بقلم: سمير لطفي
في الوقت الذي لم يحدد فيه الحزب الحاكم بكوت ديفوار، “تجمع الهوفويتين للديمقراطية والسلام”، مرشحه القادم بعد، تعمل المعارضة الإيفوارية، التي تسعى إلى توحيد صفوفها، على تعبئة قواعدها وتحسين توضعها في سياق التحضير للانتخابات الرئاسية لسنة 2025.
ويبدو أن أحزاب المعارضة، التي تفتقر إلى رؤية موحدة ومنسجمة وتخوض معركة إعلامية غير مسبوقة، تحاول تحسين موقعها لخوض غمار انتخابات أكتوبر 2025، وذلك عبر تعبئة قواعدها الانتخابية وتشجيع التسجيل المكثف في قوائم الناخبين.
وقد أثارت ردود الفعل المتزايدة من هذه التشكيلات السياسية اهتمام المراقبين، الذين يرون أن هذه الأحزاب “تعاني” من حالة من عدم ارتياح وتعيش حالة من عدم اليقين بسبب افتقارها لرؤية واضحة وموحدة.
ويعزى هذ الوضع أيضا إلى الطموحات الفردية لدى بعض القادة، الأمر الذي قد يلقي بثقله على مردودية هذه التشكيلات الحزبية وقدرتها على التنافس مع الحزب الحاكم في الانتخابات المقبلة.
ويعد الحزب الديمقراطي لكوت ديفوار مثالا واضحا على هذا التنافس الداخلي المحتدم والنشاز، حيث يبقى تيدجان ثيام المرشح الطبيعي لهذا الحزب لرئاسيات 2025، لكن هناك عضوا مؤثرا آخر، هو جان لويس بيلون، الذي يراوده الطموح المشروع ذاته.
ولذلك، يتساءل العديد من المراقبين ما إذا كان هذه المواجهة ستحدث فعلا بين هذين العضوين مع اقتراب الانتخابات، خاصة وأن طموح بيلون ليس بجديد وهو معروف للجميع داخل الحزب الديمقراطي لكوت ديفوار، أقدم تشكيل سياسي في غرب إفريقيا.
ويبدو أن الجبهة الشعبية الإيفوارية، وهي الحزب السابق للوران غباغبو، تبحث بدورها عن إعادة تموضع مريح على الساحة السياسية، حيث أعلنت مؤخرا عن إنهاء اتفاقية الشراكة الموقعة في 2 ماي 2023 مع “تجمع الهوفويتين للديمقراطية والسلام”، والتي كانت تهدف إلى إقامة تحالفات انتخابية والعمل المشترك من أجل المصالحة الوطنية.
وحسب بيان صدر عن اللجنة المركزية للجبهة الشعبية الإيفوارية في 7 شتنبر الجاري، باتت هذه الشراكة مع “تجمع الهوفويتين للديمقراطية والسلام “غير مجدية ومتقادمة”، مضيفا أن الجبهة كانت قد اقترحت عقد ندوة حول المصالحة الوطنية، وهي الدعوة التي لم يستجب لها تجمع الهوفويتين للديمقراطية والسلام.
وفي الواقع، يعود الخلاف بين الحزبين إلى الانتخابات البلدية والجهوية التي جرت في 2 شتنبر 2023، حيث عابت الجبهة الشعبية على “تجمع الهوفويتين للديمقراطية والسلام” عدم الالتزام بالتحالفات، ما أدى إلى فقدان الجبهة الشعبية لرئاسة بلديتين وأيضا المجلس الجهوي لمورونو، الذي شهد هزيمة باسكال آفي نغيسان في معقله الانتخابي.
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم “تجمع الهوفويتين للديمقراطية والسلام” إن الحزب الحاكم أخذ علما بقرار الجبهة الشعبية الإيفوارية، موضحا أن “اتفاق الشراكة” لم يكن ذا تأثير كبير، وملقيا باللوم على باسكال آفي نغيسان لفشله في تنظيم حملته الانتخابية على المستوى المحلي.
وفيما يتعلق بالدعوة من أجل الوحدة التي أطلقها لوران غباغبو، الرئيس الإيفواري السابق ورئيس حزب الشعوب الإفريقية الحالي، في 14 يوليوز في بونو، قالت الجبهة الشعبية الإيفوارية إنها “أخذت علما” وتعتزم تحديد موقفها “في الوقت المناسب”.
وسارع الأمين العام لحزب الشعوب الإفريقية، جان جيرفي تشيدي، إلى الترحيب بفض الشراكة بين الجبهة الشعبية عن “تجمع الهوفويتين للديمقراطية والسلام”. وبعد عقد من العلاقات المتوترة بين آفي نغيسان ولوران غباغبو، يبدو أن رياح المصالحة تهب بين المعسكرين.
ومع ذلك، على الرغم من أن التحالف الذي تم تشكيله في 9 غشت بين أحزاب المعارضة لم يفرز بعد رؤية واضحة لتجديد قائمة الناخبين وفتح حوار سياسي شامل، يواصل “تجمع الهوفويتين للديمقراطية والسلام”، بفضل وضعه المريح وإنجازاته الاقتصادية والاجتماعية، توسيع قاعدته وتعيين منسقيه الرئيسيين على مستوى البلديات المختلفة.
ولا يزال حزب الحسن واتارا في هذه المرحلة يحث أعضائه على الانخراط في العملية الانتخابية والعمل على التواصل المباشر مع السكان، مع الدعوة إلى الوحدة وتقديم مصلحة “تجمع الهوفويتين للديمقراطية والسلام” على أي اعتبارات فردية أو ذاتية.