كيف سأخبر أمك يا بني أن ما في هذا الكيس غير قابل للصدقه
بقلم/ عبد المنعم عامر
جئتُ أُفتش عن أشلاء إبني الذي سبقني لصلاة الفجر فأعطاني أحدهم 23 كيلو، وقال هذا إبنك فأدفنه ،وأنا أحمله تذكرتُ يوماً وأنا قادم معه من السوق وكنتُ أحمل كيسًا ثقيلاً ،فطلب مني بكامل برّ الأولاد أن يحمل عني ،وقد دخل على أمه سعيداً برجولته يتغنى أمام إخوته ويغيضهم أنه حمل كل هذا الثقل لوحده لأجل أبيه ،وأخواته يقبلنه وأمه تدعو له بطول العمر والصلاح .
ها أنت مرةً أخرى تسبقني بالكيس للبيت يا ولدي ولكن كيف أقنعهم أنك الذي في داخله ،وأن ضحكاتك التي كانت تملأ البيت وذراعك النحيفة التي كنتَ تكاسرُ بها أخوتك ورأسك الذي ينام في حجر الجدة وأقدامك المدببة من المشي بحثا عن الماء وصناديق الاعانة كلها أضحت في كيس واحد، وحين تسألني أمّك بلهجة غزاوية مريرة “بتعرف فش كهرباء يا أبو صالح وين حاخبي كل ها الخير بنعطي منو للجيران ” كيف سأخبرها يا بني أن ما في هذا الكيس غير قابل للصدقه ،وأن 23 كيلو من الأشلاء هي حصتنا من موت هذا الأسبوع.