أغلال النرجسية
انتشر مؤخرا وبشكل واسع مصطلح النرجسي؛ حيث نسمع به كثيرا في البرامج الاذاعية ،وفضاءات التواصل الاجتماعي كموضوع للنقاش او الحوار . كما نجده أكثر تداولا في قاعات المحاكم الخاصة بقضايا الاسرة. حيث يسأل القاضي إحداهن عن سبب طلبك للطلاق؛ فتجيب إما عن وعي أو عن غير وعي، زوجي ذو شخصية نرجسية لا استطيع العيش معه .
وهكذا حتى صار هذا الاسم يطلق عشوائيا على أي شخص تكون له رافضا أو بالمعنى الادق، اصبح سببا سهلا لإنهاء علاقة ما بأي شخص لا يعجبك، نظرا لتداوله بشكل عشوائي بين نسبة كبيرة من المجتمع خاصة الغير الواعية او المهمشة ثقافيا.
يقصد بالنرجسي او الشخصية النرجسية الشخص المصاب باضطراب الشخصية . يميل الى انكار مشاكله ورفض النصيحة والتوجيه وممانعة التدخل لإصلاحه .يتميز هذا الاخير بخاصية مهمة، ما يسمى مواكبة التحديات؛ عبر الاهتمام الاكبر بتغير ALloplastic المحيط الخارجي عوض الاهتمام بتغير ذاته . فيتم نسب مسؤوليته و واجباته الى من يرافقه اما الزوجة او الابناء او الاصدقاء .
الامر الذي يجعله شخص مؤدي وعدواني بتصرفاته .يحاول السيكوباتي النرجسي السطو على من يحيطون به باستعمال جاذبيته حتى يسقط الجميع في فخ اذيته.
يتميز النرجسي بصفات عدة تتشابه في جزيئاتها مع بعض الشخصيات القوية فليس كل شخص نرجسي مؤدي. وانما نجده ذلك الشخص الفاقد للثقة بنفسه و بالآخرين، ويعمل جاهدا على سلب الثقة ممن حوله وكسرهم وتدميرهم ذاتيا. ممارسا لتقنية “الغاز لايتينغ” او ما يسمى بحيلة الغاز..
يجيد الانتهازي استغلال الاخرين بأبشع الطرق والحيل لدرجة استنزافهم ماديا ومعنويا وطاقيا.
النرجسي شخصية جد ضعيفة داخليا ومكسورة في طفولتها الداخلية . اما بتعرضها للنقد او القمع او العنف. فيعمل على اسقاط هذه السلوكيات المؤذية كأليات نفسية لتدمير من حوله .
يسمى باضطراب الشخصية لأنه يتمتع بإمكانية اللعب بشخصيتين مزدوجتين المؤذي والمنقذ معا. ما يجعل ضحاياه يجدون صعوبة في التخلص منه .فبعد ان يتمتع ويتغدى بمشاهدة من معه يتألم ويتعذب سرعان ما يلعب دور المنقذ. اكثر من ذلك فهو يوهم الشخص ويقنعه ان لا ملجأ له في الكون سواه، وانه المنقذ والمهتم والمحب والحاضن ايضا. ما يكسر ثقة الاخر بنفسه فيزيده تمسكا بالنرجسي .
اما الحديث عن الانانية وحب الاثارة والاهتمام بالنفس وفرض الوجود كلها سلوكيات مشتركة بين النرجسي والشخصيات الاخرى، الا ان النرجسيين يفرطون فيها بشكل قوي وكبير لحد الاصابة بجنون العظمة.
يلجأ النرجيسي الى استعمال اللعب النفسي والحيل النفسانية لتدمير ضحيته .او الشخصية الضعيفة التي معه. وذلك اما باستعمال الصمت العقابي وقطع الكلام لمدة طويلة جدا. أو الاهمال والنفي. يعيش حياته مع رفقيه في نفس البيت ويتعامل معه كانه غير موجود كليا في عالمه .ما يشعر الضحية بالنقص وزيادة التعلق به . يسلط الضوء على عيوب الاخر؛ وغالبا ما تكون عيوب وهمية مصطنعة؛ اما في شخصه او حركاته او طريقة اكله . ومنهم من يوهم الاخر بعيوب اشد كالضعف الجنسي او الرائحة الكريهة في المناطق الحساسة او التشوه الخلقي واذا ما تعمقت بالامر تجده يخترع ذلك فقط لكسر الاخر .
اقوى سم يستعمله النرجسي هو التخويف والترهيب والهديد بالهجر وان الاخر سيبقى لاشيء من دونه وسيتعذب وانه هو المنقد له في الكون ليزداد الاخر تعلقا به
لا ينجح النرجسي في تعذيبه للأخر عشوائيا فهو في البداية يركز جاهدا على اخلاء الساحة له لوحده فيشتغل على فك وقطع كل العلاقات التي تربط الضحية باقاربه؛ واصدقائه از اي شخص قد ينقده او يقدم له مساعدة. فيلقي بخ في فخ الوحدة والاكتئاب ثم يبدا في عملية التعذيب النفسي .
وختاما اقول ان الشخصية السكوباتية النرجسية تنجح في اصطياد ضحاياها وتعرفهم جيدا منذ اول محاورة . وبقية الافراد يجدبون في علاقاتهم ما يعكس شخصيتهم وعيوبهم الذاتية التي لا تطفو لهم على السطح. فالشخص النرجسي لا تجذبه الا الشخصية الضعيفة والمتعلقة التي تعاني من العار والتعلق . وعليه انت ايها القارئ لست ملزم بعلاج النرجسيين او مساعدتهم على العلاج بقدر ما انت ملزم بالاشتغال على فك التعلق وكذا تطوير جسدك المشاعري حينها سيختفي النرجسي من حياتك او سنضبط سلوكه.
وليس كل انسان عصبي نرجسي. او كل فشل في فهم كينونة الاخر تفسر بكونه نرجسي وعليك الفرار منه بالطلاق .