وحدها “القهوة”..تسمو بمخيالك وتستعيد احلامك
وحدها القهوة(البن) تخرجك من عزلتك الصامتة،وتدخلك في عوالم أخرى توجد سلفا في عقلك الباطن،وقد تتجرأ لتنتقي لك أفكارك،وتمهد الالتفاف حول تهيؤاتك،وحدها القهوة تجعلك تستعيد احلامك وذكرياتك،وتراهن على صحة الانضمام الى التجمعات البشرية بقناعة،أو الانعزال عن العالم في صمت وهدوء.
وحدها القهوة المفعمة بانتشاء روحي يليق بجلالة الموقف،وجمال الصورة.
وحدها القهوة تجبرك في غير عنف على اختيار المكان،وانتقاء المواقع،وتذوق النكهة ،وتتبع الرشفة وراء الرشفة.
وحدها القهوة تغازل مخيلتك وخيالك .وتتبع شرودك واستيهاماتك..وحدها القهوة تقرأ فنجانك دون رمل أو دبابيس..
وحدها القهوة تغازل الوقت المحيط به،وتضع له سياجا حتى لايهرب خارج التاريخ والجغرافيا…
وحدها القهوة تخلق بداخلك ردة لكنها غير مكشوفة للملأ ولاظاهرة للعيان،وحدها القهوة تجدد العهود،وتوزع المواويل في قسمة ضيزى…
وحدها القهوة تسائل الكائن والممكن والمحال،وتجتاز الجسور في غير خوف،وتعبر الفيافي والقفار على صفحة فنجان لايدير ظهره للوافدين والعابرين والراكبين…
وحدها القهوة ترهف السمع للفراغ، وتستجلي الحقائق من النزعات الجوانية والبرانية…
وحدها القهوة تخلق الانسجام ،وتحيي الرقائق،وتنشط الملاعق، وتهوى الشقائق، وتواكب الراهن،لكنها في آخر المطاف تستسلم في هدوء لتماس بين شفاه العاشق الشارب ،وحواشي الفنجان المشبع بالحب والامل والعطاء.
وحدها القهوة تنشد السلم حتى ولو اتهموها بالتسبب بزوبعة في فنجان،وطالبوا برأسها وهي تحمل شهادة البراءة.
وحدها القهوة تفتح ذراعيها لكل عاشق متيم، أو مجرم اثيم،او منافق زنيم.
وحدها القهوة جماعة للائتلاف والاختلاف،عارفة بالظاهر والباطن،جريئة غير جبانة،تطأ الاراضي المحروثة وغير المحروثة،شاهدة على ماكان وما سيكون،حامعة مانعة ،ماتعة مائزة،تحيي العظام وهي رميم…تمنح الفرصة لشاربيها في الانبعاث والاحياء،الاقتراب منها وصال الوصال من بعده،ترد الروح وتستعيد الرقة والعاطفة…والبعد عنها عذاب لايضاهيه عذاب…وهي بين هذا وذاك مقبلة مدبرة،واصلة موصول بها،غادرة مغدور بها،سرها مجموع بين حرفين قال وتاء… اصلها سائل في وعاء،ولكنها داء ودواء،تعدل المزاج،وتجنح للفرقة والبغضاء،وفي كل الأحوال ملتبس أمرها،غامض سرها،مهاب جانبها،عجيبة مجالسها،كثر طلابها،ولكن في كل الاحوال غريب امرها،ساحر ذوقها..