الملك محمد السادس يوجه المجلس العلمي الأعلى لدراسة مقترحات مراجعة مدونة الأسرة وفق أحكام الشريعة الإسلامية
في خطوة تعكس حرصه على التوازن بين الأصالة والمعاصرة، وجه الملك محمد السادس، أمير المؤمنين ورئيس المجلس العلمي الأعلى، اليوم الجمعة، المجلس لدراسة بعض المسائل الواردة في مقترحات هيئة مراجعة مدونة الأسرة. تأتي هذه التوجيهات استناداً إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي ومقاصده السمحة، بهدف رفع فتوى بشأنها إلى نظر جلالته. هذه المبادرة الملكية تسعى إلى تحقيق إصلاحات متوازنة ومدروسة تستند إلى الشرعية الدينية والدستورية، مع مراعاة الاعتدال والاجتهاد البناء.
وبالاطلاع على بلاغ الديوان الملكي نجده يتضمن عدة نقط جوهرية:
التأكيد على الشرعية الدينية:
تعكس هذه المبادرة حرص جلالة الملك محمد السادس على ضمان توافق التعديلات المقترحة في مدونة الأسرة مع المبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية. هذه الخطوة تعزز الشرعية الدينية للإصلاحات وتجعلها أكثر قبولاً بين الفئات المختلفة في المجتمع، مما يعكس تفاني الملك في الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية للمملكة.
احترام الدستور:
بإحالة الأمر إلى المجلس العلمي الأعلى، يتبع الملك نصوص الدستور، خاصة الفصل 41 الذي يحدد المجلس كجهة وحيدة مخولة لإصدار الفتاوى الرسمية. هذا يعزز احترام الملك للمؤسسات الدستورية ويؤكد التزامه بالعمل ضمن الإطار القانوني، مما يرسخ ثقافة احترام الدستور والمؤسسات في البلاد.
الاعتدال والاجتهاد البناء:
توجيه المجلس العلمي الأعلى لاستحضار مضامين الرسالة الملكية الداعية إلى الاعتدال والاجتهاد البناء يعكس توجه جلالة الملك نحو إصلاحات مدروسة ومتوازنة. هذا يشير إلى رغبة الملك في تحديث المدونة بطريقة تحترم التقاليد الدينية وفي نفس الوقت تلبي احتياجات العصر الحديث، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي والانسجام بين مختلف شرائح المجتمع.
التشاور والشمولية:
إحالة مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة إلى المجلس العلمي الأعلى تُظهر رغبة الملك في التشاور وتضمين آراء مختلفة قبل اتخاذ القرارات النهائية. هذا النهج الشامل يعزز الشعور بالمشاركة والتوافق الوطني، ويضمن أن التعديلات المقترحة تحظى بدعم واسع من مختلف الأطراف المعنية.
تجنب الجدل الديني:
من خلال الاعتماد على المجلس العلمي الأعلى لإصدار الفتاوى، يتجنب الملك الدخول في جدالات دينية قد تثيرها التعديلات المقترحة. المجلس العلمي الأعلى يتمتع بمصداقية دينية، ما يجعل الفتاوى الصادرة عنه أكثر قبولاً في الأوساط الدينية والشعبية، ويضمن أن الإصلاحات تتم بطريقة تراعي الحساسية الدينية للمجتمع.
ترسيخ التوازن بين الأصالة والمعاصرة:
تعكس هذه المبادرة حرص الملك على تحقيق توازن بين الحفاظ على الأصالة الدينية وتحديث القوانين بما يتماشى مع التطورات الاجتماعية والاقتصادية. الملك محمد السادس يسعى جاهداً للحفاظ على هذا التوازن الهام، مما يعزز مكانة المغرب كدولة تحترم تراثها الديني والثقافي بينما تتبنى الحداثة والتقدم.
في المجمل، تعكس هذه المبادرة نهجًا حذرًا ومدروسًا للإصلاح، يهدف إلى تحقيق التقدم مع الحفاظ على القيم الدينية والثقافية الأساسية للمجتمع المغربي. إن توجه الملك محمد السادس يعزز الثقة في عملية الإصلاح ويضمن أن تكون التعديلات المقترحة في مدونة الأسرة متوافقة مع تطلعات الشعب المغربي ومبادئ الشريعة الإسلامية.