هندام شكيب لعلج في الصين اختيار مقصود أم وعكة برتوكولية؟
جرَّ مظهر شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب،عليه انتقادات واسعة، بعدما ظهر بلباس غير تقليدي إلى جانب رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال استقبالهما من طرف المسؤولين الصينيين.
و يمثل رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الملك محمد السادس في قمة منتدى التعاون الصيني – الإفريقي (فوكاك) التي تُعقد في بكين، من 4 إلى 6 شتنبر الجاري، و الذي يحتفل هذا العام بالذكرى الرابعة والعشرين لتأسيسه، وهي منصة شراكة استثنائية بين الصين والقارة الإفريقية، مبنية على مبادئ التضامن، التعاون، واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية.
لعلج، الذي ظهر ضمن الوفد المغربي المشارك في الندوة الثامنة لرواد الأعمال الصينيين والأفارقة، المنعقدة على هامش منتدى التعاون الصيني الإفريقي، كان الوحيد من بين الوفد المغربي والمسؤولين الصينيين الذي اختار الظهور بلباس غير رسمي، حيث ظهر بقميص مفتوح الصدر، وهو ما اعتبره البعض “مخالفا للأعراف الدبلوماسية والمناسبات الدولية”.
فيما يرى البعض الآخر، عكس ذلك، إذ أن شكيب لعلج، كرجل أعمال يتميز دائمًا بإطلالته الرسمية الأنيقة، حيث يرتدي غالبًا بذلة رسمية تعكس طابعه كرجل أعمال ناجح وممثل عن قطاع المقاولات المغربي. في اللقاءات الرسمية، يحافظ على أسلوب محترم ومتوازن، مع اهتمامه بالتفاصيل التي تعكس شخصيته القيادية.
و يُفضل في الكثير من الأحيان ارتداء بدلة رسمية حديثة تعكس الطبيعة الاحترافية لمجاله الاقتصادي. في سياقات دولية مثل الاجتماعات مع المسؤولين الصينيين، يمكن أن يكون هذا الاختيار مقصودًا لتعزيز مظهر رجل الأعمال العالمي، خاصة وأن تلك اللقاءات تتمحور حول تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري.
ويبدو أن السر في عدم ارتداء لعلج للزي التقليدي المغربي قد يرجع إلى الرغبة في التكيف مع الثقافة الدولية للأعمال والتجارة التي تميل إلى الرسمية الغربية، خاصة في الدول التي تكون فيها البروتوكولات الدبلوماسية أكثر رسمية وتوجه نحو اللباس العالمي بدلاً من التقليدي. علاوة على ذلك، هذا يمكن أن يعكس صورة الحداثة والانفتاح الاقتصادي، والتي يسعى لعلج لتعزيزها خلال مثل هذه الزيارات.
وفي نفس السياق، اجتمع شكيب لعلج مع رئيس الحكومة المغربية، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الصينيين رفيعي المستوى، بهدف تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين المغرب والصين. هذا الاجتماع جاء في سياق حرص البلدين على تعزيز العلاقات الثنائية وزيادة حجم الاستثمارات والمبادلات التجارية، حيث تعتبر الصين شريكًا اقتصاديًا مهمًا للمغرب.
في هذا اللقاء، كان لعلج ملتزمًا بتشجيع الشركات المغربية والصينية على استكشاف فرص استثمارية جديدة، وتوسيع التعاون في مجالات مثل الصناعة، التكنولوجيا، والطاقة المتجددة. تم التركيز بشكل خاص على تعزيز التعاون في إطار مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، التي تهدف إلى بناء بنية تحتية عالمية تربط الصين بالعديد من دول العالم، بما في ذلك المغرب.
أما بالنسبة لعزيز أخنوش، فهو رئيس الحكومة ويمثل الدولة، وقد يكون من الطبيعي أن يرتدي الزي التقليدي المغربي في مناسبات معينة كرمز ثقافي ووطني. ولكن في السياقات الدولية الرسمية، غالبًا ما يرتدي المسؤولون المغاربة ملابس رسمية حديثة كالبذلات الغربية، مثل تلك التي يرتديها لعلج، وذلك لأن الاجتماعات الاقتصادية الدولية تتطلب غالبًا شكلاً من الاحترافية المعترف بها عالميًا.
نمو المبادلات التجارية المغربية الصينية
قيمة المبادلات التجارية بين المغرب والصين شهدت نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة نتيجة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
في عام 2022، بلغ حجم التبادل التجاري بين المغرب والصين حوالي 85 مليار درهم مغربي (حوالي 8.5 مليار دولار أمريكي)، حيث تميل الميزان التجاري لصالح الصين بشكل كبير.
- الصادرات المغربية إلى الصين: تتركز بشكل رئيسي في المنتجات الزراعية، الفوسفات ومشتقاته، وبعض المنتجات الصناعية. رغم أن الصادرات المغربية إلى الصين لا تشكل نسبة كبيرة من إجمالي التجارة بين البلدين، فإن هناك جهودًا متزايدة لتوسيع قائمة المنتجات المصدرة.
- الواردات المغربية من الصين: تشمل المعدات التكنولوجية، الأجهزة الإلكترونية، المنسوجات، السيارات، والمواد الخام. الصين تعتبر واحدة من أكبر الموردين للمغرب في هذه القطاعات.
وازداد التعاون بين البلدين في إطار مبادرة “الحزام والطريق”، التي تهدف إلى تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية بين الصين وعدد من الدول بما في ذلك المغرب، من خلال تطوير البنية التحتية وتعزيز الاستثمارات المشتركة.
ويسعى المغرب أيضًا لجذب المزيد من الاستثمارات الصينية، خاصة في مجالات الصناعة والطاقة المتجددة، حيث توجد مشاريع مشتركة بين البلدين مثل مشروع مدينة محمد السادس طنجة-تيك، التي تهدف إلى أن تكون منصة للصناعة والاستثمار الصيني في إفريقيا.
أكثر من 80 شركة صينية في المغرب
شهد عدد الشركات الصينية في المغرب ارتفاعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة مع تعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. وفقًا لأحدث البيانات المتاحة حتى عام 2023، يوجد أكثر من 80 شركة صينية تعمل في المغرب. هذه الشركات تنشط في مجموعة متنوعة من القطاعات، بما في ذلك:
- البنية التحتية والإنشاءات: تعتبر شركات البناء والهندسة الصينية من أبرز المستثمرين، حيث تشارك في مشاريع كبيرة مثل مشروع مدينة محمد السادس طنجة-تيك، والمشاريع المتعلقة بالطرق السريعة والموانئ.
- الطاقة: تعمل شركات صينية في تطوير مشاريع للطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ضمن إطار سعي المغرب لتوسيع قدراته في هذا المجال.
- التكنولوجيا والاتصالات: بعض الشركات الصينية مثل هواوي وZTE لها حضور قوي في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المغرب.
- الصناعة والتصنيع: تستثمر الشركات الصينية في قطاعات مثل تصنيع السيارات والإلكترونيات، مع خطط لتعزيز الصادرات نحو الأسواق الأوروبية والإفريقية.
تسعى هذه الشركات إلى الاستفادة من الموقع الاستراتيجي للمغرب كبوابة لأفريقيا وأوروبا، ومن البيئة الاستثمارية الجاذبة التي يوفرها.