الانتخابات الرئاسية الجزائرية… تنافس محدود وأزمة سياسية
تستعد الجزائر لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في 7 شتنبر 2024، في ظل أجواء سياسية قد تكون مشوبة بالقلق.
و يتسابق عدد من المرشحين على خوض غمار الانتخابات، حيث قدمت امرأتان و16 رجلاً ترشيحاتهم، ولكن تم رفض 13 من هؤلاء المرشحين، بما في ذلك المرأتان الوحيدتان زبيدة عسول وسعيدة نغزة، بسبب عدم تلبية متطلبات الإمضاءات اللازمة.
هذا الرفض يسلط الضوء على التعقيدات القانونية التي تواجهها العملية الانتخابية في الجزائر.
في الوقت الذي تم فيه قبول ترشيحات ثلاث شخصيات رئيسية، من بينهم الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، يبدو أن الانتخابات ستكون في أغلب الظن غير متكافئة، تبون الذي يسعى للبقاء في المنصب، يواجه منافسة من عبد العالي حساني شريف من حركة مجتمع السلم ويوسف أوشيش من حزب جبهة القوى الاشتراكية، لكن هذه الانتخابات لا تعكس فعالية حقيقية في التنافس السياسي.
فإن الحملة الانتخابية التي ستجرى خلال فصل الصيف، في فترة تكون فيها درجة التفاعل الشعبي أقل، قد تؤدي إلى ضعف الإقبال على التصويت، مما يجعل النتيجة متوقعة مسبقاً.
وتواجه الأحزاب السياسية الرئيسة في الجزائر أزمات داخلية تؤثر على قدرتها على التأثير في الانتخابات.
ففقدان جبهة القوى الاشتراكية لزعيمها التاريخي حسين أيت أحمد ترك الحزب في حالة من عدم الاستقرار السياسي، ومن جهة أخرى؛ تعاني حركة مجتمع السلم من توترات داخلية تجعل من الصعب عليها تقديم بديل حقيقي في الانتخابات، فهذه الأزمات تعكس حالة عدم الاستقرار السياسي التي تسود في البلاد.
فالانتخابات المقبلة تأتي في سياق عام من الانغلاق السياسي والإعلامي، حيث سيتم إغلاق وسائل الإعلام السمعي البصري بعد الانتخابات مباشرة، مما سيحد من فرص النقد والمراقبة.
والوضع الراهن يعزز من التوجهات الاستبدادية ويزيد من قلق المواطنين حول المستقبل السياسي للبلاد.
وفي سياق أوسع، الجزائر تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، تشمل البطالة والفقر وقضايا الفساد وسوء الإدارة؛ كما أن الوضع الإقليمي يشهد تصاعداً في النزاعات، مثل المواجهات بين الجيش المالي والمتمردين الطوارق، مما يزيد من الضغوط على الأمن الوطني.
و في هذا السياق، تسعى الجزائر إلى تعزيز علاقاتها مع القوى الكبرى، مثل روسيا، التي رست فرقاطتها في ميناء الجزائر، مما أثار مخاوف في الغرب من تنامي النفوذ الروسي في المنطقة.
بالتالي، تظل الانتخابات الرئاسية القادمة في الجزائر محاطة بالكثير من التساؤلات حول مدى قدرتها على تقديم تجربة ديمقراطية حقيقية؛ في ظل غياب المنافسة الحقيقية وإغلاق المجال الإعلامي بعد الانتخابات.
وعلى ما يبدو أن الوضع السياسي في الجزائر لن يشهد تغييرات جوهرية في المستقبل القريب.