رحـــلــــــــوا…
شعر: سميرة فرجي
كـأن الــمـــــــوت فــي فـَـلَـكـِـي يــــــــــــدورُ
ولا يـثـنـــيــــه عَــطـْــــفٌ أو فـــتـــــــــــــورُ
يـُـــوَدِّعـُــنِــي حــبــيـــــــــب كـــــل عــــــامٍ
فـيـسـقـط مـن قـلاع القـلـب ســـــــــــــــــورُ
يــعـــــزُّ عــلـي مــن رحــلــوا كَــسـِــــــرْبٍ
فـأبـكـيـهــــم وتـبـكـيـنـي الصــخــــــــــــــورُ
وَلـَــوْ كـــان الـبــكـــاء يـعــيـــد مـَـيْــتــــــــًا
لـضـــاقـتْ عــن مـَـدَامِــعـِـيَ البحــــــــــورُ!
أنـــــام علـــى جِــرَاحـِــــــيَ واللـيـــالـــــي
تـطــول وقــد خـبــا في الــــدار نـــــــــــورُ
وَتَـهـْمـُـــــدُ نــــارُ فـُـرْقَــتـِهِــــمْ عــنــــــــاءً
وحــيــن تـــمـــر ذكــــراهــــم تـــفـــــــــورُ
وجــــوه كــيـــف أنـســــاهـــا وعــيـنـــــــي
تــراهـــا كلــمــــا وجـــهــــــي يـــــــــدورُ!
ومــا أقــســى عــــذاب الفــقـــد لـمـــــــــا
شـبـيـه المـيـت يـخـلـقـه الشـعـــــــــــــورُ!
إلهـــي لا اعــتــقــــادي فـيــــه رَيـْــــــــبٌ
ولا قـلـبـــي بـمــــا تــقـضــي كـفــــــــــورُ
ولـكــــــــن الـفـــــواجـــــــع حـــــارقــــات
وكـــف الــمــــوت أحـيـــانـــا تـجـــــــــورُ
ولـو حـملـت صـــدور الخـلـــق قـلبــــــــي
لَــفَـــــرَّتْ مــن مــواجـعـهــــا الصــــــدورُ
أمـــرُّ عـلـــى الأمـاكـــن حــيــث مـــــــروا
فــتـنـطـــق بالأســـــــــى والشَّـجْــــــوِ دُورُ
هـنا رقـدوا…هـنا جـلـســوا…وهــــــــــــذي
بــقـــايــاهـــم كـمـا عـَــصْــفٌ تَـمُـــــــــورُ
هـــنــــــا أطــلالـهــــم فـــي كــــل ركـــن
وجــيــش الـذكـريــات بـهـــــا يَـثُــــــــــورُ
هـنـــا صـحــفٌ…هـنــا مـشـــطٌ…وَبَعْــضٌ
مِـــنَ القمصــان تسبقهـــــــا العـطــــــــورُ
هــنـا صـــــور بـهـــا نــظـــرات مـــــوت
كـوخـز السـيـف فـي عيـنـي تـغـــــــــــورُ
فــأنَّـى للـــــزمــــان يَـــجُــــدْ بِــصَــفْـــــوٍ
أَبَــعْـــدَ رحـيـلـهـم يـرجـــــى ســـــرورُ؟!
أزور قـــبـــورهـــــم فــــــأرى شـــتـاتـي
وقـــد أودى بــه الـزيـــف الـغـــــــــــرورُ
كـأنِّي الـمَـيْـــتُ جــاء يــزور مَـيْـتـــــــــــًا
وَيُـجْـهَـــــلُ مَــنْ يُــزَارُ وَمَـنْ يَــــــــــزُورُ
ولــم أُطِــــقِ البُعَـــــادَ وَهُــــمْ أمــامــــــي
فـــكـيــف أطـيـقـــه وَهُــــمُ قـــبـــــــــورُ!
وكـيــف أَفِــرُّ مـــن دوحات حــزنـــــي
وأوجــــاع الفـــــــراق لهــــا جــــــــذورُ!
وكـيــف تُصَبِّرُ العبرات قــلــبــــــي
وصـبـــري بَـعـْــدَهُـــمْ غَـــــــدْرٌ وزورُ!!
ســــأرقُـــدُ بـيـنـهـــم وبــذا عــــــزائــــي
وتـجـمـعـنـــا القـيــامـــــة والنُّــشُــــــــورُ
أنَـــا فــي دفــتــــر الأحياء رقم
وتــعـــرفُــنــي المــقـــابــرُ والحُــشُــــورُ
فـيــا حـفَّـــار قـــبـــري جُـــدْ بـنـصـــــبٍ
عــلــى قــبـــري تُـخَـلِّـــــدُهُ سُــطــُـــــورُ
أيَـــــا زائـــــــر الأجــــــــداث مـهــــــــلاً
هــي الـدنـيــا وإن طــالــتْ عُــبُـــــــــــورُ
فَـلا تـمــلَأْ كـــؤوســكَ مــن ســــــــــرابٍ
وعـيـــش كــل مــا فـيــــــه قُــشُــــــــــورُ..