أولا وقبل كل شيء يجب أن تعرفي يا “بيرنيس صوفيا” أن خريطة المغرب لا يمكن لك التحكم فيها ولا في إمتدادها ، لا أنت ولا أي أحد سواء من الجزائريين أو غيرهم ، وهي تشمل صحراءه الجنوبية الأطلسية الممتدة إلى الحدود الموريتانية . والمغرب يبسط سيادته على أطراف المملكة من شمالها بطنجة إلى أقصى جنوبها في الكويرة .
وبمقتضى ممارسة سيادته على كل التراب الوطني المغربي ، يستغل المغرب ما تم أكتشافه حتى الآن في صحرائه من ثروات ، وما يتم إستغلاله الآن وفي المستقبل القرين من أراضي زراعية وإمكانيات فلاحية المتمثلة في ما يملكه الفلاحون من ماشية تتصدرها قطعان الإبل التي أصبحت تزود السكان بحليبها . والإمكانيات الزراعية توجد خصوصا في إقليم وادي الذهب . ويتم كل ذلك إلى جانب التحكم في إستغلال ثروات شواطئه البحرية الطويلة على المحيط الأطلسي ، وله تعاقدات مع الدول لممارسة الصيد في هذه الشواطئ . ويتم اليوم تصنيع الثروات البحرية في معامل في مدينتي الداخلة والعيون ، وبمآت الآلاف من الأطنان سنويا
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى يجب عليك وعلى كل من يتباهى بامتداد رقعة بلادهم ، أن يدركوا أن العبرة مما للدول من مكانة ومن نفوذ ومن تقدم ، لا تقاس باتساع رقعة الدول ، بل بما تملك من قوى بشرية مكونة علميا ومعرفة ، وبما يملكه أبناؤها من مهارة مهنية . وتقاس أيضا بما تنتجه بسواعد أبنائها وبما تبدعه عقولهم ، وبما يملكون من معرفة تمكنهم من إستغلال ثرواتها المادية وغير المادية ، وبقدرتهم على تدبير شؤون الدولة بما يتطلبه من حنكة ونزاهة وحكمة ، وتقاس مكانة الدول أيضا بقدرة قادتها على التحكم في دواليب الدولة . كما تتوقف مكانة الدولة على قدرتها على التعايش مع محيطها الإقليمي ومجالها الدولي ، وعلى إقامة تعاون مع الأقطار المجاورة .
إن تقديم مقارنة بين مساحة ولاية تمنراست الجزائرية مع مساحة المغرب لا يستقيم مطلقا . وإذا ما حاولت فقط مقارنة الأهمية الإقتصادية للصحراء المغربية بأهمية تمنراست الإقتصادية ، فستخجلين مما توجد عليه تمنراست مقارنة بما وصلت إليه الصحراء المغربية ، من تقدم عمراني ومن توسع مستمر في الميدانين الصناعي والسياحي وغيرهما من الميادين . ولن نتحدث عما ستعرفه الصحراء من تطور في المستقبل المنظور مع ما يجري تشييده حاليا ، وسيشمل هذا التطور مختلف مرافق الحياة والنشاط في مدن الصحراء وقراها ، وفي مختلف ربوعها .