في خضم التوترات والصراعات، تبرز بعض اللحظات التاريخية التي تحمل في طياتها أهمية كبيرة وتأثيرًا عميقًا على مستقبل الأمم والشعوب. وفي هذا السياق، تندرج الأحداث الأخيرة في قطاع غزة ضمن هذه اللحظات المصيرية، حيث أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن مقترحًا للتسوية في الصراع، بمباركة من مصر وقطر.
تلقى هذا المقترح ترحيبًا من قبل العديد من الأطراف الدولية، حيث رأوا فيه فرصة للتوصل إلى حل دبلوماسي يعيد الاستقرار إلى المنطقة المضطربة. ومع ذلك، واجه هذا المقترح معارضة شديدة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تعهد بالقضاء على حماس.
في حوار خاص أكد الباحث في السياسة الدولية نادر فتوح أن نتياهو يلعب في الوقت الضائع، وأن المقاومة أثبتت قدرتها على التحدي والصمود في وجه الآلة الصهيونية الشرسة وحلفائها،
وبدأنا الحوار بالسؤال عن “الحالة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة في ضوء الأحداث الأخيرة؟”
كما هو الحال مع أي نزاع طويل الأمد، تظل الأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة معقدة ومتغيرة باستمرار، والجولة الحالية هي أشد الجولات، وأشرسها على الصعيدين. تعاني الأراضي الفلسطينية من مواجهات عديدة في المعركة مع المقاومة الفلسطينية، وقد فشلت سياسات الحكومة الإسرائيلية في التعامل مع مأساة الأسرى، في حين أثبتت المقاومة جسارتها وقدرتها على التصدي للمحاولات الصهيونية بفاعلية، مما جعلها تقف صامدة في وجه الحكومة الإسرائيلية وأعوانها في الداخل والخارج.
ما هو رأيك في مقترح جو بايدن لحل الأزمة الحالية؟
المراحل الثلاث التي خطها في مقترحه، والتي تنتهي بوقف كامل لإطلاق النار، تعتبر مرحلة جيدة في مجملها، لكنها متأخرة بعض الشيء. والتحدي الحقيقي يكمن في ضمان تنفيذ هذا المقترح، حيث لم يعهد الصهاينة بتنفيذ وعودهم، مما يتوجب على الدول الثلاث المتفقة على المقترح (مصر وقطر والولايات المتحدة) أن تأخذ جميع الضمانات لتنفيذ تلك المقترحات دون المساس بحق الشعب الفلسطيني.
كيف ترى رفض نتنياهو لمقترح بايدن؟
متوقع أن يرفضه بناءً على مصالحه السياسية، ولكن قد يضطر للموافقة بالضغط الدولي وضغط الشعب الإسرائيلي وأهالي الأسرى.
ما هو دور الدول العربية في حل القضية الفلسطينية؟
تلعب مصر وقطر دورًا هامًا في تلك القضية على مستوى المفاوضات، ولكن كان من المتوقع أن تلعب الدول العربية دورًا تصاعديًا في تلك الأحداث، لكن للأسف لم تظهر دولة عربية واحدة بقطع العلاقات.
هل يوجد دور للجامعة العربية في هذه الأزمة الحالية؟
للأسف، كما هي العادة، فإن دور الجامعة العربية يتمثل في الشجب والاستنكار والإدانة، وكان يجب عليها الاستفادة من الضغط الشعبي لاتخاذ موقف موحد ضد ما يحدث، لكن للأسف موقفها لا يزال ضعيفًا مقارنة بمواقف أممية أقوى من ذلك بكثير.
ما هو مصير القضية الفلسطينية حتي الآن؟
القضية الفلسطينية تتقدم بخطوات واسعة، حيث إن معركة طوفان الأقصى “السابع من أكتوبر وما بعدها” كانت صفحة جديدة ومهمة في تاريخ المقاومة، بل في التاريخ بشكل عام، حيث أثبتت المقاومة جسارتها وقدرتها على إدارة المشهد، وكتبت ميلادا جديدا للقضية برمتها. كذلك لفتت الأحداث أنظار العالم بأسره إلى القضية الفلسطينية، فما كان التعاطف الشعبي الدولي، والحراك الطلابي العالمي ليحدث لولا صمود المقاومة، وغباء نتنياهو الذي وضع نفسه بين فكي الرحى، “الضغط الدولي من جهة، والضغط الشعبي الإسرائيلي من جهة أخرى”، فهو يلعب في الوقت الضائع.
ما هو رايك في مقترح بايدن في حل الأزمة الحالية؟
المراحل الثلاث التي خطها بايدن في مقترحه، والتي تنتهي بوقف كامل لإطلاق النار، هي مرحلة جيدة في مجملها ولكنها متأخرة بعض الشيء.
فالمرحلة الأولى وتستمر لمدة 6 أشهر كهدنة “مؤقتة” ووقف إطلاق للنار خلال تلك الفترة، مع انسحاب الاحتلال من المراكز السكانية، وإدخال المساعدات بما يعادل 600 شاحنة يوميا.
والمرحلة الثانية تستمر فيها المباحثات، ويجري فيها تبادل المحتجزين بمن فيهم كبار السن والنساء بمئات من الأسرى الفلسطينيين.
أما المرحلة الثالثة فتتضمن خطة إعادة إعمار كبرى لغزة، وإعادة ما تبقى من رفات المحتجزين الذين قتلوا إلى عائلاتهم.
وحقيقة الأمر… ليست الأزمة في المقترح بقدر ما في ضمان تنفيذها، حيث لم يعهد على الصهاينة تنفيذ وعودهم، أو الالتزام الكامل بها، وهذا يتوجب على الدول الثلاث المتفقة على المقترح “مصر وقطر والولايات المتحدة” أخذ جميع الضمانات لتنفيذ تلك المقترحات دون المساس أو الإخلال بحق الشعب الفلسطيني.
ما هو رايك في رفض نتنياهو لمقترح بايدن؟
متوقع أن يرفض، وكما قلت أن نتنياهو يلعب في الوقت الضائع، ونستطيع أن نصفه بأنه يرقص رقصة المذبوح، فهو يحاول مد الوقت قدر المستطاع لأنه يعرف أن هذه الحرب هي ورقته الأخيرة، ومن دونها سيحاكمه الشعب ويحاكمه التاريخ، ونستطيع أن نقول أن نتنياهو هو المستفيد الوحيد من إطالة أمد هذه الحرب، لكن أرى أنه سيوافق رغمًا عنه بالضغط الدولي وكذلك ضغط الشعب الإسرائيلي وأهالي الأسرى.
كيف تري دور الدول العربية في حل القضية الفلسطينية؟
تلعب مصر وقطر دورًا هامًا في تلك القضية على مستوى المفاوضات، لكن كانت تتوقع الشعوب أن تلعب الدول العربية مجتمعة دورًا تصاعديًا في تلك الأحداث التي مرت عليها 8 أشهر، ولم تلوح دولة عربية واحدة بقطع العلاقات. ونثمن موقف مصر بإعلان اعتزامها الانضمام إلى جنوب إفريقيا في دعوتها ضد الصهاينة أمام محكمة العدل الدولية.
هل يوجد دور للجامعة العربية في هذه الازمة الحالية؟
للأسف، كما هي العادة، فإن دور الجامعة العربية يتمثل في الشجب والاستنكار والإدانة، وكان يجب عليها الاستفادة من الضغط الشعبي لاتخاذ موقف موحد ضد ما يحدث، لكن للأسف موقفها لا يزال ضعيفًا مقارنة بمواقف أممية أقوى من ذلك بكثير.