الحدث الافريقي- مراكش
ناقش باحثون وخبراء إشكالية “الشباب والهجرة”بمراكش نهاية الأسبوع الماضي، في ندوة نظمتها منظمة العمل المغاربي بشراكة مع مؤسسة هانس زايدل الألمانية في النسخة السادسة من الجامعة الصيفية، شارك فيها باحثون و خبراء من المغرب وتونس وليبيا وموريتانيا.
و شكر المدير الإقليمي لمؤسسة هانس زايدل بالمغرب وموريتانيا منظمة العمل المغاربي على استمرارية تنظيم الجامعات الصيفية، مشيرا إلى أن الدول المتقدمة تهتم بالشباب كمدخل مهم للتنمية ومن شأن ذلك حمايتهم من خوض غمار الهجرة الذي بات يؤرق بال الباحثين والسياسيين وصناه القرار.
و قال إدريس لكريني رئيس منظمة العمل المغاربي،” في كلمة افتتاحية لاشغال هذه الجامعة الصيفية، أن المنظمة تعكف بشكل سنوي على تنظيم جامعات صيفية تطرح فيها قضايا شائكة مرتبطة بالمنطقة المغاربية،” و أشار إلى أن الوضعية الراهنة بالمنطقة العربية والتي تتسم بتعدد الانتهاكات وتنامي مخاطر التهجير القسري في عدد من مناطق العالم، وبخاصة في قطاع غزة.
و في نفس السياق، أكد رئيس منظمة العمل المغاربي على تنامي ظاهرة الهجرة، بسبب الفوارق المجالية بين دول الشمال ودول الجنوب. مبرزا أن المغرب وبحكم موقعه كبلد معني بالهجرة راكم تجربة إقليمية مهمة في التعاطي مع هذه الظاهرة، مشددا على أهمية التكتل المغاربي لمواجهة مختلف التحديات العابرة للحدود.
وهمت الجلسة العلمية الأولى والتي ترأسها زهير لعميم (أستاذ باحث وعضو مكتب المنظمة) السياق المفاهيمي والقانوني للهجرة. وتقدم
وأبرز محمد البزاز، وهو يتحدث عن”تطور الإطار القانوني والمفاهيمي الخاص بالهجرة”، خصائص الهجرة كظاهرة إنسانية واجتماعية متعددة الأبعاد تفرض تعاونا دوليا بين دول المنشأ ودول الإقامة، وعرج البزاز على تطور قواعد القانون الدولي الخاص بوضعية المهاجرين، مستعرضا المصطلحات والمفاهيم المستعملة في الأدبيات القانونية بين الفاعلين والباحثين في ميدان الهجرة كمفهوم المهاجر ومفهوم اللاجئ ومفهوم النازح.
وقال نجيب اعوينات، “أن الحرب سبب رئيسي للهجرة واللجوء” مبرزا، قواعد القانون الدولي الإنساني الرامية لحماية اللاجئين.
وأوضح الحسين شكراني ، أن هناك صعوبة في الربط بين التغيرات المناخية من جهة والهجرة من جهة أخرى، وأن التغيرات المناخية هي عامل مضاعف للتهديد وتؤدي إلى الهجرة، كما تساهم في الرفع من الصراع على الموارد المائية والطبيعية نتيجة توظيف النعرات العرقية.
و أشار عبد الواحد الأثير إلى تزايد مستويات الهجرة الدولية بالتوازي مع تنامي خطاب الكراهية والعنصرية، مبرزا مكانة المغرب الدولية الريادية في مجال الهجرة على الرغم من وجود تحديات أمنية وسوسيو إقتصادية.
وأشارت نعيمة المدني أنه بحسب الدراسات السوسيولوجية، لا يمكن تعميم النتائج العلمية لأي دراسة دولية على واقع المجتمعات الأخرى. وذلك لاختلاف البناء الاجتماعي للهجرة بالنظر إلى منظومة القيم، واستعرضت مجموعة من المقاربات حول الهجرة، كالمقاربة المجالية والتفاعلية والرمزية والنسقية والفردية.
وفي مداخلة لزكريا أكضيض حول “النخب الشبابية المهاجرة في الحقل الرقمي.. قضايا الشأن العام المغربي من منظور الشباب المغربي المهاجر” شدد على أن طبيعة تفاعل النخب الشبابية المهاجرة مع قضايا الشأن العام المغربي تتحدد من خلال تجربتهم التعليمية والاجتماعية والسياسية في بلدهم المغرب، قبل هجرتهم.
