. تتضمن البطاقة مكونا رقميا تسلسليا لم يوضح المرسوم بشكل يقطع الشك باليقين هل يمكن أن تكون له علاقة بالمعرف الرقمي للسجل الاجتماعي الموحد أو باقي منصات صناديق الخدمات الاجتماعية و التغطية الصحية المعتمدة، لأنه في غياب ذلك ستبقى البطاقة مجرد وثيقة يتم الادلاء بها عند الاقتضاء و قد لا تتجاوز قيمتها قيمة شهادة الاعاقة التي تمنحها وزارة التضامن و الادماج الاجتماعي و الأسرة.
فغياب البطاقة و نظام تقييم الاعاقة في الوقت الدي كان يتم فيه الاعداد للسجل الاجتماعي الموحد و نظام الاستهداف غيب الاعاقة كمؤشر اجتماعي و اقتصادي يمكن الأشخاص في وضعية اعاقة من الاستهداف الشامل من برامج الدعم الاجتماعي بشكل تلقائي، مما يجعل من ربط المعرف الرقمي للبطاقة شيئا صعبا ان لم نقل شبه مستحيل لأسباب يمكن الرجوع اليها لاحقا، مما يطرح سؤالا جوهريا حول كيفية الاستفادة من الخدمات الاجتماعية التي يمكن أن توفرها الدولة بمجرد الحصول على بطاقة الشخص في وضعية اعاقة و بدون المرور عبر مساطر ادارية أحيانا تكون جد معقدة ، أيضا عدم التفكيرفي ربط المنصة الرقمية المعتمدة لمنح البطاقة و اعتماد المعرف الرقمي للبطاقة بمجموعة من المنصات المعتمدة من طرف مجموعة من القطاعات و المؤسسات الاجتماعية و التربوية ( منظمات الاحتياط الاجتماعي، منظومة مسار و غيرها كثير) يفقد البطاقة جديتها ، الزاميتها و اعتمادها من أجل الاستفادة من مجموعة من الخدمات و تبسيط مجموعة من المساطر الادارية.
فالحديث عن 13 خدمة يمكن أن توفرها البطاقة يجعلها تساوي بطاقة أبسط جمعية ادا ما تعلق الأمر بحق الأسبقية لولوج بعض الشبابيك العمومية أو مجانية النقل العمومي في بعض المدن مثلا، و لا تتجاوز شهادة الاعاقة اذا تعلق الأمر باجتياز المباراة الموحدة أو الحصول على المعينات التقنية .. في حين أنها لاتضمن الحقوق الشاملة، الاجتماعية ، الصحية، الاقتصادية و السياسية للشخص في وضعية اعاقة كما يضمنها الدستور و الاتفاقية الدولية لذوي الاعاقة .
اصدار مرسوم بدون جدولة زمنية يمكن أن يسائل جديته و مصداقيته
لقد صدر أول مرسوم لاصدار بطاقة الشخص المعاق سنة 1997 بدون جدولة زمنية و اليوم يصدر مرسوم جديد بدون تحديد الأفق الزمني لتمكين 3 ملايين من الأشخاص في وضعية اعاقة من البطاقة، فالمادة 19منه تنص على أن “يحدد بقرار مشترك للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والسلطة الحكومية المكلفة بالصحة والسلطة الحكومية المكلفة بالأشخاص في وضعية إعاقة تاريخ دخول مقتضيات هذا المرسوم حيز التنفيذ، بكيفية تدريجية، في عمالات وأقاليم المملكة”، فعدم ربط عملية النفاد بمجرد الصدور في الجريدة الرسمية كما أن عملية التدرج عبر الأقاليم و العمالات دون الحديث على كيفية تنفيد هذا التدرج يسائل استراتيجية و نجاعة تنزيل المرسوم على أرض الواقع، كما يسائل تناغم و توافق القطاعات الحكومية الموقعة على المرسوم و التزامها في ما يتعلق بالتنزيل الجيد و الفعال لمضامين المرسوم خصوصا و أن هذا الأخير لم ينص على ألية للتنسيق بين وزارية لاعتماد و تقييم مخط تنزيل المرسوم، بل نصت المادة 20 على أن “يسند تنفيذ هذا المرسوم الذي ينشر بالجريدة الرسمية إلى وزير الداخلية ووزير الصحة والحماية الاجتماعية ووزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة كل واحد منهم فيما يخصه” .