جميع الطوائف و أوهامها العقدية، و تقاليدها الفلكلورية، في مجتمعات الشعوب، في العالم و في التاريخ، هي من إنتاج و صناعة و توظيف أنظمة و إدارات دول تلك الشعوب، و هي لذلك، ضحيتها، أكثر منها، احتماء أو بالأحرى، امتيازا، و لعل اليهود، هم أهمها و أعرقها و أخطرها، و التي تم إعادة إنتاجها، من قبل جميع الطبقات التي سادت، و في جميع مراحل التاريخ، و حتى يومه، و بالرغم من أن التصنيف الطائفي، مثل القبلي و العائلي.
يتم على أساس عمودي، يعزلهم عن شعوبهم ( عقديا، معاشيا، سكنيا و فلكلوريا) فإنهم يشتركون معهم، في التصنيف الأفقي، الإجتماعي- الطبقي، و الفرق ينحصر، فقط في كون أسياد النظام و أسياد الطوائف، يشكلون طبقة واحدة، توزع الأدوار في ما بينها، و يتواطئان معا، و بحزم و صرامة، على عزل كادحيهما عن بعضهما البعض، بل و على تعميق و ترسيخ العداوة و العنصرية، إديولوجيا و الحرب المادية و الجسدية بينهما، و ذلك حتى لا يتواصلان و يتعاونان للتحرر من اضطهادهما من قبل نفس النظام و نفس الأسياد.
من حيث التاريخ، فإن فرض العزل الطائفي على اليهود، و تهجيرهم، ثم حرمانهم من إقامة دولة تحميهم معاشا و اعتقادا، تم من قبل الأنظمة العبودية- الوثنية السائدة و التي كانت محيطة بهم، فتحولوا إلى قبائل رحل رعوية و حرفية- تجارية ( لا فلاحية، إذن لا استقرار، و لا دولة) إذن شتات في الأرض، عمليا طائفية، و متاجرة في الممنوعات و المحرمات ( السحر، الشعوذة، الملاهي و مستلزماتها…) و الأعمال القذرة ( التجسس، الربا) و الإشراف على تبادل الإمتيازات، السلعية، حسب الجغرافيات الإقتصادية المختلفة و المتنوعة، تلكم الوظائف، التي وظفوا لها، تمت استجابة لحاجيات الطبقات السائدة و الحاكمة للمجتمعات التي عاشوا في أكنافها، أو على هوامشها، و أخطر كل ذلك، كان وظيفة المتاجرة في النقود و بالتالي ( الربا) الذي قام عليه تجارهم و الذين كانوا هم أنفسهم، أحبارهم؟
لقد نشأ علم الحساب و فن الكتابة، و صناعتهما ( كاغيد، حبر و اقلام…) في حضن التجار و لوازم التجارة، و ذلك قبل و خلال تأسيس إدارات الدول، و أهمها على هذا الصعيد، كانت مصر الفرعونية، و التي تم تهجير اليهود منها أصلا، نحو متاهات الشتات… مزاياه و آلامه، من هنا انطلق التحريف التلمودي للتوراة، و إذن لليهودية الأصلية، أو القويمة ( الصحف الأولى، صحف إبراهيم و موسى…) ثم عيسى و محمد ( عليهم السلام جميعا).
لقد تحول الأحبار إلى تجار، و العكس، و بهدف شرح التوراة و المحافظة عليها، تم شرح احكامها، في ذات المتن، نظرا لندرة الورق و غلائه، و كذا لتقليل أحجامه من أجل تسهيل إخفائه عن أنظار الوثنيين الحاكمين، أعداء الله و الدين و التوحيد، و أخطر ذلك كان تأويلهم المغرض، و المفهوم عهدئذ، لتحريم الربا، بأنه يخص المؤمنين بالله فقط، و لا يعم غيرهم من الكفار الأميين و الوثنيين، هذا السلاح ( الربا) الحمائي و الإستقوائي و المقاوم، من قبل المستضعفين، أجدادنا الأوائل من المؤسسين للإيمان بالوحدانية، هو الذي سيمسي، في جدلية تاريخية طويلة و معقدة، إلى ( شر مطلق) حتى اليوم، سيحول اليهود إلى طائفة و إلى عنصريين، و يحول الأحبار إلى محض تجار، و التجارة من تبادل الإمتيازات، إلى ربا و أداة غش و نفوذ و سيطرة…لإدارة الدول الإمبراطورية، ثم الإمبريالية… و حول اليهود من دعاة اخيار، إلى جماعات طائفية وظيفية، في خدمة دولة الإستعباد، ثم الإستقطاع، ثم الإستغلال الرأسمالي الحديث…و الراهن.
