يقع اليمن بين السعودية وسلطنة عمان، ويشرف على مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي عن طريق خليج عدن بجانب سيطرة سلطنة عمان على مضيق هرمز، يبلغ طول الشريط الحدودي مع السعودية 1458 كم ومع سلطنة عمان 288 كم، وتمتد الجبهة البحرية 2500 كم، كما يمتلك اليمن جزر يبلغ عددها 216 تضاعف من أهميتها الاستراتيجية لما تمنحها من ميزة الانتشار والقواعد البحرية وتمتلك أكبر جزيرة عربية سقطري.
تتصارع الامبراطوريات على اليمن من أجل السيطرة على ممرات التجارة بين الشرق والغرب، وبعد ثورات 2011 أصبحت دول إقليمية لديها أطماع في اليمن خصوصا إيران التي كانت تتربص الفرصة للدخول إلى اليمن، وكانت تراقب حراكين الحوثي الذي دخل ست حروب مع الحكومة اليمنية بدأت من عام 2004 حتى أعلن الرئيس علي عبد الله صالح في فبراير 2010، وحراك جنوبي بدأ في 2007 بحركة احتجاجية يقودها عسكريون تم تسريحهم بعد حرب 1994 رفعت مطالب استعادة دولة الجنوب استقطبت إيران علي سالم البيض وأنصاره لإفشال المبادرة الخليجية عام 2011 التي وقعت في الرياض، لكن بعد انقلاب الحوثي على صنعاء عام 2014 أدى إلى انهاء التحالف مع علي سالم البيض وعودة التحالف الإيراني مع الحوثي.
نجح التحالف بقيادة السعودية في مارس 2015 الذي استصدر قرار أممي 2216 في وقف تقدم الحوثيين عسكريا وطردهم من جنوب اليمن، لكن أصبح التحالف بين الحوثيين وإيران اكثر صلابة في خضم صراع ذو أبعاد محلية وإقليمية مكن الحوثيين من اتباع سياسة التحالفات المؤقتة واستهداف منافسيهم الواحد تلو الآخر، فمثلا حاول الحوثيون التنسيق مع جبهة الإصلاح للتخلص من الرئيس صالح ساعد الحوثيين الحصول على مكاسب سياسية، خصوصا وأن ممثلهم في مؤتمر الحوار 2014 أحمد شرف الدين قدم الحوثيين أنفسهم كمؤمنين بالعلمانية ومؤيدين لفصل الدين عن الدولة، وبعد السيطرة على عمران في يوليو 2014 بدأ الحوثيون الترويج لأنفسهم على أنهم جماعة تحارب الفساد، وبعد تفجيرات مسجدي بدر والحشوش في 20 مارس 2015 التي تبناها تنظيم الدولة الإسلامية على أنهم يحاربون الإرهاب، وبعدما شن التحالف العربي عاصفة الحزم في 26 مارس 2015 قدموا أنفسهم على أنهم حركة وطنية تدافع عن اليمن ضد المعتدين، وبعد طوفان الأقصى قدم الحوثي نفسه مدافعا عن القضايا الإسلامية وعلى راسها القدس والدفاع عن العدوان الإسرائيلي على غزة.
