درس في “فن التعايش مع الذل”-صنع في الجزائر!
بعد نهاية العرض المثير المعروف بـ”الانتخابات الرئاسية الجزائرية”، ومع فوز تبون العظيم، ، عادت الجزائر إلى فصل جديد من مسلسلها الطويل “عشق الذل”
المواطن الجزائري العظيم، ولعله من أكثر شعوب الأرض صبراً وحباً للأوقات الصعبة، هو الذي عاش لقرون دون أن يزعجه أحد. فكما تعلمون، الأتراك والفرنسيون ضيوفٌ أعزاء على الجزائر لسبع قرون! نعم، سبع قرون من “الضيافة”، ولا أحد فكر في “إزعاج” الضيوف بتلك الثورة المزعجة، فالثورات متعبة وغير ضرورية عندما يمكنك الاستمتاع بالهدوء والسكينة!
واليوم، يعيش الشعب الجزائري حالة من الذل، ليست مجرد ذل عادي يا جماعة، إنه ذل فاخر، ذل يمكن تعليمه لأعظم وأصغر دول العالم. فالجميع يمكنه أن يتعلم كيف يتعايش مع حكام الجنرالات ويستمتع بكل دقيقة!
في عام 2019، قرر بعض المواطنين الشجعان أن يقوموا بشيء “غريب”، ألا وهو الاحتجاج. نعم، تصرف غير مسبوق! لكن ولأنهم يحبون الذل، قرر بعضهم العودة إلى حياتهم المعتادة، وكأن شيئاً لم يحدث. فالحرية قد تكون جميلة، لكن دعونا نكن واقعيين لان الذل أكثر راحة!
بعض المواطنين، رغم كل شيء، يحبون الذهاب إلى باب المسؤولين ليس للعيش معهم، بل فقط ليطلبوا لقمة العيش أو حتى سعراً لبيع أصواتهم في الانتخابات القادمة.
والأحزاب؟ الأحزاب في الجزائر تشبه الثعالب في غابة. تراهم يتحدثون عن شيء ويفعلون شيئًا آخر، مثلما تشاهد مسرحية قديمة تستمر لسنوات، لكن الجمهور المسكين يتابعها بلا كلل!
ثم جاءت نزهة 2019، وأشعلت الآمال ليوم أو يومين، لكن سرعان ما تراجع الشعب وعاد إلى حب الذل. فكما يقولون:
من ترك الذل يوماً، سيعود إليه حتماً فالذل هو كالقهوة صباحاً، لا يمكن أن تبدأ يومك بدونه!
ثم جاءت الجائحة العظيمة، كورونا، وقررت أن تكون قنبلة التعاسة الموقوتة، فاختفت المطالب كما اختفت الأقنعة من الأسواق! وهل ننسى الغلاء الذي “أنقذ” الجزائر من غرفة الإنعاش؟ لكن الحمد لله، ارتفعت أسعار المحروقات، فعاد المواطن ليشرب قهوته الصباحية مع قليل من الأمل.
وفي النهاية، عزيزي القارئ، الجزائر أرض الذكريات الجميلة، حيث يمكنك الوقوف في طابور لساعات، وتحلم بحقنة سميد أو قنينة زيت. وفي لحظة تصيبك الكآبة، تذكر دائمًا شعارك المفضل: “نعشق الذل ويحيا عمي تبون وعمي شنقريحة”.
—