قراءة عاشقة في رواية “مليلية مدينة كل الغوايات القديمة” للأستاذ مصطفى تارجوانت
بقلم الروائي الأديب: مولاي الحسن بنسيدي علي
كتابة تحليلية راقية بأسلوب مشوق وممتع، يجعل القارئ مُنشَد من البداية إلى أن يأتي على نهاية المقروء بكثير من التمعن، وقد عودنا الأستاذ
مصطفى تارجوانت على الاستمتاع بجمال الحرف،
وهو يرسمه بكثير من العناية، محاكيا الأحداث والوقائع، ويتخد من الأمكنة عنوانا لشخوصه.
مولع بالقراءة، وحين يكتب يبهر المتلقي بروعة بيانه اللغوي، متمكن يترجم أحاسيسه يعيشها بصدق وحنين.
كلما قرأت له؛ وجدت جديدا غير مكرر مما يميزه عن غيره من الكتاب.
السرد متنفسه؛ بل عشقه، لا يكتب باستمرار، وحين يكتب يحدث الدهشة، وهذا ما وجدناه في هذا الحكي الذي نخصص له هذه القراءة العاشقة.
قصاصات عن عروسة جميلة افتضت بكارتها، ليست امرأة كسائر النساء، بل مدينة سلبت من الوطن، فوطأتها اقدام المحتلين، وانفصلت عن أمها وأبيها وعشيرتها، فأقاموا بينها وبينهم حدودا ومعابر ورجالا من حديد، – مليلية المدينة العروس التي تنام في حضن رجل لا تحبه – فأصبح الولوج إليها عسيرا, ومعانقتها بكثير من المضاضة والأسى, وروادها مختلفين إما عمال يبحثون عن لقمة العيش، أو طالبو المتعة ممن يجدونها في الحانات وهم يقارعون المدام، مستمتعين برقصة غجرية متمايلة بقدها الرشيق، أو من شاعر يستند على جذار الكورنيش باكيا ومتحسرا على زمن ولى، وحضارة داستها أقدام سوداء، وأهل تواروا عن الأنظار أو واراهم التراب.
ويقول الكاتب واصفا ذلك في القصاصة الأولى:
كانت الإنارة الفاترة، بتلك المشاهب النارية التي كانت تستعمل لإضاءة الدروب، زمن الفينيقيين ومن تلاهم.. شعور غريب وأنا أتخلف عن الركب، وكأني أسمع صليل سيوف قراصنة الهورناشوس، وصيحات مراد الرايس والعياشي.. وهي ولا شك تهيؤات، غذتها الخمرة التي أدارت الرأس، وما علق بالذاكرة في قراءتي الأخيرة”انتهى”
إنها لحظة سرقت من قلب الزمن، أو هكذا أرادها الكاتب كما يحتفظ بها من خلال ما نهله من مراجع تاريخية، وكأنه يعيشها بتفاصيلها وأحداثها، ينقلها للقارئ وكأنها شريط مصور.
والكاتب المتميز هو من يقرأ أكثر، ومن يطوع اللغة ليجعلها مستساغة للفهم وللاستيعاب، وهذا ما أجده في تحليل لمقال مستقل له عن برنارد بيفوت وأقتبس منه ما يلي:
أن تقرأ معناه أن تنطلق.. تتيه تنسج علاقات.. تتوقف لتفكر أو تحلم، وتعاود الانطلاق، وأنت مبتهج، تنصت إلى دقات قلبك، تتروى.. تسرق بضع كرزات وبضع تفاحات، تشعر بالخوف.. بالرغبة.. تفرح.. تشتكي ..تتساءل..تتذكر.. وهكذا تواصل؛ مسافرا لا يتعب حتى ٱخر كلمة بالكتاب. “انتهى”
كانت هذه الفقرة المترجمة حافزا لي، أن أنهل من أدب الأخ مصطفى تارجوانت، وأتعمق في معنى النص، دون الخوض في معنى الكاتب أبحث عن مكامن القوة في مبناه ومعناه، فأنتشي بما أقرأ لما أعَدَُهُ من جميل الوصف وتداخل الأصوات ونسق الحوار.