لقد حاول أنبياء و مصلحون يهودا، أن يصلحوا، كان أعظمهم السيد المسيح، غير أنهم اضطهدوا من قبل الأحبار، أو الدول، أو هما معا، بمن فيهم عيسى الذي مسخه أتباعه اليهود إلاها؟ ثم جاءت مرحلة الدعوة الإسلامية، و حاول ( ص) تقريبهم و إشراكهم، بميثاق المدينة اولا، ثم بدعوة ( السوائية) ( تعالوا إلى كلمة سواء…) و لم يفلح، ذلك لأن أحبارهم كانوا مستفيدين من الوضع القبلي- الطائفي القائم، و الفوضى و الحروب الناتجة عنه، و التبعية لإمبراطوريتي الفرس و الروم.
و مع فتوح البلدان، توافق أغلب الفاتحين مع الأحبار، على المردود المزدوج للجزية، على الطرفين، بدل إلتحاق المستضعفين منهم بالإسلام؟
لم تتوقف محاولات الإصلاح و الإدماج، غير أنها أفشلت جميعها من قبل نفس الجهة، التجار الأحبار، و الإقطاع الحاكم، بما في ذلك حالتي المرابطين ثم الأندلس، سياسيا، ثم عقديا و ثقافيا من قبل ابن ميمون، التلميذ النبيه لإبن رشد، دون طائل؟.
تمهيدا للحداثة، و تدشينا لعصرها، ساهم فلاسفة يهود، في البعد الإصلاحي للدين و التدين لفكرها و لمجتمعاتها و دولها، و أهمهم، كان اسبينوزا و ماندلسون، و جوهر ذلك كان عقلنة الدين، و التحرير المزدوج للعقيدة من السياسة، و بالعكس؟!.
أي ما يعرف بالعلمانية، و هذه كانت جذر ما يعرف بالصهيونية، تماما مثل حالة البروتستانتية نسبة إلى المسيحية الكنسية، و الفرق بينهما، أن الإصلاح الكنسي جاء من داخل المسيحية، في حين أن الإصلاح الصهيوني لليهودية التلمودية، جاءها من خارجها، من الثورة الفرنسية، و من أهم رموزها القائد الحداثي العظيم نابليون، و هو الذي تكفل بنشر قيم و مبادئ و أهداف الثورة البورجوازية الفرنسية، في أوروبا و المشرق العربي : تأسيس أوطان الشعوب، بديلا للقبلية و الإقطاعية، و الدولة المدنية عوض الدينية و الحكم بالقانون و ليس الله أو الدين المفترى عليه أيديولوجيا و سياسيا، و تأسيس المجتمع المدني، و تحرير الفلاحين و النساء، من نظام القنانة … إلخ
في هذا السياق، طرح نابليون، مسألة تجميع اليهود (=دولة) و اعتبارهم شعبا، بناء على ما يوحدهم ثقافيا (= فلكلوريا) لا عقديا، و من تم حل مسألتهم المزمنة؟ و إدماجهم كقومية في المجتمع العالمي و الدولي الجديد.
الصهيونية، إذن أطروحة إصلاحية حديثة و حداثية، اقتحمت اليهودية من خارجها، محاولة إدماجها و عقلنتها و علمنتها و تحريرها من ( أساطير الأولين) و خرافاتهم، و من العنصرية، و الإنعزالية، و عبادة الأحياء ( الأحبار) فضلا عن الموتى (الأضرحة و القبور) و هو ما حصل لاحقا في الإتحاد السوفياتي، ودولتهم الخاصة فيه حتى يوم الناس هذا؟ (زمن مرحلة ستالين) و لم يخلق مشكلا لأحد؟.
