الكذب والخداع في علاقات العشق والغرام الإلكتروني
بسطت العولمة ووسائل التكنولوجيا الحديثة أجنحتها لتطال جوانب عدة في الحياة اليومية للناس، واخترقت كافة أقطار العالم عبر أدواتها المختلفة، وها هي اليوم تتكاثر وتتكاثف لتخترق القلوب عبر شاشة “الكومبيوتر”، وباتت تطرق الباب من دون استئذان. إنه “العشق والغرام والحب عبر الإنترنت” الذي يغزو مجتمعاتنا ويفرض سلطته وقوانينه على العشاق.
وتختصر الشاشة المسافات بعيدة كانت أم قريبة… يجلسون خلفها، يتحادثون، يدردشون لساعات طويلة، يتبادلون المشاعر والعواطف الجياشة… إنها الشاشة الذكية التي تمتص كافة الأحاسيس والمشاعر وتخبئها في جوفها من دون أن تفشي أي سرٍّ لأحد.
على الرغم من المساحة الواسعة التي توفرها هذه الشاشة الحميمة إلا أنها تملك بعض المساوئ وأبرزها:
1- الضرر الجسدي الذي تسبّبه الجلسات الطويلة خلف الشاشات من ألم في الظهر والكتف وضعف النظر مع الوقت.
2- خيبة الأمل التي تنتج بعد فشل العلاقة أو المحادثة.
3- إنّ هذه المحادثات عندما تطول تعطي عدم الشعور بالثقة الكبيرة بالنفس لأنّ المتحدّث لم يجد الحب الحقيقي على أرض الواقع، منعزل في بعض الأحيان ولا يستطيع أن يظهر ما بداخله إلا عبر الشاشة.
4- التفكك الأسري الناتج عن تعلق المدمن بالمحادثات وعدم مشاركته عائلته أبداً.
وتنقل المحادثات الإلكترونية أصحابها الى جوّ حالم ومليئ بالرومنسية، لكنها فيما بعد تكشف أحياناً الخبايا والخفايا التي كانت مركونة في الزوايا. كثيرون أحبوا بعضهم عبر “الإنترنت”، لكنهم بعد فترة زمنية عرفوا بعض الحقائق عندما كشفوا حلقة الخداع والكذب. تتعدد الخيانات، وتتفكك هذه العلاقة وربما تؤدي الى الإنفصال بسبب عدم وجود أي نوع من الثقة المتبادلة بين الطرفين. ربما يعود أحد الأسباب الى طبع الشاب أو الفتاة الذي يمتاز بتعدد العلاقات المخفية، أو منهم من لا يستطيع الإستمرار في علاقة واحدة، أو لأسباب أخرى غيرها. في هذه الحالة فإنّ الحب قد بُني على قاعدة قابلة للإهتزاز لأنّ الشاب قد عُجب بفتاة اليوم وغداً سيعجب بأخرى والخيارات تتعدد طالما طريق الحب مشرّعة ومباحة أمام الجميع وطريقة التعارف مفتوحة وقابلة للكل وهنا يضيع الحب “الإلكتروني”.
موجودان دائماً ومنتشران بشكل كثيف من دون حدود، فلا يوجد رادع أساسي يمنعهما إلا إرادة الشخص وحده. على الرغم من وجودهما إلا أنه توجد علاقات عاطفية وغرامية قد نجحت عبر التحادث الإلكتروني وما زالت مستمرة، لأنها من الأساس بُنيت على قاعدة ثابتة حديدية، قوامها الصدق، الإقتناع، الحب والصراحة.
ودخلت مهنة الكترونية جديدة ميدان العمل، غزت المواقع الإلكترونية العديدة الشبكات العنكبوتية وفرضت نفسها بشكل قوي، إذ بات لهذا النوع من الزواج والتعارف مواقع الكترونية خاصة، وخُصّص أفراد يعملون على هذا الموضوع يومياً ويراقبون كافة التطورات. يشترك فيها الفرد ويضع جميع بياناته الشخصية بالإضافة الى المواصفات التي يطلبها للحصول على الشريك الآخر، ويجري البحث عن مطلبه. تبدأ مرحلة الإختيار وتكثر أوقات المحادثات، وتنتقل فيما بعد الى مرحلة التلاقي للتحادث على أرض الواقع. من هذا المفترق تستمر العلاقة أو تنقطع أو ربما لا تتعدى نوع الصداقة فقط.
ولهذه المواقع الإلكترونية المتخصصة بالزواج والتعارف سلبياتها وإيجابياتها، فهي ربما تشكّل وسيلة تكون مستحدثة في التعارف والإلتقاء الودّي وتساهم في تقريب المسافات بين الأحباب لكنها في أحيان أخرى تدخل معترك الخداع إذ يسجل الفرد الواحد أكثر من حساب شخصي له في مثل هذه المواقع.