متصرفو الصحة يرفعون مُذكرة اقتراحية بِنَفَسِ إصلاحي
اقدمت الجمعية الوطنية لمتصرفي الصحة على خطوة جسورة، تمثلت في تقديم مذكرة اقتراحية بالغة الأهمية، تروم المساهمة في النقاش العمومي الدائر حول إصلاح منظومة الصحة. و يأتي هذا في سياق المبادرة الملكية السامية الرامية الى ادخال اصلاح شامل على مختلف مؤسسات الدولة وفي طليعتها قطاع الصحة.
كشفت هذه المذكرة عن الرؤية الاستراتيجية للجمعية الوطنية لمتصرفي الصحة الهادفة الى ادخال إصلاحات عميقة و جذرية على القطاع بما يكفل لكافة المواطنين الاستفادة من خدمات علاجية و استشفائية جيدة، و أيضا يتيح لمهنيي الصحة التمتع بكافة الحقوق التي تصون كرامتهم و تكون حافزا لهم للاشتغال بنزاهة و أريحية.
1- مطلب اصلاح منظومة الصحة.
ظل اصلاح المنظومة الصحية حلما يراود الكثيرين في المغرب، و على مدى سنوات بذلت جهود حثيثة من اجل الرقي بالقطاع، لكنها لم تستطع سد الخصاص الحاصل في المجال الصحي.
وجاءت المبادرة الملكية السامية الممثلة في اطلاق ورش الحماية الاجتماعية، بحيث ستعطي هذه المبادرة دفعة قوية للجهود الرامية الى النهوض بالقطاع الصحي. و تماشيا مع هذا التوجه الملكي، اتت المذكرة السالفة الذكر، حاملة بين طياتها تشخيصا عميقا و جريئا لواقع الصحة بالمغرب. لم تكتفي المذكرة بهذا فقط، بل اقترحت بدائل و حلول ناجعة لتحسين الولوج للمرافق الصحية و الاستفادة منها .
في الوقت الراهن الجهود منكبة على إنجاح الاوراش الملكية ذات البعد الاجتماعي و في طليعتها قطاع الصحة. والجمعية الوطنية لمتصرفي الصحة، تحث الخطى من أجل الانخراط الفعال و المؤثر في الجهود الرامية الى إطلاق اصلاح جذري و مهيكل، يرضي الجميع، و يبقى الإصلاح مبتغى تتقاطع فيه ثلاثة أبعاد أساسية و هي بعد سياسي و ثاني حقوقي و أخير اخلاقي .
البعد السياسي: شكلت الارادة الملكية السامية زخما محفزا لانخراط الجميع في ورش الحماية الاجتماعية. كمحطة أولى في مسيرة الإصلاحات الكبيرة التي يعتزم المغرب دخول غمارها.
البعد الحقوقي: يتمثل في تمكين المرتفقين من الولوج إلى خدمات صحية جيدة، و تمتيع مهنيي الصحة بحقوقهم المكفولة بموجب القانون.
البعد الاخلاقي: يتمثل في احترام أخلاقيات المهنة، و هذا أمر اساسي في انسنة المنظومة الصحية، و استحضاره في تدبير المرافق الصحية سيكسبها بعدا انسانيا مهما.
2- الرهان على الرأسمال البشري
جاءت المذكرة مؤكدة على ان العنصر البشري هو قطب الرحى في اي اصلاح منشود. وأبانت مضامين المذكرة عن الاكراهات و التحديات التي تجابه مهنيي قطاع الصحة، و حسب المذكرة فإن فئة المتصرفين تعتبر الفئة الأكثر تضررا لا من حيث ظروف العمل و تداخل الاختصاصات و محدودية الحوافز و انعدام العدالة الاجرية …الخ.
و أكدت المذكرة ذاتها على تبني مقاربة شمولية و ذات بعد تشاركي لا تستثنى فيه اي فئة مهنية. و اعتبرت ان التوافق على ترسانة قانونية تصون للمهنيين حقوقهم أمرا ملحا و ضروريا.
و في سياق متصل طالبت المذكرة بتأهيل العنصر البشري ، و تحفيز الكفاءات و توفير الحماية لها من المخاطر.
لأن الرأسمال البشري هو الدعامة الأساسية لكل اصلاح، لذا بات من اللضروري ايلاءه عناية تليق به. و تراهن الجمعية الوطنية لمتصرفي قطاع الصحة على التكوين و التكوين المستمر لرفع قدرات مهنييها. و يزخر القطاع بكفاءات متنوعة لكنها دائما ما تحتاج إلى التكوين و التأهيل لتحسين ادائها المهني و مواكبة كل ما هو جديد في قطاع الصحة.
و تعتزم الجمعية الوطنية السير قدما على النهج في مجال تعزيز قدرات مهنيي الصحة، و كذا الانفتاح على التجارب الرائدة في مجال التكوين و التكوين المستمر أيضا من داخل القطاع لرفع الحيز الزمني المخصص له، و العمل على تعبئة المزيد من التمويل المرصود للتكوين.إن الاستثمار في الرأسمال البشري سيعود لا محالة بالفائدة على قطاع الصحة.
3- الحكامة الجيدة و التخطيط الاستراتيجي مقومات الإصلاح الأساسية:
يراهن متصرفو الصحة من خلال جمعيتهم الوطنية على ادخال اصلاح شامل و جذري، يستهدف أركان الإدارة العمومية للصحة ، و ذلك على مستوياتها الثلاثة المركزي و الجهوي و الاقليمي.
و يعد الاحتكام الى حكامة جيدة وسيلة ضرورية لاحداث إصلاحات جوهرية، ستمكن دواليب الإدارة من الاشتغال بشكل فعال و جيد. والتدبير الناجع مطمح ينشده المتصرفون ليس على مستوى الرأسمال البشري و المادي فحسب بل يتعداهما الى تحديث الإدارة و تطوير ادائها.
و التخطيط الاستراتيجي سيمكن من العمل بشكل اكثر نجاعة و مردودية، و سيسهم في تطوير القطاع و مواكبته للمتغيرات. هذا العمل كله يحتاج ان يكون مسنودا بالعمل الرقابي، التتبع و التقييم و المراقبة قصد التقويم و الإصلاح. و يبقي الهدف الأسمى هو ادخال اصلاح شمولي و مندمج و لا يقبل التجزيء.
وعكست المذكرة الاقتراحية تصورا شموليا للاصلاح وفق مقاربة تشاركية ، و تجعل من تأهيل قطاع الصحة هما مجتمعيا، يتطلب تظافر جهود الجميع كل من موقعه. و ابانت الجمعية الوطنية لمتصرفي القطاع عن احاطة واسعة و وعي عميق بمكامن الخلل في المنظومة الصحية، و ذهبت ابعد من ذلك ، عندما اقترحت مقترحات للحل، و عبرت عن رغبتها الأكيدة في الانخراط بطواعية و جدية و مسؤولية في مسلسل اصلاح المنظومة الصحية.