يأسف تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية إزاء استمرار ارتكاب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد الصحراويين القاطنين بمخيمات تندوف جنوب الجزائر، في سياق احتفال العالم بأسره باليوم العالمي للعدالة الجنائية الذي يصادف السابع عشر من يوليوز من كل سنة.
ورغم مضي 26 عاما على إعتماد نظام روما الأساسي المنشأ للمحكمة الجنائية الدولية، فإن العديد من دول القارة الإفريقية لا زالت تتنكر لأهمية هذا الصك الدولي المحدد لالتزامات راسخة في علاقة بمكافحة الإفلات من العقاب على أكثر الجرائم خطورة والتي تسترعي اهتمام المنتظم الدولي، وعدم احترام تلك الدول لمسألة إنفاذ العدالة الجنائية الدولية.
ويثير تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية، انتباه مختلف مكونات المجتمع الدولي إلى استمرار دولة الجزائر في ارتكاب جرائم حرب ضد الصحراويين المدنيين العزل، من قاطني مخيمات تندوف، وقنصهم بواسطة أقصاف جوية على الحدود الجزائرية الموريتانية أو حرقا في ابار غير مقننة للتنقيب عن الذهب في محيط المخيمات، دون أن يثير ذلك اهتمام المجتمع الدولي، ومؤسساته الحمائية والقضائية الدولية.
إن استمرار الصمت المطبق إزاء هذا الوضع الشاذ، الذي من شأنه أن يقوض جهود المجتمع الدولي لاستتباب الأمن والسلم في العالم، وفي منطقة شمال إفريقيا بشكل خاص، نظرا لتملص السلطات الجزائرية من التزاماتها الدولية المرتبطة بحماية اللاجئين وطالبي اللجوء على أراضيها، وانكارها لحق الصحراويين في الحصول على مركز قانوني للاجئين يخولهم التمتع بالحقوق والضمانات الواردة في الاتفاقية الدولية لوضع اللاجئين وبروتوكولها الملحق.
وأمام هذا الوضع، تزداد الانتهاكات الجسيمة قساوة واستفحالا في حق الصحراويين المتواجدين بالمخيمات، لإخضاعهم لكماشة أجهزة أمن الدولة الحاضنة للمخيمات من جهة، وعناصر أمن تنظيم البوليساريو العسكري من جهة ثانية، قصد إدامة الصراع السياسي مع المملكة المغربية.
فحرمان صحراويي المخيمات من ولوج سبل الانتصاف الوطنية للدولة الجزائرية، بدواعي تفويض ولايتها القانونية والقضائية لتنظيم البوليساريو، وعدم تمكن الأمم المتحدة من إجراء إحصاء شامل لقاطني المخيمات بفعل عدم سماح السلطات الجزائرية القيام بهذا الإجراء، يهيئ الظروف المناسبة لقتل وقمع الصحراويين، دون الخضوع للمساءلة.
وإيمانا بدور العدالة الجنائية في الحد من وقوع الانتهاكات الجسيمة الخطيرة لحقوق الإنسان كجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وكذا إنهاء الإفلات من العقاب وإرساء سيادة القانون، تطبيقا لمقتضيات القانون الدولي واسترشادا بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، فإن تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية يدعو إلى:
- الضغط من أجل انضمام دول القارة الإفريقية لنظام روما الأساسي المنشأ للمحكمة الجنائية الدولية، وفي مقدمتها جمهورية الجزائر.
- فتح تحقيقات دولية في جرائم الحرب المرتكبة من قبل الجيش الجزائري في حق الصحراويين القاطنين بمخيمات تندوف، لا سيما القصف الجوي الذي راح ضحية أكثر من 20 صحراوي أواخر شهر ماي الماضي على الحدود الموريتانية الجزائرية بمنطقة إكيدي، وترتيب المسؤوليات ومتابعة الجناة أمام محاكم دولية.
- مطالبة السلطات الجزائرية بالمصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، بعد توقيعها في العام 2007.
- العمل على تعزيز العدالة بمخيمات تندوف، بإلغاء تفويض الجزائر لولايتها القانونية والقضائية لتنظيم البوليساريو العسكري بصفة جهة مشرفة بحكم الواقع على المخيمات.
- دعوة دولة الجزائر الى التعاون الكامل مع إجراءات مجلس حقوق الإنسان الخاصة، بخصوص ما يحدث من جرائم حرب في محيط المخيمات، بسبب هجومات الجيش الجزائري على المدنيين الصحراويين.
- دعوة المجتمع المدني الدولي والوطني والمحلي الى تكثيف الجهود من أجل فرض العدالة داخل المخيمات، وتنظيم حملات مناصرة من أجل الضغط على السلطات الجزائرية للانضمام الى نظام روما الأساسي والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وفتح تحقيقات في الانتهاكات الجسيمة المرتكبة ضد صحراويي تندوف.
- حث السلطات الجزائرية على فتح أراضيها لآليات الأمم المتحدة الدولية لحماية حقوق الإنسان، بما يشمل مخيمات تندوف، لرصد والتحقيق في الانتهاكات الجسيمة المرتكبة والفظائع التي هزت ضمير الإنسانية.
- تشجيع أعضاء المجتمع الدولي على تقديم الدعم التقني والفني للجزائر لتعزيز ولايتها القضائية الجنائية الوطنية ملاءمة مع نظام روما الأساسي، والاستجابة للمتطلبات المتكاملة من العدالة والأمن لصحراويي المخيمات.
- يؤكد تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية الى جانب عديد المنظمات غير الحكومية الأخرى، تصميمهم على تقديم المساعدة في إطار الجهود المبذولة لوضع حد لإفلات مرتكبي الجرائم الخطيرة في الجزائر في نطاق المخيمات.
- عزم تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية على مواصلة وتعزيز الجهود لإنصاف الضحايا الصحراويين، بما في ذلك حقهم في المساهمة بشكل مباشر في الإجراءات القضائية والمطالبة بالتعويضات، وحماية الضحايا ومجتمع المخيمات الصحراوية المتضرر.
- يتطلع تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية الى انخراط السلطات الجزائرية في سياسة جديدة وفعالة وشفافة في مجالات تنفيذ التشريعات وإنفاذ قرارات المحاكم الوطنية والتحقيق وغيرها من الإجراءات الضامنة لحقوق الضحايا المتواجدين على التراب الوطني الجزائري، بما في ذلك الصحراويين القاطنين بالمخيمات.