ونجد لهذا تعريفا عند استاذنا الدكتور نور الدين أعراب الطريسي مبرزا جانبا مما يتميز به أسلوب أي كاتب.
إن التناص بين الأنواع الأدبية قيمة فنية وملمح أسلوبي بارز . فالتداخل النصي ما انفك يظهر دوما في جميع النصوص الأدبية الكبيرة. كما يعتبر معيار التفوق الأدبي، ومن عناصر القوة في النصوص الأدبية شعرا وقصة ورواية ومسرحية. كما يؤكد ذلك في مؤلفاته النقدية التي تشتغل على نظرية تحليل الخطاب المعاصرة. لاسيما ما اتصل منها بالنقد السيميولوجي الحديث ورواده البارزين مثل البرتو ايكو وريكور وجنيت وكرستيفا ..
ويضيف الدكتور نورالدين اعراب الطريسي بيانا ٱخر :
يقوم مبدأ التداخل النصي على أساس مبدأ الحوارية أيضا. سواء بمفهومه النقدي عند باختين او عند غيره من النقاد. فلا وجود لنص أدبي معزول عن غيره من النصوص الأخرى. بل تجد حوار تعايش في النص الواحد بين عدة أنواع أدبية وغير أدبية”انتهى”
والمعنى الذي نبحث عنه في هذا النص الأدبي الروائي. هو معنى النص وليس معنى الكاتب. فالأول قابل للقياس. يحيد بالنص المكتوب. بينما الثاني مجرد غير قابل للقياس والنظر.
مليلية مدينة الغوايات القديمة عنوان اختاره الكاتب لهذا السرد البديع، ولم يضعه اعتباطا، ليكون أول عتبة ولأهميته ودلالته ولما يحتويه متنه
نفرد له جانبا من التحليل وإن كان مقتضبا، فماذا تعني الغواية لغة وإصطلاحا؟
وقفت على مبناها في المعاجم وفي لسان العرب
الغواية – بفتح الغين -: الضلال واتباع الهوى، يقال: غوى، يغوي، غيا وغواية، فهو غاو، أي: ضل، وغوى غيا: انهمك في الجهل. وخلافه: الرشد. والغي: جهل من اعتقاد فاسد. ومن معانيها أيضا: الخيبة، فيقال: غوى الرجل: إذا ضل وخاب
تعريف و معنى غواية في معجم المعاني الجامع- معجم عربي عربي
غَواية: (اسم)
غِواية، غَواية
مصدر غوَى وغوِيَ
تملُّق، مداهنة
غِواية: (اسم)
غِواية : فاعل من غويَ
غَوَايَة : مصدر غَويَ
غَوَاية: (اسم)
غَوَاية : مصدر غَوَى
غَوِيَ، يَغْوَى، مصدر غَوَايَةٌ
غَوِيَ الشَّابُّ : ضَلَّ، اِنْقَادَ لِلْهَوَى
ووردت على لسان الشعراء في قولهم
ولما غوى الغاوون فيك وفرّجت ……………….. ضُلُوعٌ عَلى الغِلّ القَدِيمِ ..