عندما عقد الحوار الوطني تقرب الحوثيون للحراك الجنوبي الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن وطالبوا بتبني حكم فيدرالي يتكون من إقليمين، ثم تحالف الحوثيون مع علي عبد الله صالح الذي يتهم حزب الإصلاح باغتياله في يونيو 2011 ووجد أن له مصلحة في عرقلة العملية الانتقالية، فيما وجد الحوثيون أن القوة العسكرية ستمنحهم سلطة أقوى من أي عملية سياسية، ما يعني أن الحوثيين دخلوا صنعاء برضاء بقية الأطراف المتصارعة، لكنهم فقدوا جميع حلفائهم المؤقتين خصوصا بعد مقتل علي عبد الله صالح في ديسمبر 2017، لكن لا يتردد الحوثي من التقارب مع أي طرف، ففي مارس 2020 أعلن الحوثي حسين العزي دعمه للمجلس الانتقالي الانفصالي في صراعه مع حكومة الرئيس هادي، يظل الحوثي لا يسمح إلا بتحالفات مؤقتة، لكنه يرفض أي تحالفات سياسية دائمة، وهو ما يعقد عملية السلام الدائمة في اليمن، خصوصا بعدما فشل في ابتزاز السعودية من أجل أن تمنحه موافقة على الحكم المطلق في اليمن أو على الأقل على الشمال، كذلك فشل في الحصول على ما يريد من الولايات المتحدة بعد طوفان الأقصى عندما حول المواجه مع المجتمع الدولي ويظن أن أمريكا ستوافق على ذلك خصوصا وهي التي أوقفت التحالف من تحرير الحديدة في 2018 واستبدل باتفاق استكهولم الذي يطالب الحوثي بتسليم الرواتب لكنه لم يحقق ذلك رغم أن إيراداته من مشتقات النفط 2 مليار دولار بإجمالي نحو 3 مليار دولار.
برز دور هاني بن بريك والقائد العسكري عيدروس الزبيدي الذي عين محافظا لعدن في ديسمبر 2015 خلفا لجعفر الذي اغتيل، وتم تشكيل الحزام الأمني في عدن ولحج وأبين والضالع عام 2016، والنخبة في حضرموت وشبوة وسقطري، وفي فبراير 2017 تم تشكيل المجلس الانتقالي الذي يعمل خارج سلطة هيئة الأركان اليمنية، ومنعت طائرة الرئيس هادي بالهبوط في مطار عدن بعد عودته في فبراير 2017 وغير وجهته إلى سقطري جعله يفصل عيدروس وهاني بن بريك أثار غضب الإمارات بإعلان عدن التاريخي.
ترتبط سلطنة عمان بحدود مشتركة مع اليمن ولديها مخاوف من النظام الحاكم في الجنوب من الحزب الاشتراكي خصوصا منذ قبل الوحدة 1990، لذلك شكلت علاقتها الاستثنائية بالحوثي وحزب المؤتمر المحسوبين على الرئيس علي عبد الله صالح يستفزها تشكيل المجلس الانتقالي في منتصف 2017 والسيطرة على المهرة وأرخبيل سقطري المدعوم من دولة الإمارات أحد أطراف التحالف العربي بقيادة السعودية وأنها معنية بتلك التحركات نظرا لتلاقي الجغرافي وروابط النسب، فاستبعدت قطر من التحالف عام 2017 نسق جهوده مع سلطنة عمان التي أيضا كانت المحطة الأولى للرئيس عبد رب هادي عند خروجه من اليمن قبل الذهاب للسعودية، كذلك استقبلت عمان وزير خارجية اليمن أحمد بن عوض بن مبارك في يونيو 2021 حاملا رسالة للسلطان هيثم.
دعت السعودية جميع الأطراف إلى الرياض بحضور ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد في 5 نوفمبر 2019 جعل الانتقالي الجنوبي يقرر انسحاب قواته من عدن ويتخلى عن الإدارة الذاتية للمحافظات الجنوبية بعدما اتفاقا الطرفان على تنفيذ اتفاق الرياض بتشكيل حكومة جديدة مناصفة مكونة من 24 وزيرا بين الشمال والجنوب، خصوصا وأن المجلس الانتقالي الجنوبي يفتقر إلى الاعتراف الدولي ولن يعترف المجتمع الدولي بسيطرته بقوة السلاح على عدن وجزيرة سقطري ذات الأهمية الاستراتيجية يحظى فقط بدعم الإمارات.