من جدليات الفكر و التاريخ، أن أوروبا النهضة و التنوير، اضطرت، و هي تصارع أيدولوجيا الإقطاع الظلامية السائدة، إلى العودة إلى التراث الفلسفي اليوناني، و القانون الروماني و الفلكلور… و لكن أيضا إلى ما أسمته ( العهد القديم) أي التحريف التلمودي، و بقايا الوثنية في التقليد اليهودي، أهم ذلك كان البعد البشري للإلاه في اليهودية، و البعد الإلاهي لأنبيائها، و قواعد و طرق التجارة، خاصة تحليل البيع و الشراء في النقود و إقراضها ( الربا) إن بعض ذلك، هو ما سهل تهويد المسيحية (= البروتستانتية) و من تم الإنتصارات الأيدولوجية للبورجوازية، ثم قيامها بثوراتها المتلاحقة، انطلاقا من القرن السابع عشر في إنجلترا ( كرومويل) بلوغا للثورة الفرنسية، ثم نابليون و فتوحاته السياسية والعسكرية ضدا، على الأنظمة الإقطاعية للقرون الوسطى.
مع انتهاء الرأسمالية إلى أزمات السوق و العمل
و تحولها إلى الإحتكار و التوسع و الإستعمار، تحول معها كل شيء، ومن ذلك تحولت الصهيونية من تحرير إلى استعباد، و من وهم (دولة وطنية) إلى ( دولة) إستعمارية وظيفية، و من مواطنين، إلى مرتزقة، و من تجار و حرفيين، إلى جنود، و من ملاحات وطنية، إلى ملاح عولمي، عبارة عن قواعد عسكرية و استخبارية و توسعية و عدوانية…و من ( دولة) علمانية حديثة، إلى ( دولة) دينية، تذكر بالقرون الوسطى الظلامية، إذن إلى مسخ، و إلى مصاصي دماء ( دراكولا) أو فرانكنشتين؟.
انتبه المؤسس ( بن غوريون) و تواصل مع ع، الناصر في 6 رسائل متبادلة، تنبيهية و تحذيرية، تمكنت منها CIA و الشاباك التابع لها، فاعتقل ( الرئيس) في مستشفى للعجزة، على أنه خرف، و ما كان ممكنا لهم اغتياله، و هو من هو، بالنسبة لهم؟.
كان رابين أهم تلامذته، اغتيل من قبل النتن و بن غفبير، لأنه اقترف جريمة السلام، و قبل بالتعايش مع دولة فلسطينية، حسب أوسلو، و قاتله الارهابي، وضع على قبره ضريح، و أضحى بذلك وليا، و نفس الأمر مع شارون، إثر انسحابه من غزة 2005، اعتبر مجرما، لتنازله، عن الأرض التي وعد الله بها شعبه المختار، و لأنه بطل ( وطني) اعتبر في ( منزلة بين منزلتين) و أجل الحكم عليه إلى الآخرة، و ترك في تعذيب موت سريري، 10 أعوام، تخفيفا عليه من عذاب الآخرة، و دفن بليل، في قبر مجهول، حتى لا يزار، و نفس الأمر بالنسبة إلى رابع رموز الصهيونية، ( أولمرت) الذي أودع السجن، 4 أعوام، في تهمة أخلاقية مهينة؟.
مرة أخرى، الجدلية التاريخية تشتغل، إن ما كان إيجابيا في العودة إلى التراث ( التقليد الفلكلوري) اليهودي، في شرط نهضة و تنافسية البورجوازية الأوروبية، أضحى على النقيض في مرحلتها الإستعمارية، و ذلك بإختيار إنجلترا فلسطين أرضا لإقامة الكيان، و ذلك لتحقيق أهداف لا علاقة لها بمصالح اليهود، و لا أحرى بالأوهام الإصلاحية للصهيونية الأصلية، و نفس المأساة تحصل اليوم بما هو أفظع و أخطر، و ذلك بالإرتداد عن الخيار و الرهان الصهيوني جملة، و الردة نحو ( الدولة اليهودية الدينية) من جهة، و فرض التأويل التلمودي للتوراة بما يؤدي إلى التماهي، بله التطابق مع أيديولوجيا التوحش و التهتك …
في راهن الرأسمالية، خاصة، الأمريكية.
