اليمن وإيران: تأثيرات الأزمة اليمنية على العلاقات الإقليمية
مما لاشك فيه وواضح لجميع المتابعين للشأن اليمني – الإيراني انه لا تزال الأزمة اليمنية تهيمن على المشهد السياسي في الشرق الأوسط، حيث يتجاوز تأثيرها الحدود الوطنية لليمن ليصل إلى علاقاتها مع الدول الإقليمية الكبرى، وعلى رأسها إيران. لقد بات واضحًا أن الصراع الدائر في اليمن ليس مجرد نزاع داخلي فقط، بل هو انعكاس لصراعات أكبر واوسع نطاقًا في منطقة الشرق الأوسط ، حيث تلعب القوى الإقليمية أدوارًا مهمة في زيادة أو تهدئة الأوضاع في المنطقة.
بقلم محمد زيدان عواد عبدالحميد خفاجي
باحث في الشؤون اليمنية الإيرانية
وكما هو واضح انه منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2014 بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ومناطق اخرى ، تزايدت الشكوك حول دور إيران في دعم جماعة الحوثي، التي أصبحت طرفًا أساسيًا في النزاع ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا وشهد النزاع تصعيدا مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/مارس 2015 عرف بإسم «عاصفة الحزم» لوقف تقدم الحوثيين ودعم قوات الحكومة المعترف بها دوليا. وعلى الرغم من نفي الجمهورية الإسلامية الإيرانية المتكرر لتقديم دعم عسكري مباشر للحوثيين، إلا أن التقارير الأممية والأمريكية أشارت مرارًا إلى وجود صواريخ وأسلحة متقدمة يُعتقد أنها من صنع إيراني في أيدي الحوثيين.
في المقابل، ترى الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن الأزمة في اليمن هي نتيجة لسياسات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، الذي يسعى إلى إعادة الحكومة الشرعية إلى السلطة. هذا الصراع بين الأطراف المختلفة في اليمن أدى إلى تزايد حدة التوترات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، حيث تسعى كل من إيران والسعودية إلى توسيع نفوذهما في المنطقة من خلال الدعم العسكري والسياسي للأطراف المتصارعة في اليمن.
بالإضافة إلى البعد العسكري، أثرت الأزمة اليمنية بشكل كبير على الوضع الإنساني في البلاد، حيث يواجه الشعب اليمني واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. وقد أدى استمرار الصراع إلى تعميق معاناة المواطنين، وزيادة الاعتماد على المساعدات الدولية، التي تواجه بدورها تحديات كبيرة في الوصول إلى المناطق الأكثر تضررًا بسبب النزاع.
اما على المستوى الدبلوماسي، تأثرت العلاقات بين إيران ودول المنطقة بشكل مباشر نتيجة الأزمة اليمنية. ففي حين تسعى بعض الدول، مثل سلطنة عمان، التي بدأت في لعب دور الوسيط بين الأطراف المتنازعة في شهر نَـيْسَان / ابريل من العام الماضي، تتزايد الانقسامات بين إيران ودول الخليج بشأن كيفية التعامل مع الأزمة. وقد أدت هذه الانقسامات إلى تعقيد الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية سياسية كاملة في اليمن.
إن مستقبل اليمن لا يزال غامضًا، في ظل استمرار الصراع وعدم وجود حل سياسي قريب. لكن من المؤكد أن تأثير الأزمة اليمنية لن يقتصر على الداخل اليمني فحسب، بل سيظل يلقي بظلاله على العلاقات الإقليمية لسنوات قادمة، خاصة في ظل التنافس المستمر بين إيران والمملكة العربية السعودية على النفوذ في المنطقة.
واخيرا، يبدو أن الحلول السياسية والدبلوماسية هي الخيار الأفضل للخروج من الأزمة اليمنية وتحقيق الاستقرار السياسي لليمن والمنطقة بأسرها. ولكن تحقيق هذا الحل يتطلب إرادة حقيقية من جميع الأطراف المعنية، سواء داخليا في اليمن أو في المنطقة بأسرها، للعمل على وقف النزاع وتحقيق السلام المستدام الذي ينتظره الشعب اليمني منذ سنوات.