عن علاقة الحب بين السياسي والمواطن المغربي أتحدث..!
في زوايا الحياة اليومية للمواطن المغربي، تجد أزمات تتراكم كجبل من الهموم، يغلفه السياسيون بوعد خادع وشعار متجدد كلما دقت ساعة الانتخابات.، المواطن يتنقل بين السوق والمستشفى والمدرسة، كأنه يبحث عن سراب في صحراء محروقة، لا يجد إلا الأسعار التي ترتفع بلا حدود، والخدمات التي تتراجع بلا عودة. في هذا المشهد المليء بالتناقضات، يبرز السؤال الذي يحرق ألسنة الجميع: هل المواطن المغربي بات مجرد رقم في لعبة سياسية لا تنتهي؟ هنا، في قلب هذا الواقع المرير، تكمن حكاية الصراع بين طموح مواطن بسيط وحلم سياسي مرفه، بين من ينتظر الأمل ومن يبيعه كسلعة في سوق الأوهام.
في المغرب، العلاقة بين السياسي والمواطن تشبه إلى حد كبير علاقة الذئب والحمل، لكن بلمسة مغربية محبكة؛ فالمواطن يتعامل مع السياسي وكأنه يمتلك العصا السحرية، ينتظر منه الحلول السريعة لمشاكله اليومية، كمن ينتظر المطر في موسم الجفاف، اما السياسي، من جانبه، يلعب دور الساحر المتقن، يوهم المواطن بأنه يحمل بالفعل في جعبته عصا سحرية قادرة على حل جميع المعضلات، بدءا من مشكلة ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، وصولا إلى الصحة والتعليم المفقودين.
ففي كل حملة انتخابية، يخرج السياسيون بوعود براقة لامعة، كأنهم يخططون لتحويل البلاد إلى جنة على الأرض. لكن ما إن تنتهي الانتخابات ويصلون إلى كراسي السلطة، حتى تبدأ تلك الوعود بالتبخر كما يتبخر الماء على رمال الصحراء. المواطن المغربي لا يزال ينتظر أن تنخفض الأسعار، وينتظر أن تتحسن الخدمات الصحية، وينتظر أن يتلقى أطفاله تعليما جيدا، لكنه في النهاية يبقى عالقا في دوامة الانتظا… والعمر يجري ياولدي!..
ومن جهة أخرى، يبدو أن السياسي المغربي لا يعاني من نفس الأزمات. فالأسعار بالنسبة له لا ترتفع، والتعليم لأبنائه متوفر في أرقى المؤسسات الخاصة أو حتى خارج البلاد، والصحة بالنسبة له ليست بمشكلة، ما دام بإمكانه السفر لأوروبا لإجراء أبسط الفحوصات. لذلك غالبا ما يستغرب المواطن البسيط من عمق هذه الفجوة ويطرح السؤال البديهي: هل نحن نعيش في نفس البلد؟
في الواقع، قد تكون أفضل نصيحة يمكن تقديمها للمواطن المغربي هي أن يشتري دفتر ملاحظات جديدا، ويبدأ في تدوين كل الوعود التي يسمعها في كل انتخابات، ليس ليأخذها على محمل الجد، ولكن ليقرأها عندما يحتاج إلى جرعة من الصحوة من سبات الغفوة. ففي المغرب، الوعد السياسي لا ينتهي بتحقيقه، بل بتكراره في الحملة القادمة، كأن الذاكرة الجماعية للمواطنين ذاكرة ذبابة!.
وفي النهاية، يبقى المواطن المغربي عالقا بين مطرقة الوعود الكاذبة وسندان الواقع القاسي، غارقا في الوعود “ الغرامية” التي يلعبها به السياسي.. يتأرجح بين الأمل والخيبة، ينتظر معجزة قد لا تأتي أبدا في ظل غياب الإرادة الحقيقية للتغيير. ومع كل حملة انتخابية جديدة، يعود السياسي ليقدم وعودا قديمة بلباس جديد، وكأن الزمن يعيد نفسه دون أن يتغير شيء. وبينما يواصل السياسيون نسج خيوط أوهامهم، يبقى المواطن هو من يدفع الثمن، يتجرع مرارة الحياة يوما بعد يوم.. لكن، حتى في أحلك الظروف، لا يزال في قلب هذا المواطن نبض من الأمل وإصرار على البقاء، لعله يوما يلتقي بمن يصون وعوده ويحقق ما طال انتظاره.