وأشار محمد الحاجي الدريسي إلى أن دول الإستقبال للمهاجرين المغاربة التقليدية شهدت تحولا في السنوات الأخيرة مما ساهم في تغيير خارطة الاستقبال بالنسبة للمسافرين المغاربة موضحا، أنه بحسب دراسة ميدانية تؤكد أن توجهات الشباب المغربي في مجال الهجرة تنحو لدول جديدة بدل الدول التقليدية.
(باحث في علوم البيئة -ليبيا) (طالبة دكتوراه -ليبيا) بعنوان “هجرة الشباب الليبي إلى الغرب.. أمل أم ألم؟”
و حاول الباحثان سعد أبو بكر محمد الزويد وندى أحمد سعد الصيد، تقديم وضعية الهجرة بليبيا والتي بحسبهم ارتفعت بشكل كبير منذ ثورة 2011 نتيجة تظافر عدة عوامل ، مبرزان الأسباب الكامنة وراء ذلك والتحديات التي تواجه الشباب الليبي.
و أبرز الباحثان العربي بلا، وسميرة ألحيان تحت عنوان “معضلة هجرة الكفاءات الطبية وأثارها على المنظومة الصحية بالمغرب” تنامي هجرة الكفاءات كمعضلة حقيقية تهدد العالم بأكمله، وهي بحسبهما متزايدة ومتفاقمة الحدة كلما انتقلنا من البلدان المتقدمة الى البلدان النامية، وحاول المتدخلان توصيف وتحليل حجم هجرة الكفاءات الطبية وأسبابها من جانب وآثارها وتداعياتها على المنظومة الصحية من جانب آخر.
وكشف محمد خشاني وهو يتحدث عن “الهجرة غير النظامية في الحوض المتوسطي على ضوء التطورات التي تعرفها السياسة الأوروبية للهجرة” في أربع محاور بداية بالعد الكمي لظاهرة الهجرة غير النظامية من ثم رصد بوابات الدخول لأوروبا ليليه ذلك مفارقات السياسات الأوروبية للهجرة، وفي الأخير عدم أخذ هذه السياسات بعين الاعتبار العديد من النقاط منها التكلفة الباهضة، خاصة من حيث عدد الضحايا.
وتطرق عبد الجبار عراش لظاهرة الهجرة غير النظامية والتي بحسبه هي بمثابة متغير مؤثر في البناء المفاهيمي والمجالي والأمني والسياسي والهجروي والقانوني والحقوقي، وبين الباحث، بأن هناك فشلا للأجوبة الداخلية لمعضلة البيئة.
وانصرفت مداخلة رشيدة حدادي ( المعنونة ب”الهجرة والتطرف” إلى كشف الترابط ذا الجدلية القائمة بين منظوري القوانين المحلية والدولية الرامية الى وضع إطار عام لكل من الهجرة والتطرف.
وأشار هشام أيت الطاهر إلى الارتفاع المهول الذي يشهده عدد المهاجرين الشباب خلال 20 سنة الماضية على الرغم من الصعوبات فيما يخص القبول والاندماج، وكذلك تباين السياسات الأوروبية والتي تعتمد على الانتقائية في استقطاب المهاجرين.
وحاول محمد سيد امينوه عبر مداخلته المعنونة ب “الشباب والهجرة غير الشرعية، حالة موريتانيا” مناقشة حالة الهجرة غير الشرعية بموريتانيا كظاهرة اجتماعية متعاظمة أثارت جدلا متناميا كما تشير إلى ذلك التقارير، وذلك بحسب المتدخل يؤدي إلى الاختلال وتناقص الشباب بالساحل الموريتاني.
و كشفت أشواق شلخة وهي تتحدث عن هجرة الأدمغة، أن ظاهرة هجرة الأدمغة هي ظاهرة ذكورية إلى حد كبير على الرغم من أن النساء يمثلن ما يقرب من واحد من كل إثنين من المهاجرين، وحاولت المتدخلة تسليط الضوء على هجرة الأدمغة النسائية من المغرب والتركيز على تجاربهن ومعالجة نقص منظور النوع الاجتماعي في الابحاث الحالية.
وترى الباحثة أن الهجرة لا تتأثر بالعوامل الاقتصادية فقط، بل أيضا بالديناميكيات الجندرية التي تؤثر على الفرص والتحديات التي تواجه النساء بشكل مختلف عن الرجل.
