حب الذات
يعتمد نظام التربية داخل منظومة الأسرة في المجتمع المغربي على الأخر أو الغير بصفة عامة سواء كان من الأسرة أو الأقرباء أو الجيران …الخ. تحت مسمى “الناس”؛ بحيث أن القيمة الوجودية للشخص يستمدها من منظومة الناس. رضى الناس وقبول الناس وتعامل الناس وكلام الناس ؛ كلها أساسيات معتمدة لتكوين شخصية الإنسان وتحقيق وجوده. وبالتالي يبقى الشخص الخارج عن التبعية والمخالف للعادة منبوذ وغير مرغوب فيه داخل المجتمع.يتم تجاهله وتفادي الإحتكاك معه.
وعليه يعيش الإنسان نصف عمره في صراع مع ذاته الداخلية ورغباته ؛ومع إرضاء المجتمع تحت مقولة “حشومة سيقول الناس عني كذا وكذا”.
إن أساس التربية السليمة التي تجعل الشخص ذو وجود قوي ومعطاء هو الإنطلاق من الداخل إلى الخارج .كل ما يبحث عنه الإنسان في الخارج متوفر بدواخله. وعليه يشكل حب الذات مرحلة عظمى ينطلق منها الشخص الواعي كمحور أساسي لتعامله مع الأخرين.
إن حب الذات هنا ليس معناه مقولة “أنا ومن بعد الطوفان “اي التكبر والأنانية. وإنما هو إعطاء الحب اللامشروط للذات وتقبلها كمنطلق لإعطاء الحب للغير وتنبني على نقتطين أساسيتين:
- الحب والتقدير اللامشروط للذات.
- تقبل الذات والتسامح معها .
عبر التسامح يتمكن الشخص من تفعيل المرونة العاطفية مع نفسه وتجاوز المراحل الصعبة في حياته. هناك عدة أسباب تمنع الشخص من حب ذاته والتركيز على الغير ؛كما ذكرت سالفا نظام التربية الأسرية المعوج المبني على إقحام الأخر في الحياة الخاصة وفي كل شيء.
ثم البحث عن كل شيء عاطفي وحسي في الخارج داخل المجتمع ومن الأخرين المحيطين بالشخص.
ينبني حب الذات على أساس وجود علاقة قوية بين الشخص وجسده المشاعري وذاته الداخليه. من خلال فهم رغباته ؛وأفكاره وأفعاله وعواطفه.
وهنا أقول أن حب الذات هو تقديم”القبول والسماح والثقة والتمكين والتحفيز ” للذات دون البحث عنهم في الخارج.
كلها أساسيات ترمز للشخصية القوية المعطاءة والناجحة التي تحظى بإهتمام ورمزية ومكانة كبيرة بالمجتمع.
وأخيرا إن كل موجود في الكون له نظام عكسي يشتغل به .وكل ما هو مرغوب فيه بالخارج يستمد قوة وجوده من الداخل .لذلك الشخص المحتضن لنفسه والمتمسك بذاته ينجوا من إفتراس الأخر .الذي كلما تمسكت به زاد نفوره منك.
وكلما قدرته زادت تقليله منك وكلما مجدته زاد كرهه لك.