إن البورجوازية الرأسمالية، التي أنتجت الصهيونية، ثم الكيان، ثم التوسع و العدوان ( …67) ثم التطبيع، ثم ( حل الدولتين…) هي نفسها اليوم، التي تمارس همجية التطهير، بالقتل و التهجير، و إعادة تخريط المشرق، بما يلائم مصالح إمبريالية دول التحالف الأطلسي، و ليس اليهود، و لا اليهودية، و لا أحرى الصهيونية، التي تم تهميشها إلى ( معارضة) بل و الإجهاز عليها مطلقا ( عدا مسألة المحكمة العليا) فما بالكم باليهودية التوراثية، الذي فرض عليها التجنيد، هي التي ترفض أصلا و فرعا، إقامة دولة قبل هبوط المسيح، تمهيدا للقيامة؟
كل أنواع التراث و الفلكلور الموروث، تشبه، نسبة للأيدولوجيات الطبقية المختلفة ( مطرح نفايات) صالح للإستعمال و التوظيف و إعادة التدوير من قبل جميع الأيديولوجيات الرجعية في المجتمعات و التاريخ، و هذا ما حصل و يحصل لليهودية، يد الإستشراق الإستخباري الغربي ( الأمريكي خاصة) اليهود فيه ضحايا، نظير العرب و الفلسطنيين، و حكامهم ( الجنرالات و الأحبار) محض مرتزقة منفذين لمخططات و اوامر الأطلسي، و ساكنة الكيان ليسوا سوى مرتزقة ( دواعش يهود) ينوب كل فرد منهم، سنويا، من خلال المساعدات، ما قدره 18 ألف دولار ، لم و لن يجدوها في مواطنهم الأصلية المفلسفة و المأزومة؟
إن ما يسمح بتفسير هذه الظاهرة، المتمثلة في تعدد و تنوع الإستثمار و التوظيف الأيدولوجي-السياسي للإرث اليهودي من قبل الرأسمالية الغربية، حسب حاجياتها و مراحل تطورها، هو حالة الشتات اليهودي الممتد أمكنة، و العريق ازمنة، الأمر الذي أغنى مكوناته، الأسطورية و الخرافية و السحرية… و سمح بذلك، لجميع الطبقات التي حكمت في التاريخ، أن توظفه و توظفهم من خلاله، لخدمة مصالحها الخاصة، على حسابهم، و لكن من خلال تجارهم و أحبارهم، و أضافوا حاليا ( جنرالاتهم) الكذبة و المزورين، فهم في حقيقتهم، ليسوا سوى كراكيز، و ممثلين و مصرحين…و همج…أما القيادة الحقيقية فهي أطلسية حصرا،
إنه لا يعقل أن يفسر التاريخ و تحلل السياسات بالأديولوجيات، فهذا فساد نظري و منطقي كبير، إذ العكس هو المطلوب، تفسير الأوهام و الخطابات التبريرية و التضليلية الأيديولوجية، بالسياسة الممارسة و بالتاريخ الراهن و بالصراعات الدولية المعاصرة، لا بالتأويلات الدينية و التراثية المتوارثة.
رغم كل هذه الدلائل و الحجج، المعلنة صراحة من قبل المعنيين بها، فضلا عن الوقائع و الأحداث الصارخة بها، من قبيل قرارات الكنيسيت، أو صراعات الإعلام و الشارع…إلخ، يصر الكثيرون في أوساطنا على :
1 أن الأطلسي مجرد داعم أو مشارك
2 أن أيديولوجيا العدو، هي الصهيونية، و ليس التأويل المتوحش لليهودية من قبل التلموديين؟
يحدث هذا لا من قبل إستشراق و إعلام المخابرات الغربية CIA فقط، بل أيضا و الأسوأ و الأخطر من قبل التيارات الفكرية و السياسية الإسلامية، و الليبرالية القومجية، و بعض اليسار المغشوش؟ المفترض فيه ( التحليل الملموس للواقع، كما هو)
نستطيع فهم و تفهم حالة الفلسطنيين عموما، و اضطرارهم، إعلاميا، لدرأ اتهامهم بسلاح ( اللاسامية) إذا هم تفوهوا بلفظ ( اليهود أو اليهودية) فما بال الآخرين، ان لا يفصحوا عن الحقيقة كما هي، و ( الحقيقة ثورية دائما) و ( السياسة الحقيقية، هي سياسة الحقيقة)؟!
