“وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ” (الأعراف: 80).
ليس من عادتي التحدث في المواضيع المتعلقة بالشذوذ الجنسي، ولكني اليوم سأرفع القلم وأتحدث حول هذا الموضوع الخطير الذي يتمدد بشكل جنوني وبأرقام صادمة في العالم.
إن مسؤوليتي الأخلاقية ككاتب ملتزم و كأستاذ باحث تتمثل في الدعوة للتصدي لهذا الوباء الشيطاني الذي يضرب العالم وينال مباركة الغرب لأنه المروج الأول له.
في السنوات الأخيرة، أصبح من الواضح أن هناك مخططًا شيطانيًا غربيًا للتحكم في العالم وتقليل عدد المواليد. و لعل هذا المخطط يستخدم العديد من الأدوات، منها صناعة الأوبئة مثل فيروس كورونا، وتمجيد صورة العنوسة والطلاق في الإعلام، والموجة الحالية من غلاء الأسعار العالمي، التي هي في جزء كبير منها مصطنعة.
نعتقد، بداية، ان الاحتفاء بالشذوذ الجنسي في الاعلام الغربب جزء من مخطط عالمي مدروس بدقة.
إن المثلية الجنسية ليست مجرد انحراف عن الفطرة الإنسانية، بل هي جزء من مخطط شيطاني أوسع يهدف إلى تقليل عدد سكان الأرض والوصول إلى ما يُسمى بـ”المليار الذهبي”. و من المؤكد ان هذا المخطط يروج لمفاهيم منحرفة تتحدى القوانين الطبيعية والدينية، وتعمل على هدم الأسر وتفكيك المجتمعات.
فمن خلال تطبيع المثلية في العالم الغربي ونشرها بين الشعوب الأخرى، يسعى الغرب إلى تدمير المؤسسة الأسرية الأساسية التي هي الركيزة الأولى لبناء المجتمعات الصحية والقوية.
و من خلال هذا التطبيع، يسعى الغرب إلى تحقيق أهداف خفية، منها السيطرة على الشعوب وتفكيك نظمها الاجتماعية والدينية. فالمثلية الجنسية، بما تحمله من مفاهيم تتحدى النظام الطبيعي للعلاقات بين الرجل والمرأة، لا تسعى فقط إلى تغيير النظام الاجتماعي بل تهدف إلى محاربة الأديان السماوية بشكل مباشر.
إن الترويج لهذا الفكر الشاذ يتناقض مع ما دعا إليه الله من إعمار الأرض عبر الزواج والتكاثر، مما يبرز أن هذا التوجه هو محاربة مباشرة لأوامر الخالق عز و جل.
و لتعزيز هذا النقاش، يمكننا أن نستعرض آراء خمسة مفكرين عالميين مناهضين للمثلية الجنسية:
- جوناثان هايت، المفكر الأمريكي وعالم النفس الاجتماعي، و هو يرى أن المثلية الجنسية ليست مجرد انحراف فردي بل تمثل تحديًا للهوية الجماعية للمجتمعات المحافظة. و من وجهة نظره، فإن الترويج للمثلية يسهم في تفكيك الروابط الاجتماعية التي تشكل حجر الأساس في بناء المجتمعات الصحية.
- روبرت جورج، الفيلسوف القانوني الأمريكي، و هو يدافع عن فكرة أن المثلية الجنسية تتعارض مع القيم الطبيعية للفطرة الإنسانية. ويرى أن أي محاولة لشرعنة المثلية تقوض الأسس التي تقوم عليها المجتمعات الأخلاقية، مثل الزواج والعائلة، مما يؤدي إلى انهيار النظام الاجتماعي.
- روجر سكروتون، الفيلسوف البريطاني، يؤكد أن المثلية تمثل انتهاكًا للفطرة الطبيعية وللتقاليد التي قامت عليها الحضارات الكبرى. و من وجهة نظره، فإن الترويج للمثلية هو جزء من موجة عالمية تسعى إلى تقليص عدد السكان وإضعاف الروابط الأسرية.
