اختناق الضغوط النفسية
في السنوات الثلاث الأخيرة من هذا العقد أصبحنا نسمع كثيرا عن موت الغفلة او الموت المفاجئ . حيث يمارس المرء نشاطه اليومي بشكل اعتيادي وبصحة جيدة حتى تسمع عن موته إما واقف او نائم، ولم يستيقظ أو أغمي عليه وما الى ذلك من قصص كثيرة سمعنا عنها لأشخاص غادرو الحياة دون سابق انذار من مرض أو معانات صحية سابقة.
إن ما نسمعه الان ما هو إلا نتيجة من نتائج الضغط النفسي الذي يعاني منه الاشخاص بنسبة 90% في فترة ما قبل الأربعين، وتبدأ انعكاساته بالتجلي ما بعد الاربعين سنة.
يقصد بالضغط النفسي كل اجهاد يفوق الطاقة الاستيعابية وقدرة الفرد العادية والطبيعية، اما بشكل نفسي او مشاعري او بجسده المادي والعضوي او على الصعيد الفكري والعصبي.
كثيرة هي الاسباب المولدة للضغط النفسي والتي يفترضها الشخص انها عادية وطبيعية، وان كانت سلبية فلا يعطيها القدر المناسب من المرونة للتعامل معها ونذكر على سبيل المثال:
-الخوف، والقلق، والحزن؛؛
إن شعور المرء بالخوف هو المولد الرئيس لمشاعر القلق والحزن لأمر ما. وقد يعتبرها الشخص مجرد مشاعر سلبية تمر بسرعة دون ان يدرك انها تتلف الجهاز العصبي للإنسان، وتجهد نبض القلب وتولد التوتر حيث يبذل الجسد الفكري جهدا كبيرا لمقاومة الخوف اما بالتفكير في الحلول او بتخيل مواقف سلبية قد تقع اذا ما حدث الامر الذي ادخله في دائرة الخوف.
-الغضب، والتعصب؛؛
يحدث الغاء جزء كبير من العصبونات العصبية الموجودة في الدماغ والتي تساعده على التفكير والتصرف بشكل عادي واتخاذ القرار. حيث يتصرف الغاضب بشكل عشوائي ظلامي وسريع نظرا لارتفاع نبض قلبه وارتفاع درجة حرارته الى ان يفقد العقل السيطرة على الجسد وباقي العصبونات المتحكمة في حركات الجسد فيبدأ الغاضب او المتعصب بالارتعاش الجسدي.
الشيء الذي يتطلب منه مجهود كبير للعودة الى حالاته الطبيعية والاعتيادية، الى جانب التوتر والصراخ وكذا التعرض للصدمات الخارجية .
ان ما سبق ذكره ليس الا ثورة مصغرة لكيفية تشكيل الضغط النفسي الذي يبدأ في البداية بنقطة صغيرة كبذرة وينمو مع توالي المواقف الى ان يصبح صخرة كبيرة تثقل ظهر الشخص الذي يعاني من الضغط فيصبح مجرد سلوك بسيط لنادل بالمقهى نسي أن يضع قطعة سكر للكوب يسفر على ردة فعل كبيرة وقوية محملة بالصراعات والغضب والشجار احيانا تسمى في علم النفس السلوكي “الانهيار العصبي”.
ان ما يلزم الشخص القيام به لتفادي الوصول لمرحلة الانهيار العصبي ليس هو مواجهة الضغط النفسي كافتراض موجود ولابد منه بالعالم الخارجي الذي نتعامل معه والذي نعيش فيه تجربتنا الحياتية. قدر ما يكون لزاما على اي شخص ان يعمل على تربية نفسه على اكتساب سلوكيات ايجابية تجعله يعيش الحياة بوعي لا بجهل.
من بين الحلول اقترح نظام الحياة البطيئة للخروج من الحفرة التي اسقطنا فيها العالم الافتراضي؛ وهم السرعة والكون يسير بسرعة والاشتغال ببطء في الحياة الاعتيادية داخل البيت أولا، ثم نسقطها على العالم الخارجي لا اقصد هنا الكسل، وانما الاشتغال على الجودة وليس الكم.
تدريب العقل الباطن على استشعار اللحظة الآن التي فيها الشخص بالذات لايوجد سم يفتك بالجهاز العصبي والفكري اكثر من التوهان الفكري وكذا العيش خارج الوقت. ان تعيش في المستقبل يولد الخوف والعيش في الماضي يولد الحزن والقلق ويسفر ايضا على فرط التفكير .
وأضيف ايضا تدريب النفس على التنفس بشكل صحيح وفعال نفتقد كثيرا في مجتمعنا المغربي لثقافة العناية بالتنفس والجهاز التنفسي يساعد الفكر والمشاعر على الضبط .
الاشتغال بحب وبوعي وبمتعة كل فعل او ردة فعل يقوم بها الشخص مكرها ومغصوبا، تعد اجهاد وضغط يولد له الشعور بالخزي والعار، وهذه اقوى المشاعر التي تهدم الصحة النفسية للإنسان.
وختاما أقول ان الضغط النفسي مرتبط بمستوى وعي الانسان بمدى اهمية الصحة النفسية. كلما تعمق الانسان في ذاته وتمكن من فهم جسده المشاعري وضبط جسده الفكري يكون جسده المادي قوي وصحي اكثر.