بالنسبة للبراليين العرب، فالسر يكمن في ( التقليدانية) للإستشراق ( الليبرالي الأمريكي) و عمالتهم المباشرة و غير المباشرة للسيئة، أما الإسلاميون، فالليبراليون منهم يشملهم الحكم السابق، أما التقليديون منهم، فلأنهم مسلمون تلموديون، يناهضون الصهيونية لعلمانيتها، أكثر من اعتبار استعماريتها، و بين هذين ضاعت البوصلة، ( الحقيقة)، و صواب الشعارات للمسألة اليهودية، تاريخ، لا يرتبط بهم و بإراداتهم، بقدر ارتباطه بالمحتمعات و الدول التي عزلتهم، و وظفتهم ضدا على خصومها و اعدائها، و وجهت تجارهم و أحبارهم…لتأويل تراثهم، بما يخدم أغراض تلك الدول و تلك الشعوب، و آخرها الأنظمة الرأسمالية السائدة اليوم، بنمطي الإستعمارين القديم و الجديد، مندمجين في بعض جغرافيات العالم الراهن، أهمها فلسطين ( و حالتا سبتة و مليلية و الجزر…)
إن المسألتين اليهودية و الفلسطينية، مرتبطتان، تأسيسا، و حلا، بالنظام الرأسمالي الإستعماري السائد عالميا، مركزه ( حلف الأطلسي) و قائده ( CIA)، و الكيان أداة من بين أدوات له كثيرة، و لا يتصور لذلك أن تكون مقاوما له، و حليفا لسيده الأمريكي، في نفس الوقت، و هذه اهم معضلات و معيقات التنظيمات و الدول الرأسمالية، التي تتوهم إمكان الجمع بين فضيلة المقاومة، و واقع التبعية للأطلسي، كما هو حال تركيا، و عموم ( الإسلام السياسي)، و الجهادي كما الإجتماعي و الصوفي- الإحساني و الثقافي… من ذلك مثلا، تمكن التأويل التحريفي، ثم الإستشراقي المغرض لنصوص التوراة، خارج سياقاتها التاريخية، حول أفضليتهم، مقارنة إلى الهمج و التوحش الذي كان محيطا بهم، و يتهددهم، إلى ( عنصرية) سيحصل استنساخها اسلاميا، في موقف عدائي مطلق و لا تاريخي، من اليهود، بل و أحيانا من اليهودية نفسها، ضاربا بالأرض آية ( إن هذا لفي الصحف الأولى، صحف إبراهيم و موسى) فضلا عن إسلام التاريخ، حيث كان تعاون المسلمين و اليهود، سرا من أسرار نهضة و سيادة المسلمين في التاريخ و حضاراته، بذلك و بغيره، نجحت الإسرائيليات، ثم الإستعمار عن طريق الإستشراق، في تحويل التعاون إلى تناحر، و التعايش إلى حروب، و التحالف إلى عداء إستفادت منه الرأسمالية الإستعمارية و الإنجيلية الصهيونية، و الكنيسة الكاثوليكية، و المخابرات الأطلسية و المجمعات الصناعية العسكرية الغربية و البنوك و التجارات الربوية، و عندما انتبه، ناصر و بن غوريون، متأخرين، إلى بعض ذلك، صدر الحكم أمريكيا بإغتيالهما، و نفس الأمر بالنسبة إلى رابين و عرفات و حل الدولتين، الإنتقالي حكما، لقد كان الأطلسي هو من حاربه، أكثر من العرب أنفسهم.
من أهم مصادر القوة في المواجهات السياسية و العسكرية، هو التعرف على تناقضات الأعداء، و من تم استغلالها، بتعميقها و تفجيرها، و نحن نصنع العكس؟
في المجتمع اليهودي يفلسطين، لم يعد تمة يمين و يسار حقا، كما كان ذلك، نسبيا زمن ( ماتزبن) غير ان ذلك لا يعني بحال، عدم وجود تناقضات، حقيقية، عميقة بل و انتحارية، بين أطرافها، لا يغطيها سوى الإنفاق الأطلسي السخي، و لكن بالمقابل، فإنها لا تجد من قبلنا من يغذيها و يثيرها و يدعم شروط انفجارها، سواء ثقافيا و ماديا، أو إعلاميا في الداخل، كما بالأحرى في الغرب نفسه، و ذلك خلاف ما تقوم به و بنجاح جهات أخرى دولية ( إيران، روسيا، الصين…)