مستقبل المغرب المائي في خطاب عيد العرش
في خطابه بمناسبة عيد العرش المجيد، الذي يصادف الذكرى الخامسة والعشرين لتوليه الحكم، استعرض الملك محمد السادس تقييمًا شاملًا للإنجازات والتحديات التي واجهتها المملكة.
فقد أبرز الخطاب رؤية الملك لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة رغم التحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية.
وركز الملك على المكاسب التي حققتها المملكة خلال ربع قرن من حكمه، مشيرًا إلى الإصلاحات السياسية والمؤسسية التي شملت تعزيز الديمقراطية وتحديث النظام السياسي، هذا التوجه يعكس التزام الملك بتطوير النظام السياسي ليكون أكثر شفافية ومساءلة، مع تعزيز حقوق المواطنين وحرياتهم.
ثم أشار الملك إلى المشاريع الاقتصادية والتنموية التي أطلقها، والتي تهدف إلى تحقيق التماسك الاجتماعي وتمكين المواطنين من الوصول إلى الخدمات الأساسية، شمل ذلك تحسين البنية التحتية وتعزيز القطاعات الإنتاجية وتطوير برامج اجتماعية لتقليص الفوارق الاجتماعية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وهذا النهج يعكس رؤية الملك لتحقيق تنمية شاملة تشمل جميع فئات المجتمع، في المقابل؛ تناول الملك في خطابه التحديات الكبيرة التي تواجه المغرب، خاصة في مجال المياه، مشيرًا إلى تفاقم مشكلة الجفاف وتأثير التغيرات المناخية.
و يعكس هذا الاهتمام بقضية المياه إدراك الملك لمدى خطورة المشكلة على الأمن القومي والتنمية الاقتصادية، حيث تسببت سنوات من الجفاف في تقليص الموارد المائية وجعل الوضع أكثر هشاشة.
كما استعرض الملك الاستراتيجيات والتدابير التي اتخذتها الحكومة لمواجهة هذه التحديات، بما في ذلك توجيهاته للسلطات المختصة لاتخاذ إجراءات استعجالية ومبتكرة لتجنب نقص المياه.
و من بين هذه التدابير، أشار الملك إلى برنامج وطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي (2020-2027) الذي يهدف إلى التخفيف من حدة الوضع المائي، اذ يتضمن هذا البرنامج إنشاء 20 سداً كبيراً، إضافة إلى مشاريع نقل المياه بين الأحواض المائية المختلفة، مما سيمكن من تأمين أكثر من 4 مليارات متر مكعب من المياه سنويًا.
كما دعا الملك إلى تسريع تنفيذ المشاريع الكبرى لنقل المياه بين الأحواض المائية وبناء السدود، مع التركيز على المناطق ذات التساقطات المهمة، وهو ما يساهم في توزيع أكثر توازنًا للموارد المائية.
وشدد أيضًا على أهمية تسريع إنشاء محطات تحلية مياه البحر، حيث يتم استهداف تعبئة أكثر من 1.7 مليار متر مكعب سنويًا بحلول عام 2030، لتغطية أكثر من نصف حاجيات البلاد من الماء الصالح للشرب وسقي مساحات فلاحية كبرى.
ومن بين المشاريع البارزة، محطة تحلية مياه البحر في الدار البيضاء، التي ستكون أكبر مشروع من نوعه في إفريقيا، والثانية في العالم التي تعمل بالكامل بالطاقة النظيفة، حيث تعكس هذه الإجراءات التزام الملك بتحقيق الأمن المائي وضمان توزيع متوازن للموارد المائية في المملكة.
من ناحية أخرى، شدد الملك على ضرورة تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع المائية والطاقية، مع التأكيد على الالتزام بالآجال المحددة دون تأخير. يشمل ذلك تسريع إنجاز محطات تحلية مياه البحر والمشاريع المرتبطة بالطاقات المتجددة، مما يعكس رؤية الملك لتحقيق تنمية مستدامة تضمن تلبية احتياجات السكان وتحقيق الأمن الغذائي والمائي. وبالتالي، دعا الملك إلى المزيد من التنسيق بين السياسات المائية والزراعية، خاصة في فترات الخصاص، مع التركيز على تعميم الري بالتنقيط واعتماد برامج طموحة لمعالجة المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس رؤية متكاملة للتنمية تشمل جميع القطاعات وتعتمد على الابتكار والتكنولوجيا.
كما أكد الملك على ضرورة تطوير صناعة وطنية في مجال تحلية المياه، وإحداث شعب لتكوين المهندسين والتقنيين المتخصصين، وتشجيع إنشاء مقاولات مغربية مختصة في هذا المجال، بهدف تعزيز القدرات الوطنية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في التكنولوجيا المائية.
إضافة الى ذلك، أكد الملك على التزام المغرب بدعم القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى دوره كرئيس للجنة القدس.
و يعكس هذا الدعم المساعدات الإنسانية التي يقدمها المغرب للشعب الفلسطيني، خاصة في غزة، ومبادراته الدبلوماسية لتحقيق سلام دائم في المنطقة، حيت استعرض الملك رؤيته لحل النزاع “الفلسطيني-الإسرائيلي”، مؤكدًا على ضرورة وقف الحرب في غزة بالتوازي مع فتح أفق سياسي لتحقيق سلام عادل ودائم، مع التأكيد على حل الدولتين بحيث تكون غزة جزءًا من الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية؛ اذ تعكس هذه الرؤية التزام الملك بتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.
و اختتم الملك خطابه بالإشادة بالقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والإدارة الترابية والأمن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية، معبرًا عن تقديره لتفانيهم في حماية الوطن واستقراره، مما يعزز الروح الوطنية والتلاحم الاجتماعي.
كما تذكر الملك الأرواح الطاهرة لشهداء المغرب، بما فيهم جدّه ووالده الملكين محمد الخامس والحسن الثاني، مما يعكس ارتباطه بالجذور والتاريخ ويعزز الروح الوطنية بين الشعب المغربي.