السلام النفسي
تم تصنيف أمراض الكآبة أنها الجاثوم الذي يشتكي منه الكثيرون في وقتنا الحالي. وقصد بها الثلاثي المؤلم الذي يجمع بين القلق والحزن والخوف . كلها إضطربات نفسية تحبس بالشخص في دوامة من الألم .
والحقيقة التي لا يدركها أغلب الناس ؛أن هذه الإضطربات هي أصلية في البناء الإنساني منذ أن كان جنينا في بطن أمه .وذلك لقوله تعالى [إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين ] صدق الله العظيم .
وفي آية أخرى يشير الله عز وجل إلى الضعف كسمة في بني آدم عامة ؛ ويقول الله عز وجل [ يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا] صدق الله العظيم.
في تفسير للآيتين سمعته عن الدكتور راتب النبلسي يقول “أن الضعف والخوف والقلق والهلع سمات موجودة في العامة بالفطرة. ويتخلص منها عن طريق الصلاة لقوله تعالى “إلا” وهي إستثناء للمصلين.
وعليه فالإنسان الذي يصلي ويعاني من هذه الإضطربات ؛ يعاني من خلل في عقيدته ولم يقطف ثمار صلاته. لكون العقيدة تولد اليقين والإيمان في النفس والروح ؛وهما آذات لطرد الهلع والبخل والقلق..فيغدو الشخص واثقا بنفسه ومطمئن لرزقه ومساره وهذا ما نسميه بالتسليم. أن يسلم المرء قدره لله وحدة لقوله تعالى[ ومامن دابة إلا هو آخد بنصيتها إن ربي على صراط مستقيم] . صدق الله العظيم.
مرتبة التسليم هذه التي تحدث عنها ؛تجعل الإنسان مكتفي ومتعلق بالله وحده خالق الكون والمتحكم فيه . فهو يعلم بيقين تام أن لا أحد يسير الكون ويتحكم فيه إلا الله . وكل القوانين الكونية الثابتة والغير التابثة تسير بأمر من الله . إذا أمر بشيء وإن خالف القوانين الكونية ؛وكانت إرادة الله أن يتجلى سيتجلى .سبحان الله هنا تحدث المعجزة .يقول الله تعالى [أم حسب اللذين إجترحوا السيئات أن نجعلهم كاللذين آمنو ا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ]. صدق الله العظيم.
شدة إنتشار الفكر السوداوي والمتشائم ؛صار الإنسان يجلس ويتحدث عن ضعفه وعن آلامه ويشكو ويشتكي لغير الله . ظنا منه آن النفس ترتاح بالشكوى. أو أن التغير بيد الأخرين.
وعليه فالحل للخروج من كآبة الكون ومرارته هو الفرار لله عز وجل ؛والعودة للحقيقة وتدريب النفس على البحث عن الحقيقة ومجالسة الواقعين بعيدا عن الوهم الزائف. والسعي للعمل الصالح .فالعمل الصالح يغير الأقدار ويلطف النفس .ويرتقي بالروح لتسموا وتبتهج.