(شعر الشاعر: الشريف الرضي )
دَعيني وارشُدي إن كنتُ أغوى ……………….. ولا تغويْ زعمتِ كما غويتُ
(شعر الشاعر: السموأل )
ووردت في القرٱن الكريم في أكثر من سورة ونسوق بعضها على سبيل المثال لا الحصر
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ ﴿١٦ الأعراف﴾
قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٣٩ الحجر﴾
وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ
يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ ۚ هُوَ رَبُّكُم
وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٣٤ هود﴾
قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَول رَبَّنَا هَـٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا ۖ تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ ۖمَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ﴿٦٣ القصص﴾
فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَا ﴿٣٢ الصافات﴾
قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ ﴿٨٢ ص﴾
فما علاقة مدينة مليلية بالغوايات القديمة!؟
دخلها المحاربون الغزاة بعتادهم وعدتهم فحولوها إلى مدينة تساير النمط الغربي بمجونه، فأصبحت فضاء للمتعة والشهوات، وفتحت بها الحانات والأقبية والمراقص الليلية، وتبدل حالها من أرض أهلها محافظين، إلى مدينة حداثية وانخرط أهل الريف والمنطقة الشرقية في نسيجها الاجتماعي وباقي المدن المغربية إلى جانب بعض الأعراق الأخرى كالهنود واليهود والمسيحيين والعرب والمسلمين والأفارقة والموريسكيين .. وأصبحت مدينة سياحية وتجارية بامتياز، وملاذا لمهربي السلع منها إلى باقي تراب الوطن، ومزارا لطالبي المتعة
يقول الأستاذ مصطفى تارجوانت في القصاصة الثانية من هذا السرد الروائي الطويل:
على خشبة المسرح الصغير فقط أضاءت بفئة المصابيح، في الوقت الذي كان فيه جميع رواد الحانة، شاخصين أبصارهم باتجاه الخشبة ومشاعرهم متوثبة ينتظرون بفارغ الصبر متابعة العرض
يشق عزف القيثاره صمت المنتظرين بألحان بديعة صاحبها تصفيق منتظم من الفرقة الموسيقية ويبدأ النقر على الكاخون إيذانا بدخول الراقصة التي هبت مندفعة، متبخترة كطاووس لتحتل منتصف الخشبة مرتدية فستانا طويلا مزركشا من اللونين الأحمر والأسود ملتحفة إزارا أبيض.. تتقدم في شموخ، ترفع رأسها عاليا إلى السماء.
تمد الراقصة إحدى ذراعيها فوق رأسها، لتبدأ في عرضها، مستعملة صاجات مشبوكة بأصابعها، وكعبي حذائها المخصص للرقص في إحداث النغمات العالية المطلوبة عندما تحتك بالركح.
كل ذلك يتم ضمن هارمونات عالية بين تموجات الجسد، وطقطقات الصاجات ونقر الكعبين الخشبة هذا الإنسجام الفني والروحي يجعل المتفرج يرصد الإثارة والغضب الممزوج بالحب والعاطفة الفياضة، التي تنشرها الراقصة.”انتهى”
إنها تجليات أو قل إن شئت ذكريات, جمعت بين المتخيل والواقع أضفى عليها الكاتب أسلوبا أدبيا حكائيا، لا يختلف فيه اثنان على أنه متين البناء مصقولا بخصائص السرد الروائي يتجلى فيه تعدد الأصوات وتداخل اللغة.
واعتبارا لذلك يعرف كثير من الباحثين الرواية:
(أنها سلسلة من الأحداث تُسرد بسرد نثري طويل يصف شخصيات خيالية أو واقعية وأحداثاً على شكل قصة متسلسلة، كما أنها أكبر الأجناس القصصية من حيث الحجم وتعدد الشخصيات وتنوع الأحداث، وقد ظهرت في أوروبا بوصفها جنساً أدبياً مؤثراً في القرن الثامن عشر، والرواية حكاية تعتمد السرد بما فيه من وصف وحوار وصراع بين الشخصيات وما ينطوي عليه ذلك من تأزم وجدل وتغذية الأحداث.)
وقد ذهب الدكتور جميل حمداوي في مقال له تحت عنوان المدخل لنظرية الرواية المنشور بموقع وطن الرأي إلى القول:
إن الرواية جنس أدبي منفتح وغير مكتمل، تتخلله عدة أجناس أدبية كبرى وصغرى. وتتسم كذلك بالطابع الدينامي والتشعب والتوسيع الخيالي والتعدد اللغوي والصوتي والأسلوبي، بالإضافة إلى كونها مرآة لتشخيص الذات و الواقع و طرائق كتابتها وصياغتها. كما أن الرواية صراع جدلي بين الذات والموضوع، وتعبير عن اغتراب الإنسان في مجتمع منحط يفتقد القيم الأصيلة والمبادئ الكيفية. فهي في الأخير تصوير لنثرية المجتمع المعاصر الذي تنخره الماديات وتنهشه الغرائز الكمية.”انتهى”
تعتبر هذه الرواية نوستولجيا للأمكنة والأزمنة، واعترافات وتندرج في كثير من الأنماط كالرواية السيكولوجية والرواية الواقعية والرواية الجماهيرية والسياسية والاجتماعية وما إليه…
تتميز بوصف دقيق والكاتب يذكر عناوين الدروب والأزقة والشوارع وأسماء الحانات والمٱثر والٱلات الموسيقية والحدائق والكنائس والمساجد بالإضافة إلى تاريخ الحقب الزمنية وأسماء من مروا بها من قادة جيش وشخصيات كان لها وزنها وأثرت في المشهد الاجتماعي، ومن غير تحفظ يذكر الغانيات والراقصات، وأسماء أصدقاء وحواراتهم وهم يقارعون كؤوس الخمر
وقد تكون أسماء مستعارة أو غير واضحة الدلالة.
