بقلم: محمد سالم عبد الفتاح
تخوض المجموعة الأزوادية المقيمة بمخيمات تيندوف حراكا مناوئا لسياسات البوليساريو العنصرية التي تستهدفهم، حيث ينخرطون في تجمعات احتجاجية، ويسجلون الشهادات الصوتية عبر وسائط الإتصال حول مظاهر التهميش والإقصاء التي يقاسونها بتيندوف رغم المعاناة والتضحيات الجسيمة التي قدموها في صفوف الجبهة منذ أن استنجدت بهم القيادة وجمعت فئاما كبيرة منهم في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي..
تحكي عديد الشهادات المسجلة من طرف نشطاء في حراك الأزواديين المقيمين في مخيمات تيندوف تفاصيل إتصال قيادة البوليساريو بالمجموعات القبلية بشمال مالي، ومحاولات التأطير التي عكفت عليها الجبهة في تلك المناطق منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث يشيرون على وجه الخصوص إلى الجولة التي قام بها الولي مصطفى السيد مرفوقا ببعض القيادات الأخرى، وكيف لعبوا على وتر الحس الشوفيني لدى مجتمع البيظان، إضافة إلى تقديم الوعود بتقاسم غنيمة “التحرير” وإشراكهم في قرار الجبهة..لكن الأزواديين المقيمين بمخيمات تيندوف وكغيرهم من الأقليات والمجموعات القبلية والعرقية التي تم تجميعها في تلك المخيمات من امتدادات المجتع الصحراوي ومن البيظان قاطبة في بقية أقاليم المغرب، تيندوف، موريتانيا وأزواد بشمال مالي…، سرعان ما صدموا بحقيقة الجبهة العنصرية، فعانوا ولا يزالون يعانون من الإستهداف بناء على أصولهم وانتماءاتهم القبلية والمناطقية، حيث زج بالكثير من في سجون الجبهة السرية، وتم التضحية بهم في حرب “التحرير” المزعومة، عبر الزج بهم في الجبهات الأمامية، ليلقى الكثير منهم حتفه ما بين الإغتيالات في المعتقلات أو في العمليات العسكرية، في حين لا يزالون يقاسون التهميش خارج المحاصصة القبلية التي تقتسم من خلالها قيادة الجبهة كعكعة السلطة الوهمة باللجوء والمنافع واالإغتناء المترتب عنها، لكن الأدهى بالنسبة لأزواديي المخيمات هو مرارة خيبة الأمل ونكران الجميل الذي يجابهون به من طرف القيادة..حراك الأزواديين بمخيمات تيندوف يفضح إذن الطبيعة العنصرية لمشروع البوليساريو الإقصائي والإستئصالي في حق المكونات العرقية والمناطقية، والتي عكفت عليها قيادة الجبهة برعاية من الأجهزة الأمنية الجزائرية، حيث استهدفت جل المجموعات القبلية سواء المستقدمة من الصحراء أو أو من امتدادات مجتمع البيظان في بلدان الجوار، لكنه يكشف أيضا عن طبيعة التأطير العرقي والقبلي الذي عكفت عليه البوليساريو في محاولاتها لتغيير الخارطة الديمغرافية في الإقليم عبر تجميع عناصرها من مناطق لا علاقة بالإقليم محل النزاع، عبر توظيف العصبيات القبلية والشوفينية في محاولة لادعاء تمثيل مزعوم لسكان الإقليم زورا وبهتانا عبر تزوير هويات جزء كبير من قاطني مخيمات تيندوف وادعاء انتماءهم للصحراء..تفاصيل تفسر سياقات تعثر مشروع الاستفتاء في الإقليم إبان تسعينيات القرن الماضي على إثر فشل عملية تحديد الهوية بسبب تمييع مفهوم الإنتماء لدى الجبهة بخميمات تيندوف، كما يوضح أيضا أسباب رفض البوليساريو للمطاب الأممي المعبر بخصوص ضرورة إحصاء ساكنة المخيمات..يبقى أزواديو مخيمات تيندوف كغيرهم من المنتمين للأقليات والمجموعات القبلية التي تم تجميعها من مختلف بلدان المنطقة ضحية لإجرام البوليساريو، حيث أخرجوا جميعهم من بيئة الإجتماعية الطبيعية، وهجروا إلى جحيم الحمادة بتيندوف، ليفقدوا بذلك مواطنتهم من مناطقهم الأصلية وتضيع الحقوق المترتبة عنها، دون أن يجدوا أيا من الوعود التي تم تقديمها لهم من طرف قيادة الجبهة، ما عدى مجموعات ضيقة من العناصر التي انخرطت في المنظومة الأمنية للجبهة وفي مشروعها العنصري والإستئصالي بناء على المعطى القبلي، ليظل غالبية المستقدمين مجرد أرقام لنفخ أعداد قاطني المخيمات وورقة إنسانية يتم توظيفها لأجل استقطاب اهتمام المجتمع الدولي ووسيلة لتجميع المساعدات والمتاجرة فيها.