العالية ماء العينين..غزارة الإصدارات تجسد تطور حركة البحث في الثقافة الشعبية الحسانية
سلط أكاديميون وباحثون، اليوم الجمعة بالرباط، في إطار فعاليات الدورة ال29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، الضوء على خصوصيات تعبيرات وتجليات الثقافة الحسانية، وعلى الأبعاد الفنية والأدبية التي تميز هذا المكون الثقافي المغربي الغني.
وأبرز المتدخلون خلال لقاء نظمته وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الجنوب، حول موضوع “الفن والأدب في الثقافة الحسانية: تعبيرات وتجليات”، أن ثنايا الثقافة الحسانية تزخر بمحطات تستدعي التوقف عندها بغية التأمل في مكوناتها، على اعتبار أن المجتمع الصحراوي يعرف مجموعة من الظواهر التي تسترعي الانتباه للوقوف على طبيعتها ودلالاتها.
كما أكدوا أن جزءا هاما من الثقافة الحسانية يعتمد في تأويله لبعض السلوكيات وبعض المعتقدات السائدة في المجتمع على جانب أسطوري محمل بالعديد من القيم والمبادئ التي ترسم حدود النشاط الإنساني لدى المجتمع الحساني.
وفي هذا الصدد، قالت العالية ماء العينين، أستاذة الدراسات الأندلسية والثقافة الشعبية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، إن هناك تراكما علميا ومعرفيا بالغ الأهمية في ما يتعلق بالبحث في الثقافة الحسانية، مشددة على ضرورة إعطاء هذه الدراسات والأبحاث المكانة التي تستحقها.
وسجلت ماء العينين، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش اللقاء ، أن الجامعة المغربية ما فتئت تنفتح على البحث في هذا المجال الغني، بما في ذلك في أطروحات ورسائل الماجستير والدكتوراه، وهو ما من شأنه توسيع آفاق البحث في مجال الثقافة الشعبية وتحديدا الثقافة الحسانية.
كما أشارت، في السياق نفسه ، إلى غزارة الإصدارات والمؤلفات التي تجسد تطور حركة البحث في الثقافة الشعبية الحسانية من مرحلة التأسيس لهذه الأبحاث وحتى الآن.
من جانبها، أكدت زليخة بابا، أستاذة مكونة بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالعيون، أن الثقافة الحسانية، الغنية بمكوناتها وخصائصها ومجالاتها، تعاني بشكل عام من تبعات الشفاهية وتحتاج إلى التدوين.
وشددت بابا، وهي كذلك باحثة في الثقافة الحسانية، في تصريح مماثل، على أنه رغم المجهودات الكبيرة التي يبذلها الباحثون والدارسون في سبيل تدوين الثقافة الحسانية، إلا أن هذه الأخيرة مازالت تعاني من مشكل التدوين وتعتمد على ذاكرة المشايخ .
ولفتت إلى أن الثقافة الحسانية، التي تبلورت في زمن البدو، تواجه اليوم عصر العولمة والحداثة، مما يستوجب طرح السؤال حول كيفية ترسيخ هذا الموروث الثقافي ليكون قادرا على رفع مختلف التحديات التي يطرحها التطور التكنولوجي.
أما الباحث في الثقافة الحسانية، محمد المولود الأحمدي، فأكد على أهمية تسليط الضوء على الثقافة الحسانية في شقها المادي، بما في ذلك السبل الكفيلة بجرد وصيانة هذه الثقافة وفق مجموعة من التشريعات والقوانين التي تكرس الحفاظ عليها كرافد من روافد الهوية المغربية.
وأوضح الأحمدي أن “الثقافة الحسانية تتضمن مجموعة من التعابير والتمثلات التي تعكس عراقة ثقافة جديرة بالاستكشاف والاطلاع والتثمين والتناول الأكاديمي من طرف الفاعلين الثقافيين والأكاديميين المهتمين “.
يذكر أن الدورة ال29 للمعرض الدولي للكتاب والنشر المنظمة إلى غاية 19 ماي الجاري، تعرف مشاركة 743 عارضا يمثلون 48 بلدا مع برنامج ثقافي يتضمن عددا كبيرا من الأنشطة بمشاركة كتاب ومفكرين ومبدعين وشعراء مغاربة وأجانب.