- مارتن لوثر كينغ الثالث، الناشط الحقوقي، و الذي يرى أن الدفاع عن المثلية تحت شعار حقوق الإنسان هو خديعة غربية تهدف إلى تحويل الأنظار عن قضايا الظلم الحقيقية. و بالنسبة له، فإن القضايا الأخلاقية يجب أن تكون مرتبطة بالقيم الدينية والروحية وليس بالحرية المطلقة.
- نورمان جي ليفنسون، الباحث في العلاقات الدولية، و يعتبر أن المثلية جزء من مخطط أوسع يسعى إلى تقليص عدد السكان وتعزيز السيطرة على المجتمعات من خلال ترويج أفكار انحلالية. ويرى أن هذه الأيديولوجيات الجديدة تستهدف تحطيم الفطرة الإنسانية ونظامها القائم على الزواج والتكاثر.
إن الترويج العالمي للمثلية ليس عشوائيًا بل هو جزء من استراتيجية محكمة لتقليص عدد السكان في العالم، بما يتماشى مع النظرية التي تتحدث عن “المليار الذهبي”، وهي النظرية التي تنص على أن الكوكب لا يمكنه دعم أكثر من مليار إنسان.و هذا المفهوم، الذي يعززه بعض المفكرين الغربيين، يعكس رؤية مادية للحياة تتجاهل القيم الروحية والدينية التي تؤكد على أهمية الحياة والتكاثر.
و في هذا الصدد، تعمل وسائل الإعلام الغربية على تمجيد المثلية وتقديمها كخيار طبيعي ومتساوٍ للعلاقات التقليدية بين الرجل والمرأة. لكن الهدف النهائي للغرب هو تقليل معدلات الولادة ومنع استمرار الأجيال، مما يؤدي إلى تقليص عدد السكان والتحكم في النمو السكاني العالمي.
علاوة على ذلك، فإن حملات الترويج للمثلية تتزامن مع هجمات أخرى على مؤسسة الزواج، مثل تمجيد الطلاق والعنوسة في وسائل الإعلام، وتقليل أهمية الزواج كركيزة أساسية للمجتمعات. و دعونا نلاحظ ان كل هذا يسهم في تعطيل عملية التكاثر والحد من زيادة عدد السكان، مما يعزز من الهيمنة الغربية على الشعوب الأخرى.
إن الدفاع المستميت الذي يبديه الغرب عن المثلية لا علاقة له بحقوق الإنسان، بل هو خداع غربي خالص يهدف إلى نشر الميوعة والانحلال الأخلاقي. فالغرب يستخدم هذا الدفاع كغطاء لترويج أفكار انحرافية لا تتماشى مع الفطرة الإنسانية السليمة، ولا مع القيم الدينية والأخلاقية التي تُعتبر أساس المجتمعات.
و من خلال تركيزه على حقوق المثليين، يتجاهل الغرب قضايا حقوق الإنسان الحقيقية، مثل الظلم الواقع على الشعوب المسلمة والفلسطينيين في غزة. و من الثابت ان هذا الدفاع عن المثلية لا يعكس احترامًا للحريات الشخصية بقدر ما يترجم محاولة لتفكيك الأنسجة الأخلاقية والاجتماعية للدول الإسلامية المحافظة، والتي تعتبر الدين جزءًا أساسيًا من هويتها.
إن حماية حقوق المثليين في الغرب ليست إلا محاولة لتحويل الأنظار عن الجرائم الحقيقية التي يرتكبها الغرب بحق الشعوب الأخرى، في سياق سعيه لتوسيع سيطرته وهيمنته على العالم.