وقد مكنه اضطلاعه الواسع للأدب العربي، وتأثره أيضا بفلاسفة الغرب، والنهل من معين الاشتراكية، أن يكتب بطريقة الكبار
يقول في القصاصة الثالثة من روايته:
لم يكن جمهور الحانة متفرجا سلبيا، يكتفي بمتابعة ما يجري أمامه على الخشبة الصغيرة.. بل كان مشاركا فطنا، يتتبع الحركات والنقران، ليتدخل في اللحظات المناسبة رافعا كؤوسا معبأة بخمر حمراء ، متبوعة بصرخات الOlé الملازمة لرقصات الفلامنكو هاته.. وجوه حمراء وشعر أشيب أو غزاه من الأبيض الكبير.. يبدو أن أغلب مرتادي الحانة من وسط متواضع، تتجاوز أعمارهم الأربعين، ومن المتقاعدين أيضا ..
لا تكاد تخلو طاولة / برميل، من نساء بشعور مطلوقة أغلبها شعثاء، ويضعن أحمر شفاه قاني مثير الإنتباه ، يرتدين ملابس تقليدية تناسب الفولكلور الأندلسي.”انتهى”
إن الكتابة السردية عند الأستاذ مصطفى تارجوانت متعة تمتزج بلذة عند القارئ مما يجعل هذا الأخير منساقا إلى ٱخر حرف فيها، وكأنه هو من رسم أحداثها، أو عاشها لاغيا دور الكاتب الأصلي وهذا النوع من الكتابة قليل من يجيده وهي حبكة ما يسمى “بالتوهم”
يقول الأستاذ المصطفى رياني في مقال له على لسان رولاند بارت:
في هذا السياق، يَعْتبر رولان بارت أن اللغة هي التي تتكلم في النص الأدبي وليس المؤلف، فتصبح الكتابة تعبيرا عن هذه اللغة. كما يأخد القارئ مكان المؤلف لقراءة النص قراءة إبداعية في غياب كاتبه، وخصوصا مع تطور وتغير السياق الزمني والمكاني والسوسيوثقافي. ويضيف: “إننا لنعرف الآن أن النص ليس سطرا من الكلمات، ينتج عنه معنى أحادي. ولكنه فضاء لأبعاد متعددة، تتزاوج فيها كتابات مختلفة وتتنازع، دون أن يكون أي منها أصليا: فالنص نسيج لأقوال ناتجة عن ألف بؤرة من بؤر الثقافة. “انتهى”
وكأني بالكاتب يريد الهروب من شرنقة الماضي، فيطرحه على الورق في شكل عمل أدبي، فيتخلص من زمن ولى وما عاد سبيل إلى الرجوع إليه، أو ربما تفطن إلى نضجه المعرفي ومركزه الاجتماعي تكفيرا عن مرحلة النزوات،
فكانت الرواية مليلية مدينة كل الغوايات القديمة فن يندرج ضمن سيكولوجية الكتابة
تقول الدكتورة نجمة إدريس في دراسة لها تحت عنوان سيكولوجيا الكتابة: والمنشورة بموقع الجريدة والمؤرخ ب 19-12-2017
..«الأسلوب هو الرجل»، مقولة شهيرة ومتداولة لجورج بوفون. ويبدو أنه قالها وهو يعني الإنسان بعمومه، بعد أن غدت الكتابة قاسماً مشتركاً بين الرجال والنساء، يسكبون فيها عصارة أفكارهم وأهوائهم وأمزجتهم.”انتهى”
إن جرأة الكتابة لا تتوفر عند جميع الكتاب، والتخوف من التعري يدفع إلى الفشل والإكتئاب، وتبني الشجاعة والإقدام على تفريغ المكبوث من الذات، في شكل كتابة أو رسم أو بوح، تعني الانفلات من ضغط نفسي، وتقود الكاتب إلى سفر ممتع مع ذاته، تتجسد فيه معاني السمو، مما يعطي إبداعا صادقا وانطباعا جيدا لذا المتلقي.
