ماكرون يعين بارنييه واليسار يصرخ.. سرقوا الانتخابات وجابوا رئيس بونجور
في مشهد سياسي يغلب عليه الطابع الهزلي، شهدت فرنسا اليوم مظاهرات حاشدة مطالبة بعزل الرئيس إيمانويل ماكرون بعد قراره تعيين الوزير اليميني السابق ميشال بارنييه رئيسًا للحكومة.
وبالنسبة لليسار الفرنسي، كان هذا التعيين بمثابة الصفعة القوية في وجه الإرادة الشعبية التي عبّرت عنها الانتخابات التشريعية الأخيرة، والتي شهدت فوز تحالف اليسار بقيادة جان لوك ميلانشون.
لكن ما الذي أثار غضب اليسار وجعلهم يرفعون شعارات ساخرة مثل “سرقوا الانتخابات وجابوا رئيس بونجور!”؟ في الواقع، هذا التعيين لم يكن مجرد خطوة سياسية بل كان بمثابة ضربة قاضية لآمال اليسار في تغيير مسار الحكومة.
وبالنسبة لحزب “فرنسا الأبية”، تعيين بارنييه الذي يعرف بخلفيته المحافظة يُعدّ بمثابة تجاهل صارخ لأصوات الناخبين الذين صوتوا لتحالف اليسار في الانتخابات.
وقد حاول ماكرون، بأسلوبه الدبلوماسي المعتاد، إقناع الفرنسيين بأن هذا التعيين يهدف إلى تحقيق الاستقرار، ولكن يبدو أن اليسار لم يقتنع بعبارة “بونجور استقرار” التي ترددها الحكومة.
تجمع الآلاف في ساحة الباستيل في باريس، أحد أشهر رموز الثورة الفرنسية، حيث تحولت الأجواء إلى شبه كرنفال سياسي وسط شعارات مثل “لا لتجاهل خيار الشعب” و”ماكرون، أين أذنيك؟”.
اللافت في هذا المشهد هو أن ميشال بارنييه لم يكن يترقب استقباله بهذه “الحرارة”، فقد كان منشغلاً بمحاولة تهدئة الأوضاع ووعد بأنه “سيستمع” لمطالب الشعب.
ولكن يبدو أن المحتجين لم يتأثروا بكلماته، بل ردوا عليه بسخرية قائلين: “استمع أو لا تستمع، الحكومة لم تعد تمثلنا!”.
لكن وسط هذه الفوضى، لم يغب دور اليمين المتطرف الذي وقف يراقب من بعيد.
زعيم “التجمع الوطني” جوردان بارديلا لم يفوت الفرصة ليحذر بارنييه بأن حكومته الجديدة تحت المراقبة.
وبعبارة “نحن نراقبك”، أوضح أن اليمين المتطرف لن يقبل إلا بتضمين أولوياته، وعلى رأسها قضايا الأمن والهجرة.
يبدو أن المشهد الفرنسي قد تحول إلى مسرحية سياسية من نوع جديد، حيث الجميع يحاول فرض إرادته على الآخر.
ماكرون يسعى للسيطرة، اليسار يصرخ “سرقوا الانتخابات!”، واليمين المتطرف يطالب بنصيب من الكعكة السياسية.
وفي هذا الخليط الفوضوي، تبقى فرنسا بانتظار ما سيحدث في الأيام المقبلة، بين احتجاجات في الشوارع ومناورات داخل البرلمان.
هل سيصمد بارنييه؟ أم أن حكومة “بونجور” ستسقط تحت وطأة الضغوط المتزايدة؟