قال قائد عسكري سابق في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، الجمعة، إن مكمن الخطورة والعامل الأهم في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ليست في الصواريخ أو القوة البشرية التي تمتلكها حركة حماس، بل الأنفاق المحفورة تحت الأرض بطول يتجاوز 643 كيلومترا.
وأضاف أن حركة حماس -بمعاونة إيران- استخدمت تلك الأنفاق في تدريب مقاتليها وتجهيزهم، ومنها انطلق هجومها في السابع من أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل.
وفي مقاله التحليلي بموقع وكالة بلومبيرغ للأنباء، أفاد جيمس ستافريديس -وهو أدميرال متقاعد في البحرية الأميركية وقائد أعلى سابق لحلف الناتو- بأن الجيش الإسرائيلي نشر الآن كتيبا صادره من حماس في عام 2019 يبيّن بالتفصيل كيف سعت الحركة الفلسطينية إلى رفع قدراتها القتالية إلى أقصى حد والتي بنتها “بشق الأنفس” تحت الأرض وبعيدا عن الأنظار.
وأوضح أن الحركة دربت قواتها على القتال في تلك البيئة المعتمة في جوف الأرض ذات الأبواب الواقية من الانفجارات، وذلك باستخدام نظارات للرؤية الليلية وأجهزة تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، وتكتيكات التمويه المتقن، ودربت قواتها أيضا على الاشتباك في فترة زمنية قصيرة للغاية. واستطاعت حماس بذلك أن تنشئ ساحة معركة مختلفة تماما عن ميادين القتال التقليدية على سطح الأرض.
ووفقا لكاتب المقال في تحليله، فإنه ليس من السهل تصديق أن حماس فعلت ذلك في “لحظة إبداع فريدة” تكشف عن نمط جديد من الحرب، فاستخدام الأنفاق في الحروب له تاريخ طويل.
والسؤال اليوم -برأي ستافريديس- هو كيف للتقنيات المتطورة التي ظهرت حديثا أن تعزز هذا النمط القديم من القتال؟
وماذا يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها فعله؟
يقول الكاتب -الذي يعمل حاليا نائبا لرئيس الشؤون العالمية في مجموعة كارلايل، وعضوا في مجلس إدارة شركة فورتينيت ومجموعة أنكورا الاستشارية- إن الأنفاق لعبت دورا مهما في الحربين العالميتين الأولى والثانية.
ففي الحرب العالمية الأولى، على سبيل المثال، زرعت قوات الحلفاء ألغاما متفجرة قوية تحت الخطوط الألمانية. وفي الحرب العالمية الثانية، بنى الجيش الإمبراطوري الياباني شبكات أنفاق كثيفة على العديد من الجزر التي سعى إلى الاحتفاظ بها ضد القوات الأميركية الغازية.
واليوم، ربما يكون النظام الأكثر تعقيدا للأنفاق المخصصة للحرب موجودا في كوريا الشمالية، وهي مدفونة على عمق كبير، وربما لا تخترقها حتى أضخم القنابل التقليدية أو الصواريخ فهي من المتانة بمكان، كما أنها أكبر حجما وأشد تحصينا وتزخر بأسلحة أكثر تقدما من تلك الموجودة في غزة.
وعن الدروس المستفادة من حرب إسرائيل على غزة.
يشير الكاتب إلى أنه لا بد، أولا، من أن تركز أنظمة الاستخبارات التقليدية بشكل أكبر على أنظمة الأنفاق في إيران وكوريا الشمالية التي تخفي البرامج النووية للدولتين. كما أنه لا بد من أن تركز الوسائل التقنية التي تستخدم في مراقبة الهواتف المحمولة والشبكات السيبرانية على ما يحدث في الخفاء.
ويخلص ستافريديس إلى أن حرب الأنفاق “مرعبة”، والاستعداد لمواجهة المزيد منها يشكل عنصرا حاسما في ساحات القتال في القرن الحالي، مضيفا أن من يطلق عليهم “إرهابيين ودولا مارقة” سيفكرون في تطبيق النهج نفسه في القتال من تحت الأرض.