إن انخراط الروائي مصطفى تارجوانت في حزب يساري وتشبعه بالنهج الاشتراكي الذي انتشر في حقبة معينة وروج له فلاسفة وكتاب وغذته الطبقية وصراع بين بورجوازية “رأسمالية” فاشية متوحشة؛ مكن طبقة الكادحين “البروليتاريا” من مناهضتها فأنشئت أحزابا ونقابات وامتد الفكر الشيوعي الذي تبنته، فاحتدم الصراع بين الشعوب المقهورة والأنظمة الحاكمة،
والأستاذ مصطفى تارجوانت ابن بيئته وما كان له في مرحلة الشباب إلا أن ينهج سبيل الدفاع والتأثر بتلك الاديولجيات، فتشبع مبادءها من منظريها حتى أن أسماءهم رسخت بذهنه، ولسانه يردد ما استقر عليه حاله وحالهم
وكانت مليلية مدينة الغوايات القديمة بحانتها ومراقصها وسمرها تخفف عنه ما يجده من صخب وهتاف المطالبين بالتغيير داخل مدينة الناظور وبالوطن عموما.
وفي متن هذه الرواية نقرأ له
يقول في القصاصة التاسعة من روايته والتي ٱثرت أن اطرحها كاملة غير منقوصة
كنا شعب اليسار…(شيوعيون..اشتراكيون..لينيون..قوميون..) وأشكال أخرى وقبائل وفروع، من يسار !!! نعتقد أن المدينة تعترف بزعاماتنا، وتسلم لنا بها..
كنا نرى في الماركسية خلاصا للبشرية من شرور الرأسمالية البغيضة وجشعها، و تحرر شعوب الشرق من الاستعمار الغربي والطبقات الاجتماعية المرتبطة به والمتعاونة معه..
كنا نعتقد أن الفلسفة المادية عظيمة، استحقت أن نُعْجَبَ بها ونعتنقها..وأنها لا تدعو إلى الإلحاد حسب تأويلات بعض مناضلينا، لكن مؤسسيها، ماركس وأنجلز أضَلّا طريقَهما إلى الله، وأضلا نظريتيهما ومن تبعها بعدهما.
واعْتَقَدَ بعضُنا أن الفلسفة المادية قاصرة، تفتقر إلى زعيم حقيقي مؤمن يوصلها إلى الله، وأنها بحاجة أيضا إلى من يعيدها إلى البشر.
كل الرفاق والإخوة ،أحبوا الشيوعيين وكل منظري اليسار..كانت تنعشنا سيرة الرفاق والإخوة والشهداء..لأن الاعتقاد ساد أن الحديث عن كل رفيق أو أخ أو شهيد،(كاسترو، جيفارا، لينين، عمر بنجلون، المهدي عامل، المهدي بن بركة، بروز تيتو، هوشي منه، ماوتسيتونغ….) تجعلنا نشتم رائحة عرق الفلاحين في الحقول..ورائحة العمال في كل ملصق أو بيان أو حتى خبر بجريدة يسارية(المحرر، الاتحاد، أنوال البيان)انتهى
حاولت ما استطعت أن أقارب هذا السرد الروائي مليلية مدينة كل الغوايات القديمة وأقرب الكاتب من القارئ ٱملا أن يتولى غيري الإحاطة بكثير من التفصيل.
وأن ترى هذه الرواية النور على شكل مؤلف حتما سيعزز الخزانة الوطنية ويثري المشهد الأدبي والثقافي.
…