و من الناحية الدينية، تُعتبر المثلية الجنسية تحديًا صريحًا لأوامر الله وفطرته التي خلق الإنسان عليها. فقد ورد في الأحاديث النبوية أن اللواط يهتز له عرش الرحمن، وهو ما يعكس خطورة هذا الفعل في الإسلام. فربنا و مولانا خلق الإنسان ليعمر الأرض من خلال الزواج بين الرجل والمرأة، وليس من خلال الانحراف عن الفطرة إلى الشذوذ الجنسي.
إن الدفاع عن المثلية هو تحدٍ مباشر لإرادة الله في إعمار الأرض، لأن المثلية تعطل عملية التكاثر وتفكك الأسر، مما يهدد باندثار المجتمعات على المدى الطويل. ولذلك فإن التصدي للمثلية ليست مجرد قضية اجتماعية أو سياسية، بل هي واجب ديني وأخلاقي ملقى على عاتق كل مؤمن.
من خلال ما سبق، نستطيع أن نرى بوضوح أن الترويج للمثلية ليس مجرد دعوة إلى الحرية الشخصية بل هو جزء من مخطط أكبر يستهدف التحكم في الشعوب، وتقليص عدد سكان الأرض، وتدمير القيم الدينية والأخلاقية التي قامت عليها الحضارات.
و ختاما، و في ضوء ما تم استعراضه في هذا المقال، يتضح أن مسألة المثلية الجنسية ليست قضية فردية أو حقًا من حقوق الإنسان كما يحاول الغرب الترويج لها، بل هي جزء من مخطط عالمي أوسع يستهدف النسيج الاجتماعي والديني للمجتمعات، ويعمل على تقويض الفطرة الإنسانية التي خلقها الله للبشرية. إن الدفاع المستميت الذي يقدمه الغرب عن هذه الظاهرة ليس إلا غطاءً لنوايا خفية تتعلق بالسيطرة على العالم وتقليص عدد سكانه.
فمن خلال نشر الفجور الأخلاقي والانحراف عن الفطرة، يسعى الغرب إلى تفكيك المجتمعات المحافظة والدينية، مثل المجتمعات الإسلامية، التي لا تزال متمسكة بالقيم الأخلاقية التي تحفظ كيان الأسرة والمجتمع.
وكما رأينا، فإن هذه الهجمة الشرسة على قيم الأسرة والزواج ليست معزولة عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تُفرض على العالم من قبل القوى الغربية. فتضخم الأسعار العالمي المتزايد، وتصاعد الأزمات الاقتصادية، والاضطرابات الاجتماعية، كلها أدوات تهدف إلى خلق بيئة فوضوية تمهد لفرض القيم الغربية المنحرفة.
و لقد أظهرت العقود الأخيرة أن الغرب لا يكتفي فقط بالترويج للمثلية الجنسية داخل حدوده، بل يسعى لتصديرها إلى دول أخرى عبر الضغط السياسي والاقتصادي. و لعل هذه السياسات تخلق صدامًا ثقافيًا كبيرًا بين الشعوب التي تتمسك بقيمها الدينية والأخلاقية وبين تلك التي تتبنى الفكر الليبرالي الغربي، مما يزيد من الفجوة بين الحضارات. و من المؤكد ان هذا الصدام لا يقتصر فقط على المستوى الأخلاقي، بل يتعدى إلى صراع حول هوية الإنسان نفسه، و حول ما يعنيه أن تكون إنسانًا في عالم باتت فيه الفطرة الطبيعية محل شك ونقد.
لقد أدرك المفكرون المناهضون للمثلية أن الدفاع عن هذه الظاهرة تحت راية حقوق الإنسان هو خداع براق، يهدف إلى تحريف الأنظار عن القضايا الحقيقية التي تواجه العالم، مثل الفقر، والحروب، والظلم الاجتماعي. فبدلاً من معالجة هذه القضايا، ينصب التركيز على منح حقوق للممارسات المنحرفة التي لا تتماشى مع الفطرة الإنسانية السليمة.
