التفكير الإيجابي الفعال
من بين المصطلحات الأكثر إنتشارا في مجال تطوير الذات هذا التفكير الإيجابي ،فتجد ضمن نصائح المدربين في هذا المجال والمستشارين في مجال الجلسات الخاصة جملة “فكر بايجابية “.إلا انه وللأسف الشديد بعض النصائح تطبق بشكل معوج لإستهانة الشخص بها.
إن القصد بالتفكير الإيجابي ليس اللامبالات أو العيش بمرح وفرح في مهب الريح. قد يبدوا الأمر سهلا في البداية، لكن صدقني إن أطروحة التفكير الإيجابي أعمق مما يمكنك تصوره.
في السابق من مقالاتي تحدثنا عن الفكر أنه عملية ذهنية تفيد الوصول إلى شيء جديد .وعندما نضيف للفكر مصطلح الإيجابي فنحن ننتقل من الحديث عن مجرد عملية فكرية الى ما يمكن أن نسميه بنمط الفكر .وهناك نمطين :
- السلبي
- الإبجابي
في هذا المقال سأركز على النمط الإيجابي ؛وعليه نقصد بالتفكير الإيجابي عملية ذهنية من أجل الوصول إلى نتيجة ما بنمط إيجابي ومفيد فيه خير ومنفعة للشخص.
الفكر عملية مستمرة مع الشهيق والزفير لا تتوقف ولا يمكن منعها ؛لكن يمكن حصرها وتحديدها بشكل أدق .
الأمر أشبه هنا بتلفاز يشتغل بشكل تلقائي فينتقل من عرض البرامج من قناة إلى قناة أخرى وجسم الإنسان هو المتلقي الجالس أمام التلفاز .
إذا تركت التلفاز يشتغل بشكل تلقائي ستلتقط كل شيء سلبي كان أو معوج؛ كذلك ومثال مع الفكر إذا تركته يشتغل بشكل تلقائي ستفكر في كل شيء يفيدك أو يدمرك .
لذلك لا بد أن يتم حصره والتحكم فيه ومراقبته عبر الريموت كونترول وهو نفس الجهاز الذي تستعمله للتحكم في شاشة التلفاز.
أقصد بالريموت كونترول هنا مراقبة ما يدور بدماغك من أفكار وصور ذهنية بشكل مستمر من خلال:
- عملية الإنتقاء
تفيد عملية الإنتقاء هذه إختيار والتحكم في ما يمكنك سمعه بشكل مستمر ؛وما تقرأه ؛وما تشاهده ؛ومن تجالس وتخالط في يومك.بإعتبار السمع والبصر والفؤاد أو الشعور كلهم مسؤولين عن الفكر وما يدور في الدماغ.
وإذا تعمقنا جيدا في القرآن الكريم نجد “السمع والبصر والفؤاد” تم ذكرهم في أيات تتضمن ضرورة الحصانة والحفاظ عليهم وتحمل مسؤوليتهم ؛لما لهم من أهمية في سلوكيات الفرد. يقول الله عز وجل في صورة الإسراء”إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا”. صدق الله العظيم.
- الصمت والخلوة
أعتبر الصمت كتمرين للكشف عن ما في الداخل ؛خصوصا الصمت في خلوة وعزلة بعيدة عن الضجيج و المثيرات الخاريجية .حيث يستمع الشخص لنفسه وتبدأ الأفكار في الوضوح والطفو على الصطح بشكل يمكنك أن تتحكم فيها عن طريق التفريغ. [تمرين سيتم شرحه في القادم من المقالات].توجد مقولة جميلة في موروثنا الشعبي المغربي تفيد أهمية الصمت في حياتنا وهي”تصنت لعظامك” الصمت يدخلك إلى جوفك.
- البرمجة اللغوية العصبية
البرمجة مجال واسع جدا؛ لكنني سأكتفي ببرمجة الأفكار التي تجتاح الدماغ وتسيطر على الفكر .كيف تجعلها إيجابية ؟!
يتم برمجة العقل الباطني الذي يتحكم في ماهية الفكر من خلال:
التكرار : يقال في مثل إفريقي التكرار أم المهارات ؛كل شيء تكرره في دماغك يتقرر في سلوكياتك . وعليه يتم تكرار الأفكار الجميلة والمحفزة والتي تجعلك تنتقل من مرحلة إلى أخرى. وهذه العملية تشمل ما يدور في السمع والبصر والفؤاد.بشكل عام.
التوكيدات: التوكيدات ليست حرزا او تمائم كما يقول البعض ؛هي مجموعة من الجمل التي لها علاقة بنيتك وأهدافك وما تشتغل عنه وتريد تطويره سواء”الوعي الأنثوي؛تقوية الشخصية ؛الوعي الطفولي؛العلاقات؛المال والوفرة…”
يتم كتابة جمل بصيغة المضارع في أوراق ويتم تلصيقها بالأماكن التي تلامسها لتظل في أفكارك في نفس المنحى مترابطة مع الهدف.
وهناك أيضا “التلقين” عن طريق التوكيدات وهي أن تردد جملا تفيد هدفك وتحقيقك له .
إن الحديث عن التفكير الإيجابي الفعال لا يكفي في مقال أو مقالين .وإنما يتم فهمه بشكل أعمق من خلال الدورات التدريبية والتمارين التدريبية.
وأقول أن السر وراء التحكم في الفكر ومراقبة العقل الباطني هو الرغبة في التغير .حيث تأخدك الرغبة إلى الغوص في دواخلك وفهمها بعمق دون فواصل أو عراقيل.