الادمان الالكتروني يدمر الصحة النفسية و الفكرية
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في هدم الصحة النفسية و الفكرية لرواد هذه المواقع بشكل سريع وخطير . فلا يكاد يفطن المرء بهذه الخطورة حتى تتلاشى أعصابه الدماغية بشكل متناهي.
يقصد بالصحة النفسية كل ما يتعلق بصحة وسلامة الجسد المشاعري والفكري للانسان ،انتشر هذا المصطلح في السنوات الاخيرة من هذا العقد . وبدأ الاهتمام به بشكل كبير في الدول المتقدمة والواعية مند ذلك الحين ؛اما في الدول التي في طور التقدم كالمغرب مثلا ،اصبح العديد من الطبقات الواعية والنخبة يهتمون بهذا الجانب خصوصا وبشكل اعمق وادق بعد جائحة كورونا.
يعتبر الجسد المشاعري والجسد الفكري للانسان المحرك الاساسي في استمررية صحة وسلامة الجسد المادي الذي هو البدن .غالبا ينعكس مرض الجسد المشاعري على الجسد فتظهر امراض سوماتيكية او وجدانية. وهي عبارة عن الام في الوجدان .
اكثر من تسعين بالمئة من رواد وسائل التوصل الاجتماعي يعانون من ضعف التركيز في حياتهم اليومية .حيث يعمل تطبيق ريلز او الشورط( تلك المقاطع الصغيرة التي يسهل تمريرها ومشاهدتها ) على هدم مهارة التركيز لدي الشخص .فيغدو متشتتا في افكاره وتصرفاته .
كثيرا ما يشتكي العملاء في الجلسات من عدم قدرتهم على التركيز .يريد ان يفتح الثلاجة كمثال ليضع فيها شيء سرعان ما يحد نفسه في الحمام يستحم دون ان يقوم بالفعل الاول الذي هو فتح الثلاجة.
الى جانب ذلك يعمل هذا التطبيق على تشتيت الفكر ؛يجد المرء صعوبة في استدعاء المعلومات واسترجاعها .ويحدث هذا مع عملائي الطلاب .اذ يجدون صعوبة في استدعاء المعلومة على ورقة الامتحان .ومنهم من يعمى عن الاسئلة ولا يراها نهائيا، يجيب عن البعض ويترك البعض، حتى يفاجئ في النهاية برسوبه.
يعاني الاشخاص المدمنين على مواقع التواصل الاجتماعي من فرط التفكير ليلا . مما يمنعهم من النوم ويصيبهم بالارق. حيث يعمل العقل الباطني على استرجاع المعلومات والمشاهد التي أدخلها بالنهار، ما يجعل المرء فاقد السيطرة على دماغه.
اضافة الى عدم القدرة على الضبط والاستمرارية في عمل ما لمدة تتحاوز خمس دقائق .تقول لي احدى العميلات في جلسة استشارية “أجد صعوبة في اختياري واستمراري في أمر ما أدخل لمحل لبيع ملابس لا اكاد اقف فيه لثواني وأغادر لمحل اخر ولا اعرف حتى ماذا اريد”.
وهناك حالة أخرى يقول لي صاحبها ” بينما أعد افطاري في رمضان نسيت أنني وضعت ابريق الحليب على النار .نسيته كليا، ولم اتذكره، ودخلت استحم حتى بدأت اشم رائحة الغاز في بهو الشقة”.
لايمكنك صديقي القارء ان تتصور كم الخوف والترهيب الذي يصاب به مدمنو وسائل التواصل الاجتماعي .فغالبيتهم مصابون بنوبات الهلع .جراء الاخبار السلبية والتنبؤات السلبية التي يستمعون اليها ويشاهدونها يوميا، وبشكل مستمر . الامر الذي يجعل الشخص خارجا عن نطاق زمنه ووعيه فينتقل للمستقبل طوال يومه ما يؤثر على انتاجه الفكري ومشاعره وادراكه.
لا أخفيك أن أغلبية هذه الفئة التي تحدثنا عنها تصاب بتنمل اليدين والذراعين، وكذا تنمل الاصابع نتيجة حملهم للجوال لساعات طويلة في اليوم.
وعليه أقول إن الشخص الواعي هو من له القدرة على التحكم في كل ما هو موجود خارج داته الداخلية بالنطاق السليم والصحيح. ولا يدل ادمان مواقع التواصل الاجتماعي بصفة مستمرة الا على ان المدمن يعيش حياته دون وعي وتمر عليه الساعات دون ان يدرك او يحس بما يقدمه؛ كآلة أو ربوت دون مشاعر.
لا يمكنني أن أقول أن المدمنين يعانون من وقت فراغ لأننا شاهدنا العديد من الاشخاص يؤدون عملهم والجوال بيدهم لا يفارقونه أبدا. يحدث هذا في المطاعم وبعض الوكالات التي تقضي مصالح المجتمع وفي اماكن عدة.
الاشتغال على التخلص من الادمان هذا وبشكل صحي وسليم . يتطلب رغبة جامحة وإرادة قوية من الشخص . إما بمرافقةكوتش( Coach )مستشار خاص في الوعي، ليتمكن من تصحيح تركيزه وانتباهه، واستعادة المهارات الاخرى التي فقدها جراء حضوره المستمر في وسائل التواصل الاجتماعي.