ومن هنا، يجب أن نتساءل : ما الهدف الحقيقي من هذا الدفاع الغربي الشرس عن المثلية الجنسية؟ و لماذا يُنفق الغرب الملايير على ترويج هذه الفكرة الشيطانية في وسائل الإعلام، بينما تتجاهل نفس القوى القضايا الحقيقية التي تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان، مثل المجازر اليومية التي تُرتكب ضد الفلسطينيين في غزة؟
ان الإجابة واضحة: إن الغرب يسعى إلى تدمير البنى الأخلاقية والدينية التي تشكل أساس المجتمعات المحافظة، وفتح المجال لسيطرة القيم الليبرالية التي تخدم مصالح القوى العظمى في تحقيق السيطرة الشاملة على العالم.
و لا يمكن فهم هذا التوجه بمعزل عن السياسات الأوسع التي تهدف إلى تقليص عدد سكان العالم والتحكم في النمو السكاني. فمن خلال الترويج للمثلية والعنوسة والطلاق، يسعى الغرب إلى الحد من التكاثر الطبيعي للبشرية، مما يؤدي إلى تقليص عدد السكان. و لدينا اليقين ان هذه السياسات تتماشى مع نظرية “المليار الذهبي”، التي تنص على أن الكوكب لا يمكنه تحمل أكثر من مليار نسمة، وهو ما يعزز من فكرة أن هذه الهجمات على الفطرة الإنسانية هي جزء من خطة محكمة لتحقيق أهداف بعيدة المدى.
و في النهاية، من المهم أن نفهم أن هذه الهجمة لا تقتصر على قضية المثلية فقط، بل تمتد إلى كل ما يتعلق بالقيم التقليدية التي تحافظ على استمرارية الحياة البشرية. فالأمر لا يتعلق فقط بحقوق الأفراد في اختيار أسلوب حياتهم، بل يتعلق بمستقبل المجتمعات ككل. و عندما تتحول القيم المنحرفة إلى المعايير السائدة، فإن ذلك يؤدي إلى انهيار الأسرة، التي هي اللبنة الأولى في بناء أي مجتمع. وعندما تنهار الأسرة، ينهار المجتمع بأسره، وتصبح الفوضى والانحلال الأخلاقي هي القاعدة.
إن هذا التحول في القيم لا يمثل فقط تهديدًا للأفراد الذين يعيشون في المجتمعات المحافظة، بل يمثل تهديدًا للعالم بأسره. و إذا استمر الغرب في فرض هذه القيم بالقوة على باقي العالم، فإن النتيجة ستكون المزيد من الانقسام والكراهية بين الشعوب، مما يعزز من احتمالات الصراعات والحروب.
إن ما نراه اليوم هو ليس فقط حربًا على الأخلاق والدين، بل هو حرب على الإنسانية نفسها، على الفطرة التي خلق الله الإنسان عليها.
و في الختام، يجب أن نقف جميعًا في وجه هذا المخطط الشيطاني الذي يهدف إلى تدمير الفطرة وتفكيك المجتمعات. و علينا أن ندافع عن قيمنا وأخلاقنا بكل قوة، وأن نعمل على حماية الأسرة والزواج من الهجمات التي تستهدفهما. فمسؤوليتنا الدينية والأخلاقية تفرض علينا التصدي لهذا الانحراف بكل الوسائل المتاحة، سواء من خلال التعليم والتربية، أو من خلال التشريعات التي تحمي المجتمعات من هذه الأفكار المدمرة.
فالمعركة ليست فقط معركة قيم وأخلاق، بل هي معركة من أجل مستقبل الإنسانية نفسها.
إن الدفاع عن الفطرة وعن القيم الدينية هو دفاع عن حق البشرية في البقاء والاستمرار على الأرض، كما أراد الله. ومن هنا، يجب أن نتوحد جميعًا في مواجهة هذا الانحراف، وأن نعمل على نشر الوعي بأهمية الحفاظ على الفطرة الإنسانية والتصدي لكل ما يهددها.
إن هذه المعركة هي معركة الجميع دون استثناء و دون قيد او شرط.