وفي يونيو 2019 أعلنت الإمارات الانسحاب من اليمن، كما نشبت مواجهات عنيفة بين القوات الحكومية وقوات تتبع المجلس الانتقالي على خلفية مقتل قيادي في الحزام الأمني بصاروخ استهدف حفلا عسكريا أقيم غرب عدن في أغسطس 2019، وأعلن هاني بن بريك النفير إلى القصر الرئاسي في عدن، بعد ثلاثة أيام تدخلت السعودية وجرى اتفاق الرياض في 5 نوفمبر 2019، بعدما تيقن المجلس الانتقالي في أغسطس 2019 أعلان 6 محافظات جنوبية من أصل 8 محافظات ولاءها للرئيس هادي والحكومة الشرعية ورفضها اعلان الإدارة الذاتية الذي اعتبرته الحكومة الشرعية تمردا على اتفاق الرياض، وفي يونيو 2021 قوبل التصعيد الانتقالي بردود فعل دولية محذرة الانتقالي من المواجهة مع المجتمع الدولي وتدخلت الجهود السعودية مرة أخرى.
هناك واقع متشظي في اليمن استقطابات سياسية حادة بسبب أن هناك قوى ومليشيات في الجغرافيا اليمنية تود كل جماعة تثبيت قوتها، فخارطة السيطرة على الأرض منقسمة إلى 3 مكونات رئيسية الحكومة الشرعية وتسيطر على 55 في المائة من المساحة الجغرافية لليمن تسيطر على حقول النفط في مأرب وحضرموت التي تشكل ثلث مساحة اليمن والمهرة أكبر المحافظات حدودا مع عمان ونحو 60 في المائة من تعز، والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسيطر على 20 في المائة من مساحة اليمن الجغرافية تسيطر على عدن وشبوة وسقطري، ، والحوثي يسيطر على 25 في المائة من المساحة اليمنية ويسيطر على صنعاء العاصمة وذمار والبيضاء وإب وريمة والمحويت وعمران وصعدة، وحاول في فبراير 2021 السيطرة على مأرب لكن السعودية وضعت خط احمر لضم مأرب للحوثي، باعتبار مأرب مفتاح نحو شبوة وحضرموت والمناطق النفطية، فأسفرت حرب اليمن حتى نهاية 2021 عن مقتل 377 ألفا وخسائر 126 مليار دولار، كما فشل عيدروس الزبيدي في السيطرة على عدن لتكون جغرافيا له مقابل صنعاء التي هي جغرافيا للحوثي.
أتت زيارة الرئيس رشاد العليمي لحضرموت في يوليو 2023 أقلقت المجلس الانتقالي الذي يعتبر أنها خرقا للقرارات التي حررت في أبريل 2022 لفتت الزيارة بعد إعلان حضرموت تشكيل مجلس حضرموت الوطني كممثل وحيد للمحافظة التي استمرت المفاوضات شهرا كاملا في الرياض برعاية سعودية، وفي مارس 2024 يرفض المجلس الانتقالي دمج قواته في قوات الشرعية التي سبق أن أعلن عنها الرئيس رشاد العليمي كجزء من برنامج توحيد المؤسسة العسكرية.
منذ يوليو 2021 أكد بيان مشترك بين السعودية وسلطنة عمان على دعم المبادرة السعودية لإنهاء الأزمة اليمينة ورفع معاناة اليمنيين، وفي 14 سبتمبر 2023 وصل وفد حوثي إلى الرياض بناء على دعوة سعودية وبتنسيق عماني بناء على المبادرة السعودية التي أعلنت في مارس 2021 لوقف شامل لإطلاق النار في اليمن تحت مراقبة الأمم المتحدة واستكمالا للقاءات التي أجراها السفير السعودي إلى اليمن محمد آل جابر في صنعاء منتصف أبريل 2023 من أجل التوصل إلى حل سياسي دائم، لكن حرب طوفان الأقصى أعطت الحوثي ذريعة للهروب من استحقاقات السلام التي لا يوجد بديل آخر سواها حتى الآن.