ما يجري اليوم والبارحة في الفنيدق مهول ومحزن كثيرا، ويحتاج أكثر من دراسة وتحليل، آلاف القاصرين يمشون على الأقدام من دواويرهم ومدنهم البعيدة متجهين نحو المدينة الحدودية مع سبتة المحتلة في منظر يستوجب أن يندى له جبين كل مسؤول مغربي خصوصا أمام المجتمع الأوروبي والدول الغربية التي تراقب الوضع عن كثب وتتساءل عن الاسباب الحقيقية لحالة اليأس العام التي أصبح عليها الشعب المغربي، والتي طالما حذرنا منها بعد انتخابات 2021 والالتفاف على الارادة الشعبية من اجل الدفع بلوبي اقتصادي متوحش أغرق البلاد في الديون والأزمات وقضى على الاخضر واليابس واستنزف كل ما تبقى من ثروات هذا البلد من ماء وسمك ولحوم وخيرات احفورية، وطرد المستثمرين الاجانب وضيق على الوطنيين ليخلو له السوق المغربي ويستفرد بالمواطن الذي حوله الى زبون لا مفر له سوى الرضوخ لأسعاره وجودته المغشوشة في كافة القطاعات وعلى كافة المستويات.
من جانب آخر المناظر التي تصل من الفنيدق كاريكاتوريا مضحكة للغاية، شعب يريد ان يهرب من سطوة الحكومة التي حاصرته في معيشته وضيقت عليه في حريته، وقيدت حقوقه في العدالة القضائية والاجتماعية، شباب وشابات في مقتبل العمر شعارهم المرفوع يقول لقد تركنا لكم الجمل بما حمل لا نريد حقنا في العدل ولا نريد حرية ولا نريد تعليما ولا صحة ولا ثروات ولا ديمقراطية ولا شغل، اتركونا فقط نموت بسلام وحافظوا انتم على امتيازاتكم وشططكم وعيشوا انتم وابناءكم بسلام في وطن لم يضمن حتى الحق في الحياة لأبنائه عسى ان يضمن باقي الحقوق الاجتماعية والاقتصادية:
إنها قمة القمة في حالة اليأس وانعدام الافق التي اوصلتنا اليها حكومة عزيز اخنوش ووهبي ونزار، يأس بلغ حتى اكثر المتفائلين بإمكانية التغيير وهاهي الانتخابات الجزئية تعطي الدليل ان الدولة لازالت مقتنعة بالرهان على هؤلاء التجار ولازالت تعتمد نفس الوسائل في ضرب عين ميكا على نفس ممارسات نهب ارادة الناس باستعمال اموال الكوكا والمحروقات وغيرهم من الاموال الحرام بهدف السطو على المؤسسات المنتخبةk وهو ما يعطي نظرة واضحة عن انتخابات 2026 وما بعدها، بما يعزز حالة الإحباط لدى النخب والأحزاب الجادة وتدفع بها لإغلاق كافة ابواب الأمل وتعود للوراء مكتفية بالفرجة مادام ان هذه هي رغبة الكبار.
لكن بالمقابل هو لعب بالنار، فمن يشاهد مشاهد الشباب وهي ترمي بالحجارة على قوات الأمن المرابطة على شواطئ الفنيدق سيفهم حجم ضريبة هذا الاختيار حيث يبقى رجل الامن وحيدا في مواجهة جحافل اليائسين في حين يتوارى سي عزيز أخنوش ومن اوصله الى الخلف والطائرة الخاصة طبعا على اتم الاستعداد للهروب بعيدا بعد اغراق السفينة بمن عليها.
اتصل بي احد مناضلينا بتطوان يطالبني بضرورة الخروج بفيديو لثني الشباب عن هذه المغامرة، فرددت عليه ببساطة ان اصواتنا تكون مسموعة بين الناس عندما يكون الهدوء اما في الفوضى فلن ينصت الينا احد وعموما يستحسن بنا السكوت الم تكن هذه رغبتهم فليخرج اليوم أخنوش ووهبي وبيتاس ليحدثوا الشباب المغربي عن الوطن الذي لهفوه وسرقوا آماله لعلهم يحدوا من ينصت اليهم او ليتسموا بالشجاعة وينزلوا الى الفنيدق ويحموا رجال الأمن الابطال من ضربات الحجارة التي ربما كانت تستهدف سياساتهم الفاشلة الم يقل الطالبي اضربونا بالحجارة اذا فشلنا فلماذا يتركونها تسقط اليوم على اخوتنا من رجال الأمن والقوات العمومية.
لقد أصبح الامر يفوق قدرة الاحزاب والقيادات في انتاج ورقة او اطروحة سياسة بديلة لانقاذ ما يمكن انقاذه، بل يستوجب تدخلا ملكيا قويا وحازما لوقف هذا النزيف الحاد في منسوب الأمل، واعادة سكة الديمقراطية والحريات الى سكتها الصحيحة ، والقطع النهائي مع كل الممارسات التي اوصلتنا للهروب الجماعي الكبير وحتى لا نستفيق يوما لنجد انفسنا وحيدين في بلد لم يعد صالحا للحياة…