و أبرز رضا الفلاح “تحليل هجرة الكفاءات المغربية الإكراهات المرتبطة بهجرة الكفاءات على غرار حاجة دول المصدر لطاقاتها البشرية المؤهلة في مجالات حيوية تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية، مؤكدا على أن المغرب يواجه مشكلة هجرة الأدمغة بحدة تصاعدية تستوجب من صانع القرار وضعها كأولوية في سلم أولويات الأجندة السياسية باعتبارها مسألة استراتيجية.
أما البشير أولاه، فقد تقدم بمداخلة تحت عنوان “هجرة الكفاءات المغربية بين الاستنزاف والفرص” حاول من خلالها رصد تداعيات هجرة الكفاءات على الاقتصاد الوطني المغربي، وأكد المتدخل على ضرورة نهج سياسات جديدة تمكن المغرب من استقطاب كفاءاته والاستفادة من خبراتها أسوة بالعديد من التجارب الدولية.
و خلصت أشغال الجامعة الصيفية إلى استخراج جملة من التوصيات ركزت على ضرورة توفير فهم شامل للديناميكيات المؤثرة في الظاهرة واقتراح تدخلات سياسية مكتملة بصددها. و تقوية سبل الشفافية الاقتصادية والسياسية والقيمية. مع تعزيز ارتباط النخب المهاجرة الشابة بوطنها الأم واستثمار نشاطها الرقمي بما يخدم قضايا الشأن العام المغربي. و استحضار الخصوصية الاجتماعية والثقافية للمجتمعات عند القيام بدراسة سوسيولوجية حول الهجرة وبخاصة على المستوى المنهجي وعلى مستوى تقنيات البحث. وأيضا سن استراتيجية متكاملة لاسترجاع الكفاءات المغربية ودعم عودتها للوطن، وتعزيز التعاون بين القطاعات المعنية بنفس الهدف، للاستفادة من الكفاءات والاختراعات والابتكارات لصالح الصناعة والزراعة والتكنولوجيا والعلم. و محاربة خطاب التمييز والصور النمطية التي تواجه المهاجر والنهوض بمختلف أشكال الادماج السوسيو-اقتصادي. و تعزيز التعاون الدولي والمغاربي للحد من المخاطر التي تواجه المهاجرين وتيسير الهجرة الآمنة. مع إرساء سياسات استباقية تأخذ بعين الاعتبار إمكانية وجود ترابط بين تغيرات المناخ والهجرة.
•وايضا ضرورة مضاعفة الجهود لتطبيق القانون الدولي الإنساني ومواجهة مختلف التحديات التي تواجه المهاجرين واللاجئين، و وضع دليل أكاديمي لتحديد المصطلحات والمفاهيم المستعملة في ميدان الهجرة وضبط مضامينها بشكل موضوعي يخدم المصالح الوطنية للدول المعنية بالهجرة وصون حقوق المهاجرين بجميع أصنافهم.
ثم تبني النهج الوقائي لتنظيم تدفقات المهاجرين واللاجئين عبر الحدود، بإرساء أسس التنمية المستدامة وإعلاء النهج السلمي لحل النازعات بين الدول. و ملائمة التشريعات الوطنية مع القواعد الدولية الخاصة بالهجرة. و أنسنة السياسات الأوروبية للهجرة بمراعاة ظروف الشباب المهاجر ومراعاة استفادة بلدانهم منهم. مع توحيد الجهود على المستوى المحلي والإقليمي والدولي من أجل تحقيق المقاصد للسياسات المنتهجة في مجال الشباب والهجرة. و تخصيص الموارد والشروط اللازمة ضمن تصور استراتيجي للحد من نزيف هجرة العقول والكفاءات بالمغرب والمنطقة المغاربية بشكل عام.
وأيضا سن سياسات استراتيجية تحد من العوامل التي تدفع الكفاءات المغاربية إلى مغادرة أوطانها. و تضمين المنظور الجندري في السياسات والنهج المؤسسين لفهم واقع هجرة الكفاءات النسائية وبذل مجهود إضافي لجمع البيانات التي تتعلق بالمهارات العلمية. مع مأسسة سياسة الجوار الأوروبي من خلال ترسيخ الندية ومبادئ الإشراك والمشاركة مما يستوجب إحياء التكتل المغاربي قصد اجتناب تداعيات “جوار المخاطر”. و تثمين وتشجيع الجهود التي تقوم بها منظمة العمل المغاربي في سبيل رصد ومواكبة مختلف القضايا الهامة التي تهم المنطقة المغاربية والتحسيس بأهمية التعاون المغاربي رغم كل الصعوبات.