نهضة الصناعة في عهد الملك محمد السادس
شهد المغرب في العقود الأخيرة تطورًا كبيرًا في القطاع الصناعي، بفضل الاستراتيجيات الاقتصادية الناجحة التي تهدف إلى تعزيز البنية التحتية وتحفيز الاستثمار الأجنبي.
و ترتكز هذه الاستراتيجيات على تنويع الاقتصاد المغربي وتحديث القطاع الصناعي، مع التركيز على الصناعات التحويلية والتكنولوجيا العالية.
وأسهمت هذه الجهود في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز القدرة التنافسية للمغرب على المستوى الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، تساهم المناطق الصناعية الجديدة والمناطق الحرة في جذب الشركات العالمية، مما يسرع من وتيرة النمو الصناعي في البلاد.
لذلك منذ توليه العرش في عام 1999، عمل الملك محمد السادس على تعزيز الاقتصاد المغربي من خلال سلسلة من الإصلاحات والاستراتيجيات التي تهدف إلى تطوير البنية التحتية وتحفيز الاستثمار في مختلف القطاعات.
وقد احتلت الصناعة مكانة بارزة في هذه الجهود، حيث شهد هذا القطاع تطورًا ملحوظًا تحت قيادته.
● تحديث البنية التحتية الصناعية:
من أبرز الإنجازات التي حققها الملك محمد السادس هو تحديث البنية التحتية الصناعية في المغرب؛ حيث تم تنفيذ ذلك من خلال إنشاء مناطق صناعية جديدة وتحديث المناطق القائمة، وعلى سبيل المثال، منطقة طنجة المتوسط تعتبر واحدة من أكبر الموانئ الصناعية والتجارية في إفريقيا، هذا المشروع الكبير ساهم في جذب العديد من الشركات العالمية للاستثمار في المغرب، مما عزز من مكانة البلاد كمركز صناعي وتجاري إقليمي، اذ يساهم هذا الميناء بنسبة 20% من حجم التجارة المغربية العالمية.
● تنويع القاعدة الصناعية:
عمل الملك محمد السادس على تنويع القاعدة الصناعية في المغرب لتشمل قطاعات جديدة ومبتكرة، وقد شملت هذه الجهود تطوير قطاعات مثل صناعة السيارات والطيران والتكنولوجيا المتقدمة، وأصبحت صناعة السيارات أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد المغربي، مع وجود مصانع لعدد من الشركات العالمية مثل رينو وبيجو.
و في عام 2023، تجاوزت صادرات السيارات 80 مليار درهم، مما جعل المغرب أكبر منتج للسيارات في إفريقيا.
● التحفيز على الاستثمار الأجنبي:
أدرك الملك محمد السادس أهمية جذب الاستثمار الأجنبي لتطوير الصناعة في المغرب؛ لذلك، تم تبني سياسات تحفيزية لجذب المستثمرين الأجانب، شملت تقديم حوافز ضريبية، وتسهيل إجراءات الاستثمار، وتوفير بيئة تنظيمية ملائمة، وبفضل هذه السياسات، نجح المغرب في جذب استثمارات كبيرة من شركات عالمية في مختلف القطاعات الصناعية، حيث بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة حوالي 32 مليار درهم في عام 2022.
● دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة:
تعتبر الشركات الصغيرة والمتوسطة عنصرًا أساسيًا في الاقتصاد المغربي لتحقيق نمو مستدام في القطاع الصناعي، لذلك عمل الملك محمد السادس على دعم هذه الشركات من خلال توفير التمويل والتدريب والمساعدة التقنية؛ و إنشاء مؤسسات متخصصة لدعم ريادة الأعمال وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مما ساهم في تعزيز الابتكار وتوفير فرص عمل جديدة.
وفي هذا الشأن استفادت حوالي 150,000 شركة صغيرة ومتوسطة من هذه المبادرات حتى الآن.
● التنمية المستدامة:
لم تقتصر جهود الملك محمد السادس على تحقيق النمو الاقتصادي فقط، بل شملت أيضًا التزامًا قويًا بالتنمية المستدامة، حيت تم تنفيذ عدد من المشاريع الصناعية التي تراعي المعايير البيئية وتعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية.
ومن أبرز هذه المبادرات برنامج الطاقات المتجددة الذي يهدف إلى تحويل المغرب إلى مركز للطاقة النظيفة، حيت تم إنشاء مشاريع ضخمة للطاقة الشمسية والرياح، مثل مشروع نور للطاقة الشمسية في ورزازات الذي يعد من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في العالم.
● تطوير التعليم والتدريب:
أدرك الملك محمد السادس أن تطوير الصناعة يتطلب قوة عاملة ماهرة ومتعلمة؛ لذلك، تم التركيز على تطوير نظام التعليم والتدريب لتلبية احتياجات السوق الصناعية وتم إنشاء معاهد متخصصة لتدريب الكوادر في مختلف المجالات الصناعية، مما ساعد في تزويد السوق بالمهارات اللازمة للنمو والتطور. في عام 2023، تم تدريب أكثر من 200,000 شاب وشابة في مجالات صناعية متنوعة.
● التعاون الدولي:
عمل الملك محمد السادس على تعزيز التعاون الدولي في مجال الصناعة من خلال توقيع اتفاقيات شراكة مع عدد من الدول والمؤسسات الدولية.
و هذه الشراكات ساهمت في نقل التكنولوجيا والمعرفة إلى المغرب، وتعزيز قدرات الصناعة المحلية.
ومن أبرز هذه الشراكات تلك التي تم توقيعها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصين، مما ساعد على تطوير البنية التحتية الصناعية وتحديثها.
وبفضل هذه الجهود، شهد القطاع الصناعي في المغرب تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، ارتفعت معه مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 24% في عام 2023، كما زادت الصادرات الصناعية بشكل ملحوظ، حيث بلغت قيمتها أكثر من 200 مليار درهم؛ مع خلق آلاف الوظائف الجديدة، مما ساهم في تحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
وبهذه الثورة الصناعية يكون الملك محمد السادس قد حقق إنجازات كبيرة في مجال الصناعة، من خلال تحديث البنية التحتية، وتنويع القاعدة الصناعية، وجذب الاستثمار الأجنبي، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتزامه بالتنمية المستدامة، وتطوير التعليم والتدريب، وتعزيز التعاون الدولي. كل هذه الإنجازات جعلت من المغرب مركزًا صناعيًا واعدًا على الصعيدين الإقليمي والدولي، وساهمت في تحقيق نمو اقتصادي مستدام.
ويتطلع المغرب إلى المستقبل بطموح كبير لمواصلة تطوير القطاع الصناعي تحت قيادة الملك محمد السادس.
كما تتضمن الخطط المستقبلية توسيع المشاريع الحالية وتطوير قطاعات جديدة مثل الصناعات الرقمية والابتكار التكنولوجي؛ ومن المتوقع أن تساهم هذه الجهود في تحقيق المزيد من النمو والتطور، وتحقيق رؤية الملك محمد السادس في جعل المغرب دولة صناعية حديثة ومتقدمة.