الجماهير الجزائرية تخرب ملعبًا جديدًا وحفيظ دراجي يعلق.. بناء الإنسان قبل تشييد المباني ؟
في مشهد صادم ومتكرر، أقدمت الجماهير الجزائرية على تخريب ملعب “علي عمار” بالدويرة في أول مباراة يستضيفها، في تصرف يعكس فوضى وانعدام التنظيم. وفي الوقت الذي كان من المفترض أن يكون هذا الحدث احتفالًا بتدشين ملعب جديد، تحول إلى مأساة مؤسفة سقطت فيها الأرواح وتضررت الممتلكات.
لم تكن هذه الحادثة مفاجئة بالنسبة للبعض، فالجماهير الجزائرية معروفة بمثل هذه التصرفات من قبل، حيث اعتدت على الفرق المغربية ومنتخب المغرب للصغار في مناسبات سابقة. يبدو أن الاعتداءات والعنف قد أصبحا علامة مسجلة لدى بعض الجماهير الجزائرية.
وعلق المعلق الرياضي المعروف، حفيظ دراجي، بمرارة على ما حدث، مشيرًا إلى أن الاهتمام بتنشئة الإنسان يجب أن يكون أولوية تسبق تشييد المباني والمرافق الرياضية. حيث قال: “إن بناء الملاعب والمرافق يجب أن يرافقه حسن التسيير والتنظيم والتأطير حتى يكتمل المشهد الذي نريده لبلدنا وشعبنا ورياضتنا”. وأضاف دراجي أن ما حدث في ملعب “علي عمار” هو أمر محزن ومؤسف، خصوصًا عندما تسقط الأرواح نتيجة للإهمال والعشوائية.
أثار دراجي نقطة في غاية الأهمية، وهي أن ملاعب الكرة التي تم إنجازها في الجزائر هي منشآت لا يمكن لأي نادٍ أن يديرها أو يصونها بمفرده. إذ يتطلب تنظيم المباريات، بحسب دراجي، ثقافة وترتيبات تبتعد تمامًا عن الصدفة والاستهتار. وهذا بالفعل هو التحدي الأكبر: كيف يمكن لدولة تشييد منشآت رياضية حديثة في غياب الوعي والاحترام لأبسط قواعد التنظيم؟
وبينما يتحدث دراجي عن حسن التسيير والتأطير، يبدو أن المشهد في الجزائر يسير عكس هذا الاتجاه. فبدلاً من الافتخار بإنجازات جديدة، نرى جماهير تهدم بأيديها ما تم بناؤه بجهد ومال. وكأنهم يقولون للعالم: “نحن نعرف كيف نبني، ولكننا لا نعرف كيف نحافظ.”
قد يكون من المثير للسخرية أن نجد أنفسنا نتحدث عن إنشاء ملاعب كبرى في بلد ما زال يعاني من سوء التسيير والتنظيم، وكأن الأولوية هي للمظهر على حساب الجوهر. فماذا يجدي بناء الملاعب الحديثة إذا كانت الجماهير تتصرف وكأنها في حرب؟ وأي فائدة من التفاخر بمنشآت ضخمة إذا كانت الثقافة الرياضية غائبة؟
أخيرًا، لا يمكننا إلا أن نتساءل: هل كان على السلطات الجزائرية أن تستثمر في تنشئة إنسان واعٍ قبل أن تستثمر في بناء الحجر؟