الصدمات النفسية
يحدث أن تلتقي في حياتك اليومية بأشخاص يافعين وشباب ؛يتصرفون في مواقف ما بتصرفات صبيانية فتستغرب ،كيف لرجل بلحية وشيب أن يصرخ ويغضب كصبي صغير في الصف الإبتدائي.
إن ما قلته الأن هو جزء من انعكاس الصدمة على النمو الفكري والمشاعري للإنسان.
يطلق مصطلح الصدمة أو التروما trouma على أي موقف قوي يؤثر في مستوى الأمان لدى شخص ما. يهز مفاهم تكونت في الشعور الداخلي لديه.
إن قوة الصدمة لا ترتبط بالحدث نفسه ،بقدر ما هي متعلقة بدرجة تعلق الإنسان بنفسه ونظرته لذاته على ثلاث مستويات:
-النظرة السيكولوجية عن النفس .تجد أحدهم يقول اثناء الصدمة “انا غبي””أنا ساذج”…
-النظرة عن الأخرين أو الغير .فتسمعه يقول “الناس غدارة “الناس خائنين”…
-النظرة للعالم الخاريجي .تشمل صدمة العالم الخاريجي كل ما يضم العلاقات الإنسانية والإجتماعية. من زواج وطلاق وفصل في العمل …الخ.
و ترتبط الصدمة إرتباط وثيق بعملية الإستيقاظ والتغير. أشير هنا الى أن الشخص العادي الذي لا يتطور ولا يشتغل على ذاته؛ يعيش في نمط الجماعة والتبعية يصعب عليه تلاقي الصدمات .في حالة تعرض لصدمة بمستوى مبكر في مرحلة الطفولة يكون الأمر بمثابة نداء للتغير ولابد أن يستجاب له .لكن وللأسف لضعف الوعي بالذات ،اغلب المصدومين مبكرا يعيشون في نظام الصدمة لفترات طويلة إلى أن تأتي صدمة الكبر التي تغيره غصبا عنه.
و يشمل نظام الصدمة العديد من الصدمات التي تحدث في المسار الحياتي للإنسان life ling أذكر منها :
-صدمات الطفولة
يتعرض الطفل لصدمة نفسية في مرحلة نموه المبكر .أما بإكتشافه لذاته إذا كان يعاني من إعاقة معينة في جسده لم تفسر له من قبل والدين. أو بتعرضه للتنمر في المدرسة من طرف المعلم أو الزملاء.
يشكل الإهمال والعنف والتخلي أيضا نظام الصدمة لدى الطفل ؛إلى جانب تعرضه للتحرش أو الإغتصاب.
يصدم الطفل بطلاق الولدين أو إنتقاله من قسم إلى أخر أو من مدرسة إلى أخرى. أو من مسكن إلى أخر دون علم مسبق له.
-صدمات النموذج تتشكل هذه الصدمات أثناء تعرض الفرد إلى سلوك معين ومفاجىء من قبل الولدين ؛أو الإخوة أو العم او الخال ..او أي شخص يعتبره نموذج وقدوة لديه . كأن تتعرض شابة لتحرش أو تعنيف من قبل والدها الذي تعتبره دائما قدوة في الاحترام والحنان. يقول لي أحد العملاء في جلسة تنظيف الصدمات :”أجد عسرا في تكوين أسرة أو علاقة مع اي إمرأة كيفما كانت والسبب أنني عندما كنت طفلا صغيرا ؛كنت أرى رجلا غريبا ينام بجانب امي ليلا حينما يذهب والدي للعمل.” هذا نتيجة لتعرضه لصدمة نموذج من قبل أمه ولم يغادر نظام الصدمة ،ما تسبب لديه في مشاكل على مستوى نظام العلاقات لديه.
تعتبر الطفولة ومرحلة النمو فترة تكوين الصدمات بحياة الشخص .فكل ألام اليوم هو نتيجة لخلل بالطفولة .وكل ردت فعل معوجة وسلبية يقوم بها الشخص اليافع الأن هي نتيجة تعرضه لصدمة عميقة ومضغوطة داخليا تسمى fray meant.
حيث يعمل العقل الباطن على تخزينها بشكل مضغط ومخفي في الجزء المخصص بالتخزين والذي يطلق عليه الأميجدالة أو اللوزة. كلما تعرض الإنسان لموقف ما مشابه للذي تعرض له في مرحلة الطفولة ؛تعمل الأميجدالة على إستعادة الصورة والمشاعر المخفية فيصدر الشخص نفس سلوكه عندما كان صغيرا.
كيف أشخص نفسي لأعرف هل أنا مصدوم أم لا؟
يشترك أغلب المصدومين في صفات و أعراض معينةمنها:
*الكوابيس والأفكار المزعجة
*الإنفصال عن الواقع والشرود المستمر .كثرة النوم المرضي
*ردات الفعل السلوكي العدوانية والعنيفة ؛الهجوم عن الأخر
*عدم القدرة على الإتصال المستمر وضعف التركيز .
*الخوف والهلع
*الشعور بالغضب والعار والمهانة. إلى جانب الإحساس بالخزي والدونية.
*إدمان الإباحيات وإدمان الأكل بشراهة.
*كثرة الكلام وكثرة الضحك الهستيري .أتذكر هنا ليلة زلزال الحوز لما خرجنا جميعا إلى العراء لاحظت صغيرتي وإبن أختي من شدة الصدمة والخوف أصيبوا بهستيريا الضحك والكلام المسترسل دون انقطاع نتيجة تعرضهم لصدمة .
لكل داء دواؤه ؛وعلاج الصدمة يكمن في العلاج السلوكي المعرفي في مرحلة الطفولة .وذلك بمساعدة مختص في العلاج بالتنويم المغناطيسي أو العلاج بالرسم أو مختص في العلاج بسجل الأكاشا او مختص في العلاج بالتنظيفات .كل هذه المستويات تساعد على التخلص من الصدمة والاستيقاظ من نوبة سباتها. فالأمر ليس سوى تعديل للماضي والتصالح مع الذات في الحاضر.