كلما حلت الأعياد والمناسبات الدينية إلا وساد الطمع و الجشع غالبية الناس ، لا يمر العيد دون أن تُستنزف القوى المادية و المعنوية لعموم الشعب كل في مجاله. فكيف تساوى الضحية و الجلاد في جلد الذات والآخر؟
الإشكالية التي تدفعنا إلى التساؤل عن كيفية تصويت الشعوب في لحظات مفصلية من تاريخها ضد مصالحها و لفائدة أعداءها، ويكون اختيارها لممثلين لا رحمة ولا ضمير لديهم.
يتساءل علماء الاجتماع عن ما السر في ذلك، مع وجود محاولة حثيثة لتفسير الظاهرة عند اليساريين وخصوصا عند أنطونيو كرامشي،حيث يرى أن السلطة تفهم أنه يستحيل الانتصار سياسيا دون الانتصار الثقافي.
وهنا يتأكد مما لا يدع مجالا للشك دور الهيمنة الثقافية في التحضير للانتصار السياسي.
من أجل كل هذا أطرح سؤالا من وجهة نظر سوسيولوجية، هل تم تدمير أطروحة الوعي الجماعي المجتمعي الهادف إلى تعميم قيم الحق وإرساء العدل في مجتمع تسوده العدالة الإجتماعية.
فهل تمت إعادة تشكيل العقول الجماعية وفق صياغة سياسية مضبوطة تخدم مصالح النخب السياسية بدلا من خدمة المجتمع باعتباره نظاما سياسيا قائما بذاته ،حيث يتم إعادة توجيه العقول بشكل يضمن انصهارها في واقع متعفن وفاسد ويصير حينها الضحية و الجلاد كلاهما يبحثان عن الربح ولاشئ غيره، واستغلال الحاجة و المناسبات .
في مرحلة ما من تكوين المجتمعات ومن أجل ترتيبها وفق رؤى ممنهجة يتم تحويل الافكار و العقول نحو مجتمع شعاره المصلحة الفردية في إطار فكر جماعي فاسد، يقتنص فرص الاستغلال وطريق الانتهازية.
كلنا فاسدون، بشتى الطرق وفي الكثير من المجالات، حتى المثقف العاجز بالصمت الرهيب، والسياسي البشع، والمواطن اللاهت وراء الزيادات غير المشروعة على الآخر، والذي يشتكي بدوره من ظلم الساسة والرأسماليين.
فكيف وصلنا لهذا الحال؟ أيعقل أن نتخلى عن كل شيء من أجل المال؟ هل مات ما تبقى من إنسانيتنا؟
لحظات مفصلية من وجودنا، قد تفرز أجيال وعقليات وأفكار تشرعن